نازحات الجنوب اللبناني... معاناتهن تتفاقم مع حلول الشتاء

يتسبب النزوح بمعاناة إنسانية كبيرة خاصة في الحالات التي تطول مدتها وتدفع النساء ثماناً باهظة لا يمكن لأحد أن يدرك تفاصيلها إلا من خاض التجربة.

فاديا جمعة

بيروت ـ ارتفع عدد النازحين من القرى الجنوبية بلبنان في ظل القصف الإسرائيلي المستمر، ليصل عددهم إلى أكثر من 72436 نازحاً، غالبيتهم قصدوا مناطق جنوبية أكثر أماناً، والنسبة الأعلى اتجهوا إلى مدينة صور والبلدات المجاورة وبحسب وحدة إدارة الكوارث في اتحاد بلديات صور وصل العدد المسجل لديها إلى 22317 نازح من اجمالي عدد العائلات التي وصل عددها إلى 5133 عائلة غالبيتهم من النساء والأطفال توزعوا في وحدات سكنية ومراكز إيواء.

تتفاقم معاناة النازحات وأطفالهن مع قدوم الشتاء والبرد وانعدام التدفئة والكهرباء وارتفاع أسعار المازوت وانقطاع المياه وشح الخدمات الاجتماعية المقدمة، وسط أزمة اقتصادية خانقة، ولمعرفة أوضاع النازحات قصدنا أحد مراكز الإيواء في مدينة "صور" والتقينا عدة نازحات من القرى الجنوبية التي تتعرض للقصف الإسرائيلي.

 

 احتياجات تفوق التقديمات

إيناس نايف طحيني من بلدة "عيتا الشعب" جنوب لبنان، أم لثلاثة أطفال أكبرهم يبلغ من العمر خمس سنوات، قالت "نزحت من قريتي مع بدء الحرب منذ ما يناهز ثلاثة أشهر إلى إحدى المدارس الرسمية في مدينة "صور"، وتم تقديم بعض المساعدات لنا لكن احتياجاتنا تفوق ما تم تقديمه".

وأوضحت "مع قدوم فصل الشتاء نحتاج إلى مواد التدفئة والمحروقات لتشغيل الكهرباء عبر المولدات، كما أن أطفالنا حرموا من إكمال عامهم الدراسي، حتى هنا لا يمكنهم إكمال تعليهم عبر الزوم فلا يتوفر انترنت في المكان الذي نقطن فيه، فيضطر البعض منهم لقطع مسافات طويلة في ظل البرد للحصول على انترنت مجاني فنحن نعيش أوضاعنا اقتصادية متردية"، متمنية العودة إلى بلدتها، لكنها تقول والحزن يغلب محياها أن بيتها تدمر نتيجة تعرضه للقصف منذ فترة قصيرة.

 

 

"قرصنا البرد"

ومن جانبها قالت سهام عقل حمود "نزحت من بلدتي بيت ليف أقمت مع عائلتي في البداية لمدة سبعة عشر يوماً في بلدة برج رحال قبل انتقالنا منذ ما يقارب الشهر إلى المدرسة الرسمية في مدينة "صور".

وأوضحت أنهم سبعة أشخاص يعيشون في غرفة واحدة واحياناً يصل العدد إلى 12 شخص في غرفة واحدة "نعاني من أوضاع متردية من ناحية الاحتياجات اليومية لتحضير الطعام وتجهيزات التدفئة مع قدوم فصل الشتاء، قائلة "قرصنا البرد" فالخدمات التي يتم تقديمها لنا غير كافية ولا تغطي احتياجاتنا من أغطية شتوية ولا يتوفر لدينا وسائل تدفئة تقينا برد الشتاء، حتى المراحيض غير كافية ونحن ننتظر دورنا لقضاء حاجتنا والاستحمام".

وبينت "نعيش ظروف صعبة هنا، أجبرنا على النزوح بسبب الحرب وخسرنا مواسم الزيتون والتين التي كنا نعتمد عليها، كنت أعيل نفسي من العمل فيها والآن توقف عملي ولا مدخول أعيش منه"، وبينت أن الصامدين في القرى التي تتعرض للقصف يعانون أيضاً ويدفعون حياتهم ثمناً للحرب "توفي اثنان من أبنائنا".

وأشارت إلى أن ابنتها لديها وضع صحي خاص فهي تعاني من مشاكل نفسية وعصبية ودخلت إلى المستشفى مرات عدة للعلاج "تنتابها نوبات عصبية متكررة وهي من دفعتني للنزوح فأنا لست خائفة من الحرب مازال لي ولدين وعائلاتهم صامدين في البلدة واضطررت أن انزح مع أولادي الستة وعائلاتهم وتوزعنا بين مدينتي صور وبيروت".

 

 

ثلاث عائلات في غرفة

زينب علي نصرالله من بلدة بيت ليف قالت "تهجرنا إلى مدينة صور مع بدء الحرب وقصدنا المدرسة الرسمية حيث خصص لي ولأولادي وعائلاتهم غرفة نتشاركها مما يعني أننا ثلاث عائلات نتشارك نفس الغرفة".

وأضافت أحفادي أطفال دون الخمس سنوات بعضهم رضع لم يتوفر لهم الحليب اللازم مما تسبب لهم بمشاكل صحية ولا يوجد تدفئة في الغرف ولا كهرباء ولا مياه ساخنة، كما أنه علينا الانتظار طويلاً لنتمكن من دخول المراحيض والاستحمام.

وأوضحت أنه "لم يعد بمقدور أولادنا متابعة دراستهم فثلاثة من بناتي هم في الجامعات وتوقفوا قصراً عن دراستهم بسبب الحرب وتردي الأوضاع الاقتصادية والكثير من الأطفال هنا لم يلتحقوا بالمدارس ولم يتابعوا الدراسة عن بعد بسبب عدم توفر الانترنت".

 

 

"نعاني كثيراً"

زينب صالح أرملة وأم لخمسة أيتام صغار نزحت ووالديها من بلدة عيتا الشعب إلى المدرسة الرسمية في مدينة صور، تتشارك معهم ومع أشقائها الخمسة وشقيقتها وأولادها الغرفة نفسها "نعاني هنا كثيراً بسبب عدم وجود حمامات كافية والمياه والكهرباء والمازوت لنتمكن من الاستحمام وتدفئة الغرف التي نقطنها في المدرسة مع قدوم فصل الشتاء".