ناجية من الزلزال تتحدث عن معاناتهن بعد الكارثة

أوضحت الناجية من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا في الـ 6 شباط/فبراير، وخلف عشرات الآلاف من القتلى والجرحى، أن المساعدات لم تصل للناجين إلا بعد ثلاثة أيام، في ظل البرد القارس.

رفيف اسليم

غزة ـ عانت الناجيات من الزلزال الذي ضرب تركيا وسوريا مؤخراً من عدة إصابات بعضها جسدية وأخرى نفسية بقيت مصاحبة لهن، بسبب مرافقة ذلك النجاة مشاهد العالقين تحت الركام وغياب الرعاية الطبية والمأوى اللازم لأيام عدة خلال الكارثة.

تروي الشابة حياة أبو عيادة التي هاجرت من قطاع غزة للعمل أحداث الزلزال التي عايشتها في مدينة غازي عنتاب بشمال كردستان "كانت الساعة تشير للرابعة فجراً عندما شعرت بهزات بسيطة في البداية، فظننت أنها ستنتهي بعد مرور دقائق معدودة لكن ما أثار رعبي أن الثريا بدأت تهتز بقوة، فما أن وقفت على قدمي حتى شعرت أن الأرض تسحبني تارة لليمين وأخرى للشمال وبقيت هكذا لعشرة دقائق".

وأوضحت أنه مع تلك الهزات بدأت مقتنيات المطبخ تدفع الرفوف وتتساقط أرضاً مصدرة صوتاً مرعباً برفقة الرائحة الغربية التي ربما كانت صادرة عن احتكاك الباطون أو تعطل بعض شبكات الكهرباء الأمر الذي جعلها تشعر باختناق حاد سيطر عليها ومنعها من التنفس، لتقضي تلك الدقائق وهي تنتظر متى سيهوي سقف الغرفة مفتتّاً جسدها النحيل.

بعد مرور تلك المدة استقام المبنى وبدأت أصوات النساء والأطفال تتعالى بالصراخ "ما إن فتحت الباب وجدتهم يتدافعون صوب المدخل محذرين أهربي بسرعة"، فما كان منها سوى أن سحبت معطفها وأخذت تركض حافية القدمين نحو المصعد غير أبهة بتوسلاتهم أنها ستموت داخله.

وأوضحت أن المبنى كان عبارة عن 13 طابق جميع سكانها قد حشروا في ذات المكان فكان من المستحيل الهرب سوى بعد 10 دقائق على الأقل، فخاطرت باستعمال المصعد وقد بدأت الهزة الثانية وهي في الطابق الثاني ليتمايل الصندوق الحديدي مجتاز الأرضي بسلام وأخذت تركض بأقصى سرعة "وما أن خرجت من المكان انهال المبنى على جميع العائلات فهدأ صوت النساء والأطفال الباكين" تقول حياة أبو عيادة تلك الجملة محاولة كبح دموعها، لأنه لم يستطيع الخروج من المجمع السكني سوى ساكني الطابق الأولى بالمقابل واجه العشرات منهم مصير الموت المحتم.

لم تنتهي معاناة حياة أبو عيادة بعد الزلزال، فعقب نزولهم إلى الشوارع بدأت عاصفة ثلجية مروعة انخفضت خلالها درجة الحرارة لـ 11-، ليتم نقلهم فيما بعد إلى ملعب واسع بالمدينة ليس به سوى غرفة واحدة خاصة بتبديل الملابس يتسابق الناس لحجز مكان ومن يتأخر يقضي ليلته وسط العاصفة في ساحة الملعب، لتتكدس النساء والأطفال وبعض الرجال داخلها وما أن تحدث هزة جديدة حتى يهرع الجميع للخارج، لافتة إلى أنه لم يكن هناك أي شيء ليأكلوه، كما أعلنت السلطات التركية بأن مياه غازي عنتاب غير صالحة للشرب.

وأشارت إلى أنه في ظل ذلك الوضع كان من الطبيعي أن يمرض الجميع، فأصيب عدد من الأهالي بأمراض خاصة الأطفال الذين لم تفلح طرق الأمهات التقليدية في خفض حرارتهم، وسط صرخات لا تهدأ تارة بسبب الجوع وأخرى ناتجة عن البرد والمرض، مضيفة أنه ما فاقم معاناة النساء عدم منحهن الخصوصية فأصبح أقسى ما يحلمن به هو وجود حمام نظيف وحصولهن على ساعتين من النوم.

وأضافت "بعد ثلاثة أيام وصلت المساعدات للعائلات المنكوبة لكن بقي هناك مشكلة فالسلطات أعلنت عن أماكن تواجدها بالتركية فيما كان المنكوبين غالبيتهم سوريين، بالتالي لم يستطيعوا فهم ما جاء بالنشرة لتقوم هي بترجمة ما ورد وإخبارهم عن الأماكن الواجب التوجه إليها، الأمر الذي يسر من وصول بعض الحاجات لهم فيما بقوا قابعين في الملجأ ذاته".