ناشطات: معاناة المرأة التونسية مضاعفة في المناطق الداخلية
تعتبر معاناة المرأة التونسية في المناطق الداخلية مضاعفة مقارنة بنساء المدن بسبب ارتفاع نسبة البطالة والفقر وتغلغل العقلية الذكورية.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ تفاقمت معاناة المرأة التونسية في السنوات الأخيرة وتفشى العنف المسلط ضدها وارتفعت نسبة الفقر وتزايد حجم البطالة في صفوفها، إلا أنها في المناطق الداخلية وخاصة في الأرياف تعيش كل هذه المعاناة بشكل مضاعف.
للتعرف على معاناة هذه الشريحة الهامة من النساء في تونس والموزعات على مختلف الجهات باختلاف الجغرافيا والعادات والتقاليد التقت وكالتنا مع اتحاديات بالجهات على هامش المؤتمر الخامس عشر للاتحاد الوطني للمرأة التونسية الذي التأم خلال اليومين الماضيين.
فرص تسويق ضعيفة
قالت النائبة الجهوية للاتحاد الوطني للمرأة التونسية عن محافظة جندوبة ليلى اللموشي بأن حال المرأة في المدينة، لا يختلف كثيراً عن حال النساء في المحافظات الأخرى لكن التحديات الاقتصادية والاجتماعية أكبر بكثير، كما أن الخدمات الصحية في تراجع على جميع المستويات.
وأوضحت أن فرص التسويق في جندوبة ضعيفة وعند الخروج من المدينة والتوجه إلى المناطق الريفية والمناطق المستعصية بسبب تضاريسها فإن المصاعب تتزايد.
وأشارت إلى أن النيابة الجهوية للاتحاد تقوم بمحاولات تأطير والتدريب على مهارات جديدة لكن تصطدم دائماً بضآلة الفرص وعدم ارتباطها بسوق العمل.
وبينت أن المرأة في جندوبة تعاني من ارتفاع نسب العنف المسلط ضدها لذلك افتتح الاتحاد مركز إيواء وانصات وتوجيه للمرأة المعنفة ويعمل على متابعتها نفسياً وتوجيهها لمراكز التدريب وإدراجها في إدارة المشاريع.
وقالت "نحن لا نعمل فقط على قضايا المرأة وإنما العائلة بأكملها، حيث قمنا مؤخراً بافتتاح مركز لتدريب الفتيان بمعتمدية فرنانة على الحلاقة وفنون التجميل وسيتم تعميمه على بقية الجهات، كما أننا نعمل على تأطير المرأة في النشاط الفلاحي".
معاناة البطالة
وبدورها قالت الكاتبة العامة للنيابة الجهوية بمحافظة توزر دلال شيحاوي أن المرأة تعاني من البطالة التي تزايدت بسبب تضرر الأوضاع الاقتصادية بعد الثورة وخاصة السياحة التي كانت تشغّل نسبة هامة من اليد العاملة النسائية، بالإضافة إلى معاناتها من العنف الاقتصادي جراء استفحال البطالة وانسداد الآفاق خاصة أمام أصحاب الشهادات العليا، فهي لم تعد قادرة على سد الاحتياجات الاساسية للأسرة.
وعن دور الاتحاد في تذليل الصعوبات أكدت أنه "بالرغم من الإمكانيات البسيطة إلا أنه قمنا بتحسين المقرات، فلدينا 6 مراكز تدريب على الخياطة والحلاقة والحلويات ونصل إلى حدود 70 متدربة بكل مركز ويصل عدد الخريجات في كل دورة إلى 200 امرأة ويمكن لكل منهن العمل في مجال تدريبهن".
نسب العنف في ارتفاع
وقالت النائبة الجهوية للاتحاد الوطني للمرأة التونسية بمحافظة القصرين فاطمة الزهراء مولاهي "مشاكل المرأة في القصرين وهمومها ومعاناتها هي نفسها في العاصمة وفي الجهات الأخرى ولكن توجد بعض الاختلافات في جهتنا، فنحن نعاني من البطالة وانعدام فرص العمل، وإن وجدت تكون الأعمال هشة والفقر وغلاء المعيشة".
وأوضحت أن ما يعانيه المجتمع تعاني منه المرأة بشكل مضاعف لأنها مسؤولة عن المنزل والأطفال وهي مسؤوليات ألقاها عليها المجتمع، فكلما كانت هناك أزمة اقتصادية وعنف فإن المرأة تعاني الضعف، مشيرةً إلى أن تزايد نسبة الفقر بمحافظة القصرين بعد الثورة وعدم وجود مؤسسات اقتصادية سياحية وغلاء الأسعار كلها عوامل زادت من نسبة الفقر.
وحول دور الاتحاد بالجهة قالت "نحن نؤمن أكثر بالتمكين الاقتصادي للمرأة لأن الاستقلالية الاقتصادية ضامن قوي للمرأة لتعيش وتساهم في تربية أطفالها وتحافظ على كرامتها، لذلك تم التدريب على عدة اختصاصات مقابل أجر رمزي للتأمين، ومن خلال هذا التدريب يمكنها الحصول على قرض لفتح مشاريع صغيرة تحقق من خلالها استقلالها المادي".
وأشارت إلى أن النساء تتواجدن بنسبة 80 بالمائة في الحقول دون نقل آمن وتغطية اجتماعية، كما أنهن تعانين من صعوبات عدة "هناك من تعمل في الفلاحة وهي لم تبلغ من العمر 9 سنوات، وهناك من يتجه زوجها إلى المقهى وهي تعمل لتعطيه بعد ذلك المقابل المادي الذي حصلت عليه".
وحول مطالب النيابة الجهوية أكدت على أهمية تفعيل القانون عدد 58 لأن العنف المسلط ضد المرأة استشرى وأصبح أكثر بشاعة، مخلفاً العديد من الأثار السلبية على الأبناء.
وشددت على أهمية زيادة عدد مراكز الإيواء، لأن هناك زيادة كبيرة في عدد ضحايا العنف الزوجي، فالعقلية الذكورية لا تزال متغلغلة بشكل كبير في الجهة.
وأوضحت أن تفعيل القانون فقط لا يمكن أن يحقق النتيجة المرجوة، لابد من العمل على تغيير العقليات خاصة بالمؤسسات التربوية مع ضرورة تغيير المناهج والكتب التي تتحدث عن الرجل الذي يقرأ الجريدة والمرأة تدخل المطبخ بعد عودتهما من العمل.
وترى أن تغيير العقلية الذكورية أصعب بكثير من تفعيل القانون وهنا يجب أن تتدخل الحكومة لتغيير العقليات فضلاً عن دور المجتمع المدني ودور الإعلام الذي اعتبرته مقصراً في هذا المجال.