من واقع تجربتها... النساء تكسرن القوالب النمطية بعملهن

التنميط المجتمعي لأدوار النساء واحد من أهم الأمور التي تعيق الفتيات وتحول دون تقدمهن، خاصة مع قولبتهن في الدور الرعائي المتعلق بالأسرة وما يتطلبه دون النظر لما يمتلكنه من مهارات وأدوات في مجالات العمل المختلفة.

أسماء فتحي

القاهرة ـ هناك العديد من مجالات العمل التي يستحوذ عليها الرجال في الداخل المحلي ولا يسمح للنساء بالعمل فيها إما لما سيتحملونه من لوم المجتمع ورفض المحيطين بهن وعلى رأسهم الأسرة، أو لما سيمارس ضدهن من انتهاكات لكونهن منافسات في ساحة لا تمتلكن كامل أدواتها خاصة في طور الاستكشاف.

فهناك عدد كبير من الحرف والمهن والمجالات التي أعطت للرجال الأولوية فيها ومنها قطاع السياحة خاصة تنظيم الرحلات لكونه مقترن بالسفر المستمر وأيضاً السيارات بداية من المهنة نفسها "الميكانيكا" وغيرها من فروع الصيانة وأيضاً التجارة من بيع وشراء ومعاينات وغيرها، فضلاً عن النجارة والحدادة والسباكة وغيرهم.

وفي الوقت الذي تستسلم فيه بعض الفتيات للنمط السائد وتمتهن المجالات المتعارف عليها قررت أخريات كسر هذا النمط ومنح أنفسهن فرصة التجربة والعمل وتمكن من تحقيق النجاح وجني المكاسب وإقناع أسرهن والمجتمع المحيط بهن بما تستطعن فعله دون النظر لنوعهن الاجتماعي وأنهن لسنا أقل من الذكور بشيء.

 

النساء يمكنهن المنافسة بجدارة

"لا توجد مهن أو مجالات عمل خاصة بالذكور وأخرى لا تناسب إلا الإناث فهذا هو الدور الذي وضعه المجتمع للسيطرة والاستحواذ ولن نقبل به"، بهذه العبارة بدأت جهاد عرابي حديثها لوكالتنا، مؤكدة أنها عملت مدرسة لمادة الدراسات الاجتماعية في مدرسة لغات ولكنها بدأت في اكتشاف ذاتها في مجالات عمل أخرى ونجحت فيها رغم رفض المحيطين بها لذلك.

وأضافت أنها بدأت رحلتها كمتدربة في واحدة من شركات السياحة وتدربت على التعامل مع العملاء معتبرة أنه أمر صعب للغاية ومع مرور الوقت قررت أن تعمل لصالحها فهي تهدر مجهودها وتبني لغيرها لمجرد أنها في حاجة لامتلاك قدر من الشجاعة لدخول مجال العمل السياحي ومنافسة الذكور المهيمنين عليه.

وحصلت جهاد عياد على مجموعة من الكورسات المتعلقة بفن كسب العملاء وحجز الفنادق والحصول على تذاكر الطيران وغير ذلك من المهام المطلوبة واتخذت قرارها وفتحت شركتها الخاصة رغم رفض المحيطين بها ومع الوقت تمكنت من إقناعهم بقدراتها ومهاراتها وما حققته من نجاح في هذا المجال.

 

عالم السيارات ومغامرة العمل فيه

أكدت جهاد عربي، أن عملها في مجال السيارات كان الأصعب على الإطلاق لكونه يعرضها لبعض المخاطر "طلب منى شخص بيع سيارته وبالفعل وضعت بياناتها وبدأت في استقبال الطلبات رغم أني لا أفقه شيء عن هذا المجال وحينما نجحت في الأمر وجدت أن هذا المجال جديد ومختلف ويمكنني تحقيق نجاح فيه".

وأوضحت أنه بعد تمكنها من بيع السيارة الأولى وتحقيق المكسب أحبت المجال وقررت المواصلة فيه وتعلمت عنه أكثر فتحدثت إلى عملاء وتجار سيارات لتوسيع دائرة علاقاتها فيه وأبرز الملاحظات التي صادفتها أنه "مجال الذكور" ولا تعمل فيه الفتيات إلا نادراً، معتبرة أنها اعتادت على مثل هذه الجمل وقررت المواصلة.

ولم تقف جهاد عرابي عند حد البيع والتعامل الإلكتروني ولكنها قررت الخروج ومعاينة السيارات بل وإصلاح ما فيها من عيوب بالتواصل مع التوكيلات المختلفة وخبراء الصيانة والآن قررت أن يكون لها معرضها الخاص للسيارات المستعملة.

 

أزمة السفر والتضييق على النساء

واحدة من معوقات عمل الفتيات في قطاع السياحة تتمثل في فكرة السفر في حد ذاتها فالكثير من الأسر يرفضون انتقال النساء خارج المحافظة والمبيت بمفردها بعيداً عن المنزل.

وترى أن إشكالية السفر واحدة من أهم العراقيل التي صادفتها عند العمل في مجال السياحة لأن أسرتها كما هو الحال في أغلب الأسر المصرية لا تقبل بسفر ابنتهم ومبيتها خارج منزلها وهو أمر عملت على تذليله بالتدريج لكونها اقتصر تواجدها في المرحلة الأولى على رحلات اليوم الواحد والسفريات التي تحتاج المبيت لأيام كانت ترسل مشرفين ومشرفات أخريات.

وأوضحت أن المجتمع والعائلة لا تقبل بأي عمل غير مألوف للمرأة وهنا يجب عليها أن تناضل من أجل تحقيق حلمها وحينها تحقق النجاح وتثبت ذاتها لتغيير هذا الواقع من حولها تماماً وما كان مرفوض في الماضي لن يعد كذلك مستقبلاً لأنها مع الوقت ستكتسب القوة وبالتالي ثقة الأهل في قدرتها على التعامل مع المواقف المختلفة وكسر القالب المجتمعي وتحقق بغيتها وتصل لتطلعاتها.

 

عبارات تنميطية محبطة

النساء عادة ما تواجهن وابل من العبارات التنميطية المحبطة بمجرد اتخاذهن قرار العمل من أجل تغيير واقعهن، ويزداد الأمر تعقيداً في حال ارتباطه بالخروج عن السائد والمتعارف عليه من أدوار متعلقة بالنساء دون الرجال والعكس.

وعن تلك العبارات بينت أن هناك جملة شهيرة وتقليدية عادة ما تسمعها تتمثل في "انتى بتشتغلى ليه انتى تتجوزى وتقعدى في البيت" باعتبار ذلك من الثوابت التي يجب أن تسير عليها جميع النساء.

وقالت إن الأسرة نفسها تحت ضغوط المجتمع عادة ما ترفض ما تصفه بالشذوذ عن السائد حينما تقرر ابنتهم خوض غمار العمل الذي يستحوذ عليه الذكور وهو ما يثقلها بجهد غير طبيعي حتى تتمكن من تغييره في محيطها الضيق والواسع.

وأضحت أن لديها الكثير من الصديقات اللواتي قررن الجلوس في منازلهن وأداء الدور النمطي الذي يراه المجتمع "طبيعي" لعدم القدرة على الخروج عن إرادة الأهل من جهة والخوف من الفشل أيضاً، والهروب من العبارات المزعجة والتعليقات التي قد تصيبها بالإحباط في كثير من الأحيان.

 

التحديات التي تواجه النساء والحلول الممكنة

تواجه النساء في مجالات العمل المختلفة الكثير من التحديات وخاصة إن كانت تعمل في مجال يسيطر عليه الذكور مما قد يعرضها للمنافسة الغير عادلة كما أوضحت جهاد عرابي من خلال تجربتها "حرر ضدي محضر نصب وتم التشكيك في ترخيصي للشركة فقط لإثنائي عن العمل في المجال".

وأشارت إلى أن أكبر المعوقات التي تواجهها ومعها الكثيرات من الفتيات الراغبات في النجاح بمجالات عمل الذكور هو التعامل مع الرجال أنفسهم وما يشكله ذلك من ضغط عليهن.

وأكدت أن العمل في مجالات الذكور يعرض الفتيات لعدد ليس بالقليل من الانتهاكات كالتحرش أو غيره من الأمور التي يتبعها توقف العمل تماماً، أو النصب احياناً وهو ناتج عن استضعاف الفتيات واستسهال الضغط عليهن والتلاعب بحيل متعددة مما يتسبب في خسائر مالية وأخرى نفسية تحتاج لخبرة وتركيز حتى لا يتم الوقوع فيها.

وأوضحت أن كسر حاجز الخوف هو أول خطوات النجاح حتى وإن كان عكس الواقع فالتماسك ضروري لأنها مع الوقت ستصل لمبتغاها خاصة أن تمكنت من وضع حدود وقواعد للتعامل مع الرجال في مجالات العمل المشاع أنها ذكورية، مؤكدة أن النساء تستطعن فعل كل شيء والعمل في جميع المجالات، والتمييز المستند للنوع الاجتماعي لا أساس له من الوجود إلا في أفكار يتم ترويجها من أجل فرض مزيد من السلطة والسيطرة على النساء.