مخلفات الحرب... مازالت تحصد أرواح الأطفال والنساء في إدلب

دفع الوضع الاقتصادي المتردي والفقر والنزوح، بالكثير من الأطفال والنساء في إدلب للعمل في بيئات خطرة لاسيما مكبات النفايات والأراضي الزراعية الممتلئة بالقنابل العنقودية والألغام غير المنفجرة التي راحت تحصد حياتهم بشكل شبه يومي

سهير الإدلبي
إدلب ـ .
فقد الطفل حسام الشايب (١٢) عاماً، قدمه اليسرى أثناء عملية البحث في إحدى المكبات القريبة من مخيم معرة مصرين حيث يقيم مع عائلته بعد نزوحهم من قريتهم معرة حرمة منذ أكثر من ثلاث سنوات.
يقول حسام الشايب أنه كان يتردد إلى مكب النفايات كل يوم مع عدد من الأطفال للبحث فيه عما يمكن الاستفادة منه وبيعه من معادن وألبسة وبقايا طعام، غير أن ما حدث معه في ذلك اليوم لم يكن متوقعاً "شاهدت بين النفايات قطعة معدنية أردت حملها لكنها انفجرت بسرعة لأجد قدمي قد بترت في لحظتها وظننت أنني أشرفت على الموت لا محالة".
شعورٌ قاسيٍ انتاب حسام الشايب عندما استيقظ ووجد نفسه مستلقياً على سرير في إحدى غرف المشفى ليعلم أنه فقد ساقه اليسرى إلى الأبد بعد أن عجز الأطباء إعادتها لمكانها مجدداً.
وتكررت الحوادث المشابهة لأطفال آخرين في مناطق متعددة من إدلب وخاصةً المناطق التي كانت تشهد قصف ومعارك سابقاً. 
شاهدت سراب الزعطوط (٤٠) عاماً، وفاة زوجها وابنها أمام عينيها حين كانوا يجمعون ثمار التين الموسم الفائت، وعن تفاصيل الحادثة تروي بغصة "انطلقنا معاً لجمع الموسم الذي ننتظره كل عام، كنا نعيش لحظات سعيدة يملأها الأمل ببيع المحصول وجلب مواد التدفئة والمؤن والألبسة الشتوية هذا العام، غير أن الحلم تحول إلى كابوس حين انفجر بالقرب منا لغم قديم ليذهب ضحيته زوجي وابني رائد البالغ من العمر عشر سنوات".
تعيش سراب الزعطوط في قرية إبلين بجبل الزاوية، وهي لم تنزح من قريتها رغم خطورة السكن فيها باعتبارها قرية تقع على خط المواجهة مع النظام السوري، وذلك لعدم قدرتها على النزوح والتوجه شمالاً حيث المصاريف الإضافية والتشرد الذي لا تقوى على تحمله، وأكثر ما كان يربطها بقريتها هي أرضهم الزراعية ومواسمها التي تشكل مصدر الرزق الوحيد لهم والتي حولتها الحرب لحقول ألغام خطرة راحت تحصد أرواحهم.
الممرضة روان العمر (٣٠) عاماً تعمل في قسم الإسعاف بمشفى إدلب المركزي، تقول إن أكثر ضحايا مخلفات الحرب هم من الأطفال والنساء وغالباً ما يكونون من عائلة واحدة، إذ ترتفع الحوادث المشابهة في موعد المواسم الزراعية حيث تضم الأراضي اليوم وبعد سنوات من الحرب كم هائل من مخلفات الحرب لاسيما مقذوفات الهاون والصواريخ والقنابل العنقودية التي تزهق الأرواح وتسفر عن فقدان البعض لأطرافهم.
ووثق المرصد السوري لحقوق الإنسان، مقتل ١٩ مدنياً بينهم أطفال جراء انفجار مخلفات الحرب في سوريا خلال شهر تشرين الثاني/نوفمبر الجاري، وأوضح أن القتلى سقطوا في محافظات سورية عدة منها إدلب التي شهدت مقتل ١٤ مدنياً جراء انفجارات ألغام، فيما قضى الباقون جراء ذخائر وقنابل من مخلفات المعارك.
وتعد الألغام والأجسام المتفجرة من الملفات الشائكة المرتبطة بالحرب السورية المستمرة منذ عام ٢٠١١، وسجلت سوريا العام الماضي وفق التقرير السنوي لمرصد الألغام الأرضية أكبر عدد من ضحايا الألغام متقدمة على أفغانستان.