منى إبراهيم: ما دمنا بأمان لا يهم المكان

"أشتاق إلى أهلي كثيراً، فأنا لم أعد أستطع زيارتهم في مصر، لا أستطيع ترك بيتي والسفر إليهم حتى لا نجد أنفسنا في الشارع دون منزل عند عودتنا"، هكذا قالت منى إبراهيم والدموع تنهمر من عينها

ابتسام اغفير
بنغازي ـ
منى إبراهيم (28) عاماً، مصرية الجنسية، أم لطفلين، تركت مصر وجاءت مع زوجها إلى ليبيا لتجد نفسها من سكن بالإجار إلى شقة بعمارة مهددة بالسقوط في أي وقت، إذا لم يكن من آثار الحرب ستكون مِن مَن يدعي أنه صاحبها، والذي ينوي طردهم منها حتى يتسنى له هدمها وبنائها من جديد.
قبل وصولك للشقة التي تقع في الطابق السابع، في عمارة الخليج بشارع الشريف، بمدينة بنغازي، العمارة التي طالتها يد الحرب وهدمت جدرانها واحرق ما بداخلها، المنظر موحش جداً، وأنت تصعد السلالم إلى هناك يقابلك الركام وبقايا الشقق التي تملأها الأوساخ بفعل حرائق القذائف، وألعاب الأطفال المتناثرة هنا وهناك، تركوها أملا بالعودة لكنهم لم يعودوا، بعد انقطاع نفسك وأنت تصعد السلالم الطويلة بمجرد وصولك إلى الطابق السابع خاصة شقة منى إبراهيم، تنتقل إلى مكان أكثر أماناً وراحة وينسيك الدمار الذي مررت به قبل، حين تدخل الشقة وتستقبلك رسومات الأطفال والعابهم والزينة المعلقة هناك وهناك.
بعد مغالبتها لدموعها تقول منى إبراهيم "كنا نسكن في شقة بالإجار طلب منا صاحبها الخروج منها قبل عيد الأضحى العام الماضي، ولا يوجد لدينا أي مكان آخر نذهب إليه، ولا توجد لدينا نقود لدفع أجار شقة أخرى، فقلنا لماذا لا نعود إلى شقتنا ونقوم بصيانتها، فكانت لدينا منحة العائلة التي يتم صرفها، تمكنا من خلالها أن نكمل صيانة الشقة ونعيش فيها".
 
أنا لست معترضة ولست خائفة
وتضيف منى إبراهيم أن هناك صعوبات تواجهها في شقتها في الطابق السابع في عمارة مدمرة ولا يوجد فيها مصعد، منها أنها تكون حريصة كل الحرص على كتابة احتياجات البيت وألا تنسى منها شئياً، حتى لا يضطر زوجها إلى النزول أكثر من مرة لأن السلالم كثيرة والأمر متعب جداً على زوجها.
وحين سألناها عن كيفية تعايشها وتقبلها للوضع الذي تعيشه الآن والدمار يحيط بها تجيب "أنا لست خائفة، ولم اعترض فأهم شيء لدي هو راحتنا جميعا أنا وزوجي وبناتي، أن أكون في بيت أشعر فيه بالأمان، وألا يأتي أحد يطرق بابنا ويطلب منا الاجار، فلا يوجد شيء يتعب الإنسان نفسياً أكثر من الإجار الشهري، وعلى الرغم من أن هناك أشياء ضرورية في البيت غير موجودة، إلا أن الاستقرار شيء جيد".
 
لا أقوم بأي تجهيزات للعيد 
وعن تعرضها لمضايقات أو أن أحدا حاول اقتحام العمارة أو الشقة تقول "ذات مرة ذهب زوجي لصديقه وفجأة أحدهم يطرق الباب كنت أظن أنه هو، وفتحت الباب ووجدت شخصا آخر أمامي، وقال لي أريد زوجك وأخبرته أن زوجي ليس هنا، وسألته كيف دخل إلى هنا؟ فقال دخلت عن طريق باب العمارة وجدته مفتوحاً، فقلت له يستحيل أن ينسى زوجي باب العمارة مفتوحاً، وحين نزلت وراء الرجل لأتأكد من باب العمارة ونزلت تلك الأدوار وأنا احمل بناتي الاثنين وحين وصلت إلى باب العمارة وجدته مغلقاً، وأنا لم أعرف كيف دخل الرجل، ولم أخف أنا "قلبي جامد" حين يتعلق الأمر بزوجي وبناتي، ثم اتصلت بزوجي وأخبرته بما حصل، تعرضت لنفس الحادثة مرة أخرى لكني لم أبالي، أسمع أصوات كثيرة لكنها لا تثير الخوف لأن باب العمارة يكون محكم الإغلاق".
وحول تجهيزاتهم لعيد الأضحى تقول "لا أقوم بأي تجهيزات للعيد لأنني لا أمتلك ثلاجة وأيضاً ليس لدي أحد لأذهب إليه".
 
أنا مع عائلتي 
وعن سؤالنا لها كيف تركت مصر وأتت للسكن في ليبيا على الرغم من الوضع والدمار بسبب الحرب تجيب منى إبراهيم قائلة "زوجي من ليبيا، فأنا لم أزر مصر منذ أكثر من عام ونصف، منذ أن سكنا في هذه الشقة خوفاً من أننا عند عودتنا من السفر لا نجد الشقة، ويستولي عليها أحد، وبعدها سنبقى في الشارع" 
وتقول عن عدم انزعاجها من الوضع الذي تعيشه حالياً "أنا في شقة مع أسرتي الصغيرة، هناك دمار في الخارج، وعائلتي عندما يرون الصور يقولون لي كيف تسكنين في عمارة مدمرة فأخبرهم بأنني أسكن شقة محترمة دعكم من الدمار الخارجي، ما دمنا في أمان لا يهم المكان".
وعن زيارة أحد من الحكومة وتقديم الدعم لهم تقول "لا أحد يصعد إلينا ويرى الشقة وإنما يأتون يسألون فقط، ولكن لا يقدمون لنا أي مساعدة".