ناجية من الزلزال: نحن لا ننسى تلك الأيام أبداً، لكن الجميع نسونا
"هل تغير شيء خلال هذا العام؟ الجميع متعبون جداً ونشعر بقلق غريب يبدو أننا سنسترجع كل ما حدث خلال عام في يوماً واحد"، بهذه الكلمات وصفت إحدى الناجيات شعورها مع اقتراب ذكرى الزلزال في تركيا.
مدينة مامد أوغلو
أنطاكيا ـ لقد مر ما يقارب عام على الزلازل المتتالية التي حدثت في 6 شباط/فبراير، وكان مركزها مدينة مرعش بشمال كردستان، ولم تتم إزالة الأنقاض بالكامل ولم يتم هدم المباني المتضررة، ولا يزال مصير المفقودين مجهولاً.
بالرغم من أن الإحصائيات الرسمية أكدت أن 50 ألفاً و783 فقدوا حياتهم جراء الزلازل، إلا أن وزير البيئة آنذاك، كشف أن هذا الرقم كان 130 ألفاً في برنامج تلفزيوني حضره في 31 كانون الثاني/يناير الفائت.
المشاكل لا تزال في انتظار حلها
ولا تزال مشاكل المتضررين من الزلزال، الذين تركتهم الحكومة لمصيرهم ولكنهم نجوا بتضامن الشعب، تنتظر الحل، ففي مدينة أنطاكيا، لم يتم حل مشاكل البنية التحتية والإسكان والصحة والتعليم والنظافة، وتحدثت هزال دورغون، إحدى المتضررات من الزلزال، ما شاهدته وعاشته منذ اليوم الأول للزلزال.
وقالت هزال دورغون إنه لم يتم تنفيذ أي عمل فيما يتعلق بالبنية التحتية والفوقية في المدينة التي يعيشون فيها، وأن الأهالي نجوا بوسائلهم الخاصة وأن الهجرات انتهت إلى حد ما بالفرق التطوعية والقوة التضامنية للنساء، لافتةً إلى أنها شاركت في عملية البحث والإنقاذ في مدينتي سمنداغ وأنطاكيا.
وحول ما عاشته في الزلزال الذي غيّر حياتها في دقائق معدودة، أشارت إلى أنه "من الصعب علينا وصف اليوم الذي وقع فيه الزلزال، فمع اقترابنا من السادس من شباط، ينشأ فينا قلق غريب ويأس يبدو الأمر وكأننا سنسترجع كل ما حدث لمدة عام. نفسياً، لا أحد منا مستعد لذلك اليوم وأن نعيشه مرة أخرى. من مات مات، أما نحن من بقينا فلا نعرف كيف نحيا أو ننام. اجتمعنا مع الفئة الشابة في الحي الذي وقع فيه الزلزال وتوجهنا إلى وسط مدينة سمنداغ. لم تكن هناك أضرار كبيرة في الحي الذي أقمنا فيه، ولكن عندما وصلنا إلى وسط المدينة، رأينا مدى الدمار".
أمهات تحتضنن أطفالهن
وحول عمليات الإنقاذ، أوضحت أنهم انقسموا إلى أربع مجموعات وبدأوا عمليات البحث لإنقاذ الناجين/ات "عندما كنا نبحث عن ناجين سمعنا أصوات أشخاص يصرخون من تحت الأنقاض، وآخرون يبحثون عن أطفالهم. كل ما كان لدينا هو المطرقة والمُخل والإزميل. لم نكن نعلم أننا سنواجه مثل هذا الدمار الخطير. لقد ساعدت في جهود البحث والإنقاذ في سمنداغ لمدة 12 ساعة، وكان معظم الناس قد ماتوا، وحاولنا انتشال الموتى، لكن لم يكن هناك أدوات تمكننا من انتشالهم لا توجد حفارات ولا رافعات من أجل رفع الجدران الثقيلة. كنت أجد أمهات تعانقن أطفالهن".
وبينت أنه "بعد فترة، عندما علمت أن شقيقي محاصر تحت الأنقاض، حاولنا الذهاب إلى أنطاكيا. بدا الأهالي جميعاً مجانين، وكان الجميع يحاول القيام بشيء ما، وتدمرت كل الطرق لذلك استغرق الأمر مني أربعة أيام للوصول إلى مكان شقيقي لأنه لم يكن هناك رافعة ولا فريق أو مسؤول. بحثت لمدة يوم ونصف، عن سيارة لإزالة الأنقاض خلال تلك الأيام الأربعة، كل ما سمعته هو صراخ الناس، وأخيراً، قفزت أمام الرافعة وتوسلت وعندما قالوا "لا"، استلقيت أمام السيارة ثم جاءوا للمساعدة، وفي نهاية اليوم الرابع، تم إنقاذ اثنين من أقاربي".
هل يشعر الإنسان بسعادة لأنه وجد جثة شقيقه؟
ولفتت إلى أنه في تلك الفترة لم يكن بإمكانهم التصرف بشكل عاطفي لا يمكنهم البكاء أو الشعور بألم أو الخوف "لم أكن خائفة لعدة أشهر، ولم أستطع البكاء لأنه كان لدينا الكثير لنفعله. لقد أنقذنا جيراننا من تحت الركام. عندما وجدنا شقيقي وأخرجناه، قمنا بدفنه مبكراً مقارنة بالناس. هل يشعر الإنسان بسعادة لأنه وجد جثة شقيقه؟".
وأوضحت أنه "في ذلك الوقت، كان الجميع يقولون إن رائحتنا تشبه رائحة الجثث. كان الناس الذين يقتربون منا يتقيؤون، لكن لم نكن نفكر فيما يقولون فنحن لدينا مهمة وعلينا إنجازها. بعد دفن الجثث، بدأنا نفكر فيما يجب أن نفعله. كان الأهالي يركضون بتهور والجهود التي بذلوها وكفاحهم يعد معجزة".
بذلت النساء قصارى جهدهن لإعادة بناء الحياة
ولم يكن إدارة الكوارث والطوارئ ولا أي مسؤول حكومي يتواجدون هناك وكان حاكم المدينة يقول للأهالي "ليس هناك ضرر هنا"، وبدأ النضال من أجل البقاء مع شبكة المتطوعين من خلال العثور على الماء أو الطعام أو إنشاء مأوى. لقد عملت النساء وبذلن قصارى جهدهن لإعادة بناء الحياة.
وفي ختام حديثها، قالت هزال دورغون "لقد مر عام، فهل تغير شيء خلال هذا العام؟ لا، الجميع متعبون جداً. اليوم نناضل من أجل ثقافة وذاكرة هذا المكان الذين بنيناه. هل مهمة الحكومة المحلية هي توزيع حمولة شاحنة من المياه فقط؟ لعدة أشهر، عانى هذا المكان من وباء الجرب والقمل. نحن لا ننسى تلك الأيام أبداً، لكن الجميع نسونا".