من المسؤول عن العنف المستمر ضد النساء؟

بالرغم من الجهود المبذولة لإنهاء العنف ضد النساء والفتيات في العالم وفلسطين خاصة، إلا أن الطريق مازال طويلاً، لأن ظاهرة العنف باتت تغزو المجتمعات بدرجات متفاوتة ومختلفة.

نغم كراجة

غزة ـ  تواجه المرأة العديد من التحديات والعراقيل التي أفضت بها إلى التهميش وتفاقم المشكلات والأزمات في جميع نواحي الحياة، وتنامي ظاهرة العنف بكافة أشكاله ضد النساء والفتيات على الصعيد العربي والإقليمي وتدهور أوضاعهن العامة نتيجة سيطرة الذهنية الذكورية، وعدم أدراكهن لحقوقهن.

قالت مسؤولة اتحاد لجان المرأة الفلسطينية اكتمال حمد لوكالتنا "إن العنف بكافة أشكاله وصوره ناجم عن أيدلوجية والثقافة البيئية التي تحيط بالنساء والفتيات، ولا سيما قلة وعي المرأة بحقوقها ومعرفة ذاتها هو سبب رئيسي في استعمال أبشع الممارسات والانتهاكات ضدها، ووقوعها ضمن دائرة العنف والقمع المتواصل حتى يومنا هذا".

وأوضحت أن غياب التشريعات والسياسات الأساسية في البلدان العربية أفضى إلى تغاضي النضر حول القضايا المتعلقة بالمرأة وعدم إدراجها في سلم الأولويات، مشيرةً إلى أن حملة الـ 16 يوماً لمناهضة العنف ضد النساء كشفت واقع المرأة العربية والعنف الذي تتعرض له على الصعيد العالمي والداخلي وما تعانيه من إجحاف وتمييز "تواجه المرأة العربية العنف بكل أشكاله الناجم عن سوء الأوضاع الاقتصادية والسياسية والاجتماعية، إضافة إلى الصعوبات التي تواجهها في العمل والأسرة وتحمل المسؤولية كاملة". 

وحسب إحصائيات البيان العالمي لهيئة الأمم المتحدة لعام 2021/2022 تبين أن نسبة العنف ضد النساء في العالم العربي بكافة أشكاله وأنواعه تزيد عن 35% أي ما يقارب 736 مليون امرأة، وفي بعض البلدان تعدت النسبة إلى 70%، وهنالك حالات كثيرة التزمت الصمت عن العنف لذلك لا تعتبر هذه الإحصائيات دقيقة.

وعبرت عن أسفها الشديد حول الواقع المأساوي الذي تتعايشه النساء خاصة المهمشات اللواتي تعلن أسرهن، وتضطررن للعمل في مهام ومجالات أخرى لربما قد تكون ثقيلة عليهن في سبيل محاربة التغول الاقتصادي المتردي ومطاردة البطالة وتوفير قوت عوائلهن فضلاً عن انتظار يد العون والبحث عن المساعدات والشؤون الاجتماعية.

وعن المجتمعات الدونية والذكورية قالت هي أقوى الأسباب التي تخلق بيئة العنف والاضطهاد منذ سنوات عديدة وكانت إحدى أسباب عدم تحصيلها لحقوقها في عدة قضايا منها الطلاق، وتهميشها في المجالات الاقتصادية والاجتماعية والسياسية، ومنعها من التعبير عن رأيها وتطلعاتها والإدلاء بمقترحاتها وأفكارها.

وبينت أن "المرأة الفلسطينية تواجه هجوم متكرر من الاحتلال وحرمانها من العلاج والتنقل بحرية، كذلك الحروب المتتالية جعلت النساء أكثر عرضة للخطر والموت ووضعتهن تحت معالم الخوف والتوتر، وترهيبهن بسياساته وممارساته المميتة كالتهجير والتشرد وهدم المنازل فوق رؤوسهن دون إنذار، والاستهدافات المباشرة باستخدام الأسلحة المحرمة دولياً"، موضحةً أن الأعباء تتزايد عليها بالدرجة الأولى نتيجة الحصار المفروض على البلاد منذ أكثر من 15 عام.

وكونها عضو في منظمة مناهضة العنف ضد النساء والتي تضم تسع دول عربية قالت "ما نراه هو اقتتال داخلي وتفرقة عنصرية واضحة في البلدان ضد النساء والفتيات والكثير منهن تعرضن للاعتداءات والضرب والاعتقال والقتل أثناء دفاعهن عن قضيتهن ووجودهن دون اقتراف جريمة تدفع الجناة بارتكاب الواقعة بحقهن لكن الأمر ما هو إلا تسلط عنفواني وقمع ضد المرأة". 

واستعرضت قصة الفتاة الإيرانية الكردية جينا أميني التي تعرضت لجملة من الانتهاكات والاضطهاد التي أفضت إلى قتلها بدم بارد "نحن كنساء نرفض مثل هذه الجرائم كونها انتهاك صريح وواضح لحقوق الإنسان والديمقراطية وحقوق التعبير عن الرأي واحترام الحرية الشخصية، وهذا تعدي صارخ على القيم الإنسانية وحقوق المرأة وحريتها في اختيار ما يناسبها"، معلنة دعمها وتضامنها مع المعنفات والمضطهدات اللواتي تقدمن أنفسهن من أجل الحفاظ على كيانهن النسوي والقضية.

وطالبت بأن تتكفل السلطات المانحة والحكومات بحماية المرأة الفلسطينية، وإقرار قانون حماية الأسرة من العنف الذي يضمن حمايتها وحقوقها في المجتمعات، وتوفير التدابير اللازمة في أوقات الأزمات والطوارئ، وتدخل الفصائل الوطنية والمؤسسات النسوية والمدنية في إنهاء العنف ضد النساء والفتيات، إلى جانب ذلك القضاء على الانقسام السياسي الذي يهدد النسيج المجتمعي والتنمية المستدامة من أجل تعزيز الديمقراطية وانتعاش الأوضاع العامة لصالح المرأة.

وشددت على ضرورة تطبيق القوانين والتشريعات الرامية إلى القضاء على جميع أشكال العنف والتمييز ضد النساء والفتيات، وخلق بيئة عادلة خالية من العنفوان والتهميش والثقافة النمطية التي تحد من مشاركة المرأة في أي اتجاه تريده، كذلك تعزيز مشاركتها في السلم الأهلي وإنهاء الانقسام وتحقيق المصالحة والوحدة الوطنية.

وأكدت على أن المعركة النضالية التي تقودها النسويات القياديات والمؤسسات النسوية والأهلية مستمرة من أجل إيصال أصوات النساء والفتيات المضطهدات وإبراز الواقع المعيشي بكافة أصعده للعالم بهدف التدخل الفوري والدولي للنهوض بأوضاعهن وتحسين مستواهن.