مقاومة العصر... النساء تصدين للهجمات

في كل مكان من عفرين قدمت النساء الكثير من التضحيات وشاركن بحمل السلاح والدفاع عن أرضهن، ورفعن الروح المعنوية في جميع الفعاليات والنشاطات

روبارين بكر
الشهباء - ، ولساعات وأيام طويلة حضرن الطعام للمقاتلين/ت في الجبهات.
مع اندلاع الأزمة السورية وشرارة ثورة روج آفا نحو شمال وشرق سوريا لم يتوانى الاحتلال التركي عن استهداف القرى الحدودية في المنطقة بالقذائف والرصاص الحي، حتى 20 كانون الثاني/ ناير 2018 عندما شن هجمات واسعة على مقاطعة عفرين وانتهت باحتلالها في 18 آذار/مارس.
خلال مقاومة العصر في مرحلتها الأولى شاركت المرأة في جميع مجالات الدفاع والمقاومة بوجه الهجمات التركية، من إعداد كميات من الطعام وإرسالها للمقاتلين/ت في جبهات القتال، إلى أن اتخذن مكانهن في قوات الحماية الجوهرية وعملن على تنظيم الشعب وشاركن في الفعاليات الداعمة للمقاومة.    
 
"حرب عالمية"... 58 يوماً من المقاومة 
 
 
فاطمة هورك (49) عاماً التي قاومت حتى النهاية في ناحية راجو، وكانت شاهدة على المقاومة، قالت إن مقاطعة عفرين كانت من أجمل المناطق وأكثرها استقراراً قبل الهجمات التركية "كل عائلة في عفرين لديها مساحات واسعة من الأراضي والممتلكات"، وتضيف "أيام الهجوم على عفرين وتفاصيلها لا تذهب من أذهاننا ولن تمحى. عفرين التي كانت بجغرافيتها صغيرة شهدت حرب عالمية".  
وبينت أن تركيا تجاوزت الخطوط الحمراء في حربها على عفرين، مؤكدةً أن قرارهم لم يكن يوماً الحرب لكن تركيا هي من اعتدت عليهم "تركيا تجاوزت الحدود واستهدفتنا وبالتأكيد لن نبقى صامتين حيال ذلك، لذلك دافعنا بكل ما نملك في سبيل حماية عفرين. الدول الداعمة والمساندة لتركيا في هجماتها على عفرين ظنت أنه باستخدامها جميع الأسلحة الثقيلة والعشرات من الطائرات الحربية ستتمكن من السيطرة على عفرين خلال أيام فالقصف الهمجي لم يكن بالهين، إلا أن روح المقاومة والدفاع لدى المقاتلين والمقاتلات، وأهالي ونساء المنطقة خيبت آمال الاحتلال التركي وأدهشت العالم". 
 
"لم نخشى الهجمات لأننا أصحاب حق"
تصف فاطمة هورك هول ما حدث في تلك الأيام "شظايا القصف وأشلاء أبنائنا كانت مع كل استهدف للمدنيين تتطاير في السماء أمام أعيننا، إلا أن الأمهات قاومن وكن أكثر قوة وعزماً. رغماً عن كل ما شاهدناه وعشناه إلا أننا أصحاب حق وهو ما كنا نستمد منه القوة".  
وأنهت حديثها بالتأكيد على أنهم مهما فعلوا وقدموا من تضحيات فأنهم مدينون لأرضهم عفرين وللشهداء الذين ضحوا بأرواحهم في سبيل الدفاع عنها "سائرون على طريق الشهداء لتحقيق أهدافهم بتحرير عفرين". 
 
في كل مكان النساء يواجهن الاحتلال
 
 
حسرت خليل لم تكن ترغب بتذكر تلك الأيام فالذكرى تؤلمها لكنها تفخر بالمقاومة التي أبداها أهالي عفرين خلال 58 يوماً من المقاومة "تصدي أهالي عفرين للهجمات لم يكن في حسابات الدول المتآمرة على المنطقة، فالجميع دافع عن عفرين وكان للمرأة دور كبير في المقاومة، فالأمهات اللواتي لم يتمكن من التوجه للجبهات وحماية أحياءهن ساندن المقاتلين بإعداد الطعام، وأخريات حملن السلاح بجانب أبنائهن وكثيرون الذين قدموا دعماً مادياً من أجل المعركة".
وعما قدمته وعاشته ذكرت أنها كانت من بين النساء اللواتي حضرن الطعام وشاركت في هذا العمل الجماعي مع عدد من الأمهات لأكثر من 45 يوماً متواصلة وهن يرددن الأغاني الثورية، وذكرت أنهن كثيراً ما كن يتعرضن للاستهداف والقصف أثناء إعدادهن للطعام "نعد ما يقارب الألف ومئتا سلة من الطعام ونرسلها لأبنائنا وبناتنا المقاتلين في جبهات ناحية راجو".
وأضافت أن المرأة اتخذت مكانها أيضاً في استقبال الوفود القادمة من مختلف مناطق شمال وشرق سوريا ويتوجهون سوياً إلى القرى الحدودية لإقامة الاعتصامات والتظاهرات، كما أن النساء عملن على معالجة الجرحى والمشاركة في مراسم التشييع طيلة أيام القصف.
وجددت حسرت خليل مناشداتها للعالم بمحاسبة الاحتلال التركي وإخراجه من عفرين "نعيد ونكرر نداءنا للعالم والمجتمع الدولي والمنظمات الإنسانية والحقوقية بالخروج عن صمتها ومحاسبة الاحتلال التركي ومرتزقته على ما ارتكبوه من جرائم وفظائع بحق الإنسانية، وأن يضمنوا لنا عودة آمنة بعد تحرير المدينة".
 
نساء لم ينمن لأيام حرصاً على أداء واجبهن في الحماية 
 
 
أمينة سعيد التي كانت في ناحية شيه قالت إن الناحية من أكثر المناطق التي واجهت صعوبات خلال المعارك، مبينة أن جميع الأهالي لبوا نداء النفير العام "صغاراً وكباراً اتخذنا مكاننا في جبهات القتال ومساندة وحدات حماية الشعب ـ المرأة والإدارة الذاتية الديمقراطية للدفاع عن عفرين وردع المحتل التركي"، مضيفةً "الكثير من الأمهات والنساء لم ينمن لأيام حرصاً على أداء واجبهن في الحماية".
وأشارت إلى أن الاحتلال التركي شن هجومه على عفرين باستخدام جميع أنواع الأسلحة وحتى المحرمة منها دولياً، "في الكثير من المرات كانت طائرات الحرب تقصف الناحية لاستهداف مدني واحد لهذا الحد كانت قذرة ولاإنسانية العملية التركية في عفرين". 
وترى أمينة سعيد أن الاحتلال التركي تمكن من فرض احتلاله على المنطقة فقط باستخدام الأسلحة الثقيلة وعلى رأسها الطائرات الحربية ولولا ذلك لم تكن تركيا لتتمكن من السيطرة على عفرين ولو لشبراً واحد "مرتزقة تركيا كانوا طامعين بالحصول على المزيد من المبالغ ونهب ممتلكات المدنيين وغير مستعدين للقتال وجه لوجه".