مقاومة المرأة دفعت العالم للتضامن مع كوباني

تحولت حرب كوباني بفضل نضال وحدات حماية الشعب ـ المرأة، من مقاومة شعبية إلى مقاومة عالمية، وأصبحت تلك المدينة الصغيرة نموذجاً للنضال والمقاومة وأساساً للقضاء على داعش.

نورشان عبدي

كوباني - ساهم يوم التضامن العالمي مع مدينة كوباني بشمال وشرق سوريا بإبراز الصورة الحقيقة لثورة روج آفا، بالإضافة إلى إيصال نضال ومقاومة الشعب الكردي والمرأة إلى جميع القوى الثورية والديمقراطية في العالم.

هزت المقاومة ضمير العالم وتضامنت 30 دولة حول العالم مع تلك المقاومة، ويصادف الأول من تشرين الثاني/نوفمبر 2022 الذكرى السنوية الثامنة ليوم التضامن العالمي مع مقاومة كوباني، عندما أقيمت المئات من التظاهرات الشعبية في جميع أنحاء العالم لمساندة المدينة بمشاركة الملايين من المتظاهرين/ات تحت شعار "الاستنفار العالمي من أجل كوباني والإنسانية ضد داعش".

 

"العالم مدين لتضحياتنا"

حول الذكرى الثامنة للتضامن العالمي مع مقاومة كوباني قالت الرئيسة المشتركة لهيئة المالية في إقليم الفرات في شمال وشرق سوريا فرياز بركل أن وحدات حماية المرأة لعبت دوراً بارزاً في المقاومة، موضحةً أنه "شارك الآلاف من جميع أجزاء كردستان ومقاتلين أممين مع قواتنا، واستطاعوا تحرير المدينة وهزيمة داعش الذي شكل خطراً كبيراً على العالم وليس فقط على مناطقنا أو سوريا".

وأضافت "لم يكن التضامن عن عبث بل إنه جاء نتيجة نضال ومقاومة لم يستطع العالم تجاهلها، والعالم وجد نفسه مديناً لشعوب شمال وشرق سوريا، والمقاتلات اللواتي خاطرن من أجل حماية المدينة، ولم تسمحن لداعش بتحقيق حلمه بإنشاء دولة تستعبد النساء، فبتحرير المدينة فشلت كافة مخططات داعش والدول الداعمة لها وعلى رأسها الدولة التركية".

وبينت أن "مقاومة كوباني دفعت العالم للتساؤل عن هذه المدينة التي تحدت وقاتلت وانتصرت على أخطر إرهاب هدد العالم".

 

باستهداف النساء الاحتلال التركي يستكمل ما بدأه داعش

وأشارت إلى الدور الذي لعبه الاحتلال التركي في دعم داعش لاستمرار السيطرة على كوباني، معتبرةً أن استهداف النساء وخاصةً القياديات منهن في المنطقة إنما هو استكمال لذلك المخطط الاحتلالي "ظهرت سياسات الاحتلال التركي واضحةً بعد هزيمة داعش في كوباني فاحتل سري كانيه وكري سبي، ويستهدف النساء الفاعلات في المجتمع عبر الطائرات المسيرة".

وأضافت "الاحتلال التركي هو من أرسل داعش ودعمه منذ البداية واليوم يظهر وجهه الحقيقي. ولكن بالرغم من كافة محاولاته لإفشال مشروع الأمة الديمقراطية الذي قدمه القائد عبد الله أوجلان للشعوب، حققنا مكتسبات عدة في كافة المجالات، وللمرأة خصوصية في مشروعنا فنحن نعتبر أن التطورات التي حققتها الحركة النسائية وحقوق المرأة في المنطقة من أهم إنجازاتنا كإدارة ذاتية". مؤكدةً أن "الربيع تحقق في مناطقنا لأن إدارتنا تضم كافة المكونات التي تدير نفسها بنفسها".

 

استمرار الهجمات

بعد ثمانية أعوام من تحرير المدينة من داعش وحتى هذا اليوم تستمر الهجمات التركية على مناطق شمال وشرق وسوريا، وبشكل خاص على مدينة كوباني، تقول فرياز بركل عن ذلك "المقاومة التي شهدتها كوباني كانت درع الحماية للعالم لذلك على الشعوب التي ساندت كوباني قبل 8 سنوات أن تستمر بهذه المساندة، كما نطالبها بالاعتراف الرسمي بالإدارة الذاتية بشمال وشرق سوريا".

 

الأماكن التي شهدت مقاومة كوباني

خلفت المعارك الطاحنة التي دارت في المدينة دماراً هائلا تجاوز 50 %، وبعد تحرير المدينة قررت الإدارة الذاتية في كوباني أن تخصص قسماً من المساحة المدمرة وتحوله إلى متحف تخليداً للمقاومة.

ويقع المتحف الذي تبلغ مساحته 13 هكتاراً في حي الشهيد سرحد حيث توجد فيه أقدم منازل كوباني ويحتوي المتحف نقوش الشهداء والمباني المنهارة وساحات القتال والآلات وقذائف الهاون.

وعن أهمية هذا المتحف بالنسبة للنساء في كوباني تقول الرئيسة المشتركة لحركة المجتمع الديمقراطي في إقليم الفرات هدلة حسن "هذا المتحف والأماكن التي شهدت مقاومة أبنائنا وبناتنا لها أهمية ومكانة خاصة لدى كل شخص في هذه المدينة. وكل لافتة كتب عليها اسم أحدهم لها مكانة في قلوبنا ونعدها أماكن مقدسة".

وأضافت "عندما يتجول المرء في هذه الأحياء المهدمة أول ما يخطر في البال مقاومة المرأة الكردية التي قاتلت وناضلت، فانتصار وحدات حماية المرأة على مرتزقة داعش جعل العدو يخاف من قوة وإرادة المرأة واستمرت هذه المنجزات حتى وصلت لكافة مناطق شمال وشرق سوريا وتم تحرير آخر معاقل داعش في باغوز".

 

"جدائل النصر"

يوجد أيضاً مكان لجدائل شعر المقاتلات من وحدات حماية المرأة التي تبقت فقط من جثامينهن أثناء المعارك، ويقع مكان الجدائل في مركز المدينة وهو المكان الذي استشهدت فيه مقاتلات، حول ذلك تقول عضو حركة المجتمع الديمقراطي بيريفان جمعة "في كل حي وضمن كل خندق حاربت وقاتلت فيه المقاتلات كتبت قصة لهن وكل قصة أصبحت ملحمة تاريخية، فالمقاتلات كتبن التاريخ بدمائهن وبفضل ذاك النضال أصبحت كوباني مثال النضال الذي يحتذي به العالم".

وأشارت إلى أن كوباني وخاصة مكان شعر المقاتلات "مكان يعد تاريخاً حافلاً بالانتصارات بالنسبة لكل امرأة في مناطق شمال وشرق سوريا"، مؤكدةً أن "هذه الأماكن تمنحنا شعوراً ما بين الفخر والاعتزاز والسعادة والحزن على كل مقاتلة قاتلت وناضلت من أجل أن يعيش أهالي المنطقة بسلام".

وأضافت بيريفان جمعة "الحرب ضد داعش لم تكن سهلة أبداً، بوجه الأسلحة الثقيلة لمرتزقة داعش، وعلينا نحن اليوم بعد ثمانية أعوام على المقاومة المحافظة على الأثر التاريخي الذي تركته مقاتلات وحدات حماية المرأة، والسير على درب النضال لحماية مكتسبات المرأة في المنطقة".