مجسمات فنية من نواة التمر... امرأة تجمع بين الفن والتراث

في خطوة مبتكرة تجمع بين الفن والتراث، قررت إحدى نساء مقاطعة دير الزور، تحديداً من بلدة الباغوز الشهيرة بزراعة التمور، تحويل نواة التمر إلى مجسمات فنية تعكس جماليات الثقافة المحلية.

زينب خليف 

دير الزور ـ تُعتبر بلدة الباغوز واحدة من أبرز المناطق في مقاطعة دير الزور التي تشتهر بزراعة التمور، حيث تتمتع بتربة خصبة ومناخ ملائم لنمو أشجار النخيل، وفي إطار جهود تعزيز التراث المحلي، قامت صفاء الجاسم بصناعة مجسمات فنية من نواة التمر، مستلهمةً من مهرجان النخيل الذي يُبرز أهمية هذه الشجرة.

صفاء الجاسم، إحدى النساء اللواتي استطعن من خلال نظرتهن إلى إحياء تراث منطقتهن باستخدام نواة التمر وصنع أشكال عديدة ومتنوعة، ورغم الساعات التي تقضيها في صناعة أشكال فنية، والتعب الذي تواجهه أثناء عملها، إلا أن ذلك لا يمنعها من إكمال سعيها لابتكار تحف أخرى تخلد بها عملها في منطقتها.

استخدمت صفاء الجاسم أدوات بسيطة في عملية التصنيع، حيث كانت الاحتياجات الأساسية تتمثل في نواة التمر ذات الحجم المناسب، وورق حَف بخشن وناعم، بالإضافة إلى لاصق سائل خاص، وعن ذلك تقول "بعد المهرجان، تمكنت من تأمين جميع الأدوات اللازمة، حيث لم يكن لدي سوى ورق الحف قبل ذلك".

ونجحت في صناعة بئر ماء وطفاية فخارية، مُشيرةً إلى أن الفكرة جاءت من مشاهدتها لمهرجان النخيل الذي نظم في الخامس من أيلول/سبتمبر الجاري، ورغبتها في إعادة إحياء تلك القطع التراثية، وقد أحبّت صفاء الجاسم أن تجرب هذه الفكرة حيث خرجت بنتائج جيدة.

وتعتبر هذه المبادرة جزءاً من الجهود الأوسع لإحياء التراث الثقافي في المنطقة، حيث يقول مختصون في التراث "التراث ليس مجرد ذكريات؛ إنه هوية تُشكل جزءاً من حياتنا اليومية. الفنون مثل هذه تساعد على الحفاظ على تلك الهوية وتعزيزها".

كما أشارت صفاء الجاسم إلى أهمية دعم الفنانين المحليين في مساعيهم للحفاظ على التراث وتطويره بطرق جديدة ومبتكرة "الفنان هو سفير ثقافي، ومساهمته في الحفاظ على التراث تعود بالنفع على المجتمع بأسره".

وتشتهر بلدة الباغوز في زراعة التمور إذ ينتشر فيها أكثر من 12 ألف شجرة نخيل وتُنتج أنواعاً متعددة من التمور ذات الجودة العالية، ويعتمد الكثير من سكان البلدة على زراعة النخيل كمصدر رئيسي للرزق، مما يعكس أهمية هذا المحصول في ثقافتهم وحياتهم اليومية، كما يُعتبر مهرجان النخيل فرصة للاحتفاء بهذه الشجرة المباركة وتعزيز الوعي بأهمية زراعة التمور.

وأكدت صفاء الجاسم أن المشروع لاقى استحساناً كبيراً من قبل المجتمع، حيث عبر العديد من الأهالي عن إعجابهم بالفكرة وبتفاصيل المجسمات الفنية. كما تقوم بتنظيم ورش عمل صغيرة لتعليم الأطفال كيفية استخدام نواة التمر في الفنون، مما يعزز الوعي الثقافي لدى الأجيال الجديدة "نريد أن نغرس حب التراث والفنون في قلوب أطفالنا، ليكونوا سفراء للثقافة في المستقبل".

وشددت على أهمية التركيز والعمل الدؤوب في هذا المجال، مشيرةً إلى أن الأدوات قد تكون مكلفة ولكنها تستحق الاستثمار "إذا أحببنا ما نقوم به، سنستطيع تطوير مهاراتنا وإنتاج أعمال أكبر وأفضل".

وفي ختام حديثها، عبرت صفاء الجاسم عن أملها في فتح مصنع صغير لإنتاج هذه القطع الفنية وتوسيع نطاق العمل ليشمل المزيد من الأفكار الإبداعية "إذا حصلنا على الدعم اللازم، سنستمر في هذا المجال وسنُعيد إحياء التراث بطريقة جديدة ومبتكرة، تُعد هذه المبادرة مثالاً حياً على كيفية دمج الفنون مع الثقافة المحلية لتعزيز الهوية والتراث، وتفتح آفاقاً جديدة للفنانين والمجتمع على حد سواء".