من براد المشفى شهدت مجازر تركيا في مدينة عفرين

مشاهد الدمار والقتل والمجازر المُروعة ارتكبت في مدينة عفرين الواقعة بمناطق شمال وشرق سوريا على مرأى من العالم في عام 2018، ودون أي رادع استمرت آلة الحرب بقصف المدينة على مدى 58 يوماً

روبارين بكر
الشهباء ـ . تلك المشاهد يستذكرها أهالي عفرين حتى اليوم وكأنها حدثت بالأمس.  
في مشفى آفرين أربع نساء عملنَّ بقسم براد المشفى من بينهنَّ نسرين جمو التي شهدت جميع المجازر، وما زالت صور الجثث عالقة في ذاكرتها.
 
"مشاهد مؤلمة حُفرت في الأذهان"
براد مشفى آفرين شاهد على قصص الفقدان المؤلمة تقول نسرين جمو "عندما بدأ العدوان التركي هرعتُ أنا وثلاث نساء أخريات كنا قد فقدنا أزواجنا في الحرب، للمساعدة في مشفى آفرين، حاولنا تقديم المساعدة ولو بشيء بسيط".
ليس من السهل رؤية الأجساد وقد فارقتها الحياة وهي ملطخة بالدماء، وهناك شخص ما يبحث عنها وما يزال يُمني النفس بأن شيئاً لم يحدث "شهدنا مواقف مؤلمة ما زالت عالقة في أذهاننا رغم مرور ثلاث سنوات على هجمات الاحتلال التركي، هذه المشاهد التي كنا نعيشها كل يوم لا يُمكن نسيانها بسهولة".
مئات الشهداء والجرحى مدنيين وعسكرين ونساء وأطفال ورجال، وآلاف المهجرين يغادرون، مدينتهم ذلك كان واقع عفرين في تلك الفترة. "انتابني الغضب والألم، لكن الشهداء أعطوني القوة والتصميم للاستمرار في المقاومة أمام آلة القتل والإبادة التركية، فهم يمثلون معانٍ أخلاقية وإنسانية".
 
مجازر يندى لها جبين الإنسانية اُرتكبت في عفرين
تؤكد نسرين جمو أن "جيش الاحتلال التركي ومرتزقته كانوا يهاجمون أهالي عفرين ولا يفرقون بين صغير أو كبير ولهذا فإن أعداد الشهداء كانت تتزايد يوماً بعد يوم". وتضيف "مجزرة قرية كوبالي كانت الأكثر إيلاماً... لقد اختلطت أشلاء الضحايا مع بعضها، وتم العثور على جثمان 14 شخصاً، بالإضافة لجثة الطفلة ديالا التي كانت تبلغ من العمر أشهر قليلة".
المجزرة ارتكبت في قرية كوبالي التابعة لناحية شيراوا في 28 كانون الثاني/يناير، وراح ضحيتها 28 شخصاً ولم يتمكن الهلال الأحمر الكُردي من العثور على جميع الجثامين بسبب القصف المكثف على المنطقة.
تلك المجزرة ليست الوحيدة وإنما ارتكبت الدولة التركية ومرتزقتها العديد من المجازر خلال اجتياحهم للمدينة في عام 2018، ومنها مجزرة في حي المحمودية بمركز مدينة عفرين، وكذلك مجزرة ترنده التي راح ضحيتها ثلاثة أشخاص من عائلة واحدة.
إضافة لمجزرة المدجنة بقرية جلبل بناحية شيراوا والتي راح ضحيتها 11 شخصاً، "المجازر لا تفرق بين عربي أو كُردي، ولا بين صغير أو كبير... لسنا إرهابيين لكي تحاربنا تركيا نحن أصحاب الأرض وهم أرادوا احتلال المدينة، وإذلال شعبها".
 
"نستطيع العيش دون أبنائنا، ولكن ليس دون أرضنا وكرامتنا"  
خلال الاجتياح استخدمت تركيا مختلف الأسلحة، وحتى تلك المحرمة دولياً كغاز النابالم إضافة للأسلحة الثقيلة، "استخدموا سياسة الأرض المحروقة، والمشاهد داخل براد الشهداء كانت صعبة فالجثامين مشوهة بسبب قصف الطيران". 
الأمهات ومن خلال مقاومة العصر ورغم ألمهنَّ أستطعنَّ إيصال رسالة للمحتل التركي كما تقول نسرين جمو وهي أنهنَّ يستطعنَّ العيش دون أبنائهنَّ ولكنهنَّ لا يستطعنَّ العيش دون أرضهنَّ وكرامتهنَّ.
يعيش أهالي عفرين اليوم ظروفاً مأساوية في المخيمات، فبينما تعيش عائلات المرتزقة في منازلهم يعانون تحت الخيام دون مساعدة وتختم نسرين جمو حديثها بالتأكيد "على كافة المنظمات الإنسانية والحقوقية القيام بمهامها الإنسانية والحقوقية اتجاه أهالي عفرين المهجرين قسراً من منازلهم، ويجب أن تتم محاسبة الدولة التركية على المجازر التي ارتكبتها بحق أهالي عفرين أمام المحاكم الدولية، وإعادة الحق إلى أصحابه".