ناشطة نسوية تسعى للنهوض بأوضاع النساء في المناطق المهمشة

تحدت الناشطة النسوية عزيزة سالم كافة الصعوبات والعوائق التي حالت دون وصولها إلى الخدمات، واستطاعت أن تؤسس جمعية "نبراس" في منطقة حكر الجامع بغزة، بهدف النهوض بمستوى وعي النساء في المناطقة الريفية وتمهيد الطريق أمامهن.

رفيف اسليم

غزة ـ تعاني المرأة الفلسطينية القاطنة في المناطق الريفية من ضعف وصول الخدمات لديها ففي الوقت الذي تفتح فيه المؤسسات النسوية أبوابها لاستقبال النساء هناك مجموعة كبيرة منهن لا تعلمن بوجودها، لكن عزيزة سالم استطاعت الوصول لتلك الخدمات لمساعدة نفسها وعشرات النساء وتعرفت على القضايا المختلفة المتعلقة بالنساء، ومن ثم أسست جمعيتها الخاصة بإحدى تلك المناطق الأكثر اكتظاظاً بالسكان.

تعمل عزيزة سالم كناشطة نسوية واجتماعية منذ أكثر من 27 عاماً، حاصدة عدة مناصب إدارية لمؤسسات مختلفة تُعنى بمساعدة النساء وتسهيل وصول الخدمات لهن، وقالت عزيزة سالم لوكالتنا إنها لم تنهي تعليمها الجامعي لكنها آمنت بأهمية العمل الاجتماعي وانطلقت عبره، فكانت عون لعشرات النساء في تخطي أزماتهن.

وعن سبب انخراطها في هذا المجال، أشارت عزيزة سالم إلى أنها ولدت في منطقة مهمشة لعائلة بدوية تحكمها عادات وتقاليد القبيلة، وعانت من عدة مشكلات لكنها لم تتمكن من الوصول للخدمات التي تؤهلها لاجتيازها كالتمكين الاقتصادي والرعاية النفسية والتوعية الحقوقية، فكانت تسير على أقدامها آلاف الأميال كي تحصل على معلومة، لذلك قررت حينها مساعدة كافة نساء منطقتها.

وحصلت على العديد من الدورات التوعوية، حتى نالت فرصة أن تكون منسقة مشروع بعنوان "نهج من طفل إلى طفل"، وحققت فيه إنجاز مهم لتحصد خبرة في إدارة المشاريع، كما تلقت عدة تدريبات في مجال الجندر والنوع الاجتماعي، والاتصال والتواصل، وكتابة المشاريع، والتقارير الإدارية والمالية للمؤسسات، وكيفية التواصل مع المانحين واقناعهم بالمشروع.

وانتقلت عزيزة سالم، من مرحلة الحصول على التدريب، إلى مرحلة أن تكون مدربة في العديد من المجالات، وهذا ما جعل لها أثر على نساء المنطقة، خاصة الفتيات اللواتي أقنعتهن بأهمية مواصلة تعليمهن، والنساء اللواتي تعرفن على مفهوم المشاركة السياسية للمرأة، مشيرةً إلى أنه خلال تلك الفترة جمعت بين العمل المجتمعي والزراعي لتستطيع الانفاق على عائلتها.

وقد قدمت عزيزة سالم، لنساء منطقتها حكر الجامع مختلف الخدمات سواء الاجتماعية أو الثقافية أو الإغاثية والتنموية، وطورتها مع مرور السنوات عبر تأسيس جمعية "نبراس" التي سعت منذ اللحظة الأولى من إنشائها في تحقيق التمكين الاقتصادي للنساء عبر تعليمهن المهن اليدوية والتراثية المختلفة، إضافة لتوفير فرص عمل بالمشاريع الصغيرة، لافتةً إلى أن غالبية النساء في منطقتها هن معيلات لأسرهن ومسؤولات بالدرجة الأولى على توفير المأكل والمشرب لأطفالهن.

وبينت أنه ونتيجة للورشات التوعوية التي قدمتها الجمعية قد انخفضت نسب العنف بشكل ملحوظ كون النساء أصبحن تدركن جيداً حقوقهن وواجباتهن، كما غيرت من نظرة المجتمع تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة، ففي السابق من كان لديه فتاة ذات إعاقة يقفل عليها الغرفة ولا يخرجها لترى النور كما أنهم لا يفصحون عن أمر وجودها وكأنها جريمة، بينما في الوقت الحالي تُرسل تلك الفتيات إلى الجمعية لتلقي الدعم النفسي والتمكين الاقتصادي.

وأوضحت عزيزة سالم، أنها اضطرت لتغيير مكان الجمعية من حكر الجامع لوسط مدينة دير البلح كي تستقطب عدد أكبر من النساء اللواتي يقطن المناطق المهمشة المجاورة، لافتة إلى أنها قد سعت خلال التدريبات لتبسيط الكثير من المصطلحات التي لم تكن تعرفها تلك النساء، ليصبح الفهم والتواصل أكبر كون المرأة هناك لم تحظى بفرص تعليم مناسبة.

وأشارت إلى أنها ركزت على توضيح مفهوم المشاركة السياسية التي تبدأ من حضورهن الورشات التدريبية وحتى مشاركتهن في اختيار من يمثلهن وصولاً لمطالبة الأحزاب بإشراكهن في مواقع اتخاذ القرار، مضيفةً أنها في بداية تأسيس الجمعية لم يكن إقبال النساء كما هو عليه اليوم بل كان العدد قليل، إلى أن بدأت النساء أنفسهن تتحدث لبعضهن البعض عن أهمية المشاركة بالأنشطة.

وقد شاركت عزيزة سالم، في عشرات الحملات والوقفات التضامنية الهادفة لرفع الظلم عن النساء وإنهاء العنف بكافة أشكاله والضغط على صناع القرار لتغيير القوانين وتحسين واقع النساء والفتيات في قطاع غزة، ناصحة كافة الفتيات إلى أهمية إكمال تعليمهن والسعي بشكل مستمر لتطوير ذاتهن كي يتمكن من خلق حياة آمنة لهن.