مريضات الكلى في إدلب... ضعف في الخدمات الطبية وصعوبة في تأمين الأدوية

ارتفعت نسبة الأمراض في الشمال السوري على مدى سنوات، وما رافقها من نزوح وفقر وقصف طال معظم المناطق وأثر بشكل واضح على القطاع الطبي

سهير الإدلبي
إدلب ـ ، ولعل من أبرز الحالات المرضية التي ساءت أوضاعها هن مريضات الكلى اللواتي ازدادت أعدادهن وسط صعوبة كبيرة يتكابدنها في سبيل الحصول على جلسات غسيل الكلى والأدوية على حد سواء.
وبينما تستعد لقصد المركز الطبي بغية عمليات غسيل الكلى المتكررة التي تجريها قالت حنان النجار (٣٢ ) عاماً وهي نازحة من مدينة سراقب ومقيمة في بلدة سرمدا الحدودية أنها تجري ثلاث جلسات لغسيل الكلى أسبوعياً في مركز طبي في بلدة قاح الحدودية، وتجد صعوبة في الوصول إلى المركز الأخير في كل مرة نتيجة قلة المواصلات وعدم قدرتها المادية على تحمل أجور نقل خاصة لوصولها للمركز، ولذا فهي مضطرة للاستعانة دائماً بأحد أقربائها لمساعدتها في الذهاب "أحياناً يوصلني ابن أختي وأحياناً ابن أخي على دراجاتهما النارية، وعورة الطريق والوسيلة الغير مريحة تسهم في زيادة حالتي سوءاً، وزوجي مصاب في ظهره جراء القصف منذ أكثر من عامين وهو الآخر لا يستطيع مساعدتي ولا وسيلة نقل لدينا".
ورغم أن حنان النجار اعتادت هذا الروتين الصعب في حياتها فهي قادرة على القيام به أكثر من قدرتها على تأمين الأدوية التي تحتاجها بشكل يومي وهي مرتفعة الثمن وما زالت محتارة في كيفية الحصول عليها باستمرار في ظل فقرهم المدقع وعوزهم على حد وصفها.
ومع كل ما تعانيه حنان النجار من صعوبات فهي تشكو انعدام وجود المياه الصحية المناسبة لمرضى الكلى لكون كل المياه المتوفرة في المنطقة هي مياه كلسية تؤذي الأشخاص العاديين وتصيبهم بأمراض الكلى وتجمع الحصى والرمل، فكيف سيكون الأمر بالنسبة للذين يعيشون على غسيل الكلى ثلاث مرات أسبوعياً؟ تتساءل حنان.
من جهتها تتحدث ميساء الحسين (٤٠) عاماً وهي نازحة من قرية معرشمارين جنوب شرق إدلب ومقيمة في بلدة كللي شمال إدلب عن مشاق رحلتها العلاجية جراء إصابتها بأمراض الكلى بأنها تتجه لمركز إدلب بشكل مستمر لتلقي العلاج، وتضطر لتحمل بعد الطريق وطول ساعات الانتظار جراء الازدحام الحاصل في المركز وأحياناً لا يأتي دورها إلا بعد مضي منتصف اليوم.
وتشير إلى أنها تدفع نحو ١٥٠ دولار أمريكي ثمناً للأدوية وأجور التنقل في كل مرة وهو ما يضطرها للاستدانة، فعدم قدرتها على العمل وضعف إمكانيات زوجها الذي يعمل بأجرة يومية، وأجرته بالكاد تكفي لتغطية أجرة المنزل وتأمين الغذاء، يراكم ديون علاجها عليهم بشكل كبير.
وتعد الكلى إحدى أهم أجهزة الجسم المهمة التي تساعد على التخلص من السموم، وتنتشر أمراض الكلى بشكل متزايد لدرجة تصل إلى حد الفشل الكلوي، وتتركز أسباب أمراض الكلى بالإصابة بمرض السكر المزمن وارتفاع ضغط الدم، وإما نتيجة التهابات مكروبية وإصابة الجهاز المناعي بالأمراض المختلفة وإصابة الكلى تحديداً بالتهابات حادة ومزمنة وفق ما قالته لوكالتنا الطبيبة هيفاء القاضي (٤٢) عاماً الأخصائية بأمراض الكلى.
وأضافت أن وضع مريضات الكلى في الشمال السوري صعب للغاية، وخاصة وأن معظمهن يقطنون المخيمات البعيدة عن المراكز العلاجية التي تحرص على تقديم أنواع العلاج والأدوية المجانية للمريضات اللواتي يجرين جلسات غسيل الكلى بشكل دوري.
وتقول إن تلك المراكز مازالت غير قادرة على تقديم سيارات إسعاف لنقل المريضات، وتقديم كامل الأدوية لعدم توافرها وارتفاع ثمنها فيضطررن لتأمينها بأنفسهن، عدا عن أن جلسات غسيل الكلى محدودة وأجهزتها قديمة ولا تلبي المتطلبات الصحية الملائمة للعلاج والأعداد المتزايدة للمريضات. 
وتقدم هيفاء القاضي مجموعة من النصائح للمحافظة على سلامة الكلى والوقاية من أمراضها عبر الحرص على تناول كميات كبيرة من الماء ما يساعد على التخلص من السموم بالكليتين والتقليل من الأطعمة التي تحوي على نسب عالية من الأملاح، والحرص على عمل فحوصات للكشف المبكر عن أمراض الكلى وعلاجها بشكل سريع، الحرص على النظافة وغسيل الخضراوات والفواكه بشكل جيد قبل تناولها وعدم تناول أي أدوية دون اللجوء إلى الطبيب.