نازحات تستقبلن الشتاء بخيام مهترئة
مآسي إنسانية كارثية تتجدد كل عام في مخيمات إدلب مع حلول فصل الشتاء، جراء غلاء أسعار مواد التدفئة واهتراء معظم الخيام.
لينا الخطيب
إدلب ـ نازحات مخيمات إدلب تعشن حالة من الخوف والقلق مع حلول فصل الشتاء لعدم امتلاكهن أبسط المقومات التي تساعدهن على مواجهة ظروف الشتاء القاسية وسط تقاعس المنظمات الإنسانية عن تقديم المساعدات.
يعود فصل الشتاء على نازحات في مخيمات إدلب، وهن تسكن مع أسرهن في خيام مهترئة وبالية وغير مهيأة لتحمل البرد القارس والأمطار الغزيرة، إضافة لنقص التدفئة والغذاء والمياه الصالحة للشرب.
تنشغل عائشة العدنان (51 عاماً) النازحة من مدينة معرة النعمان منذ أربع سنوات، بحياكة خيمتها وترقيعها، وشد قماشها قبل حلول برد الشتاء، وعن ذلك تقول "لم أتمكن من استبدال الخيمة هذا العام رغم اهترائها بسبب فقر الحال وقلة المساعدات الإنسانية، لذا أحاول أن أجد حلولاً بأقل التكاليف".
وتتخوف عائشة العدنان من تكرار معاناة الشتاء الماضي حيث تسربت مياه الأمطار والثلوج إلى خيمتها أكثر من مرة "كان وضعاً مأساوياً، ففي إحدى الليالي بللت مياه الأمطار التي تسربت لداخل الخيمة الفرش والأغطية، لذا أجبرنا على قضاء الليل في المسجد احتماءً من الأمطار الغزيرة".
وتعتمد في معيشتها على عمل ابنها في مخبز قريب من المخيم، بأجر يومي زهيد، بالكاد يؤمن احتياجات الأسرة "نحاول أن نقتصد بالنفقات لفقر حالنا، لأن المساعدات شحيحة، لا تتعدى سلة إغاثية كل ثلاثة أشهر".
وكسابقتها لم تتمكن كتيبة زريق (39 عاماً) النازحة من ريف حماة إلى مخيم كفرلوسين شمالي إدلب، من استبدال الخيمة التي اهترأت من أشعة الشمس خلال فصل الصيف، فقررت دعم خيمتها بالأغطية والنايلون هذا العام لعلها تصمد في وجه البرد الذي بات على الأبواب "ينقصنا في هذا المخيم كل شيء، فنحن لا نحصل على أي مواد للتدفئة أو ملابس أو طعام كاف، وكل ما يصلنا لا يسد الرمق سوى لأيام قليلة".
وناشدت كتيبة زريق المنظمات الإنسانية لتقديم مواد التدفئة للنازحين، والسعي لاستبدال الخيام بكرفانات أو منازل مصنوعة من الإسمنت، لأن الخيام لم تعد قادرة على إيواء قاطنيها.
كما أثر الارتفاع الكبير في أسعار المازوت وحطب التدفئة على أوضاع النازحين، ودفعهم للجوء إلى جمع النفايات البلاستيكية من الطرقات وحاويات القمامة بهدف حرقها ومواجهة برد الشتاء.
وتقول رائدة الجدوع (32عاماً) النازحة من ريف حلب إلى مخيم معرة مصرين شمالي إدلب، التي تجمع النفايات والأعواد بمساعدة أبنائها "ليس بمقدورنا شراء وسائل التدفئة الغالية الثمن، لذا أجمع مع أولادي الأغصان اليابسة وعلب الكرتون وأكياس النايلون، والملابس المهترئة، وكل ما هو قابل للاشتعال لأن الخيمة لا ترد عنا البرد ولا المطر".
وأشارت إلى أن أولادها عانوا خلال الشتاء الماضي من الأمراض جراء البرد الشديد "يشكل فصل الشتاء الهاجس الأكبر لدى النازحين الذين تسوء أوضاعهم بشكل كبير، بسبب البرودة الشديدة، بالإضافة للأوضاع الصعبة التي يعيشونها وافتقارهم لأدنى مستلزمات التدفئة، حتى باتوا عاجزين عن معرفة ما يمكنهم القيام به لمواجهة الأجواء الباردة".
وأدى انخفاض درجات الحرارة خلال الشتاء الماضي في حدوث وفيات نتيجة البرد، إضافة إلى الحرائق في المخيمات نتيجة استخدام مواد تدفئة غير صالحة في الوقت الذي ارتفعت فيه أسعارها.