مضايقة النساء أثناء قيادة السيارة تودي بحياتهن

عتاب نعمان ليست الضحية الأولى ولن تكون الأخيرة في ظل غياب الأمن الذي يحمي النساء اللاتي يقدن السيارات في مدينة بنغازي من مضايقات بعض الشباب المتهورين لهن أثناء القيادة.

ابتسام اغفير
بنغازي ـ
طبيبة الأسنان عتاب نعمان التي تعلمت قيادة السيارة حديثاً فقدت حياتها إثر حادث سير أليم في الـ 11 من نيسان/أبريل، بسبب مضايقة شاب لها بحسب شهود عيان، وضج موقع التواصل الاجتماعي فيسبوك بما حدث لها حزناً واستهجاناً، الجهات المعنية صمتت عن هذه الحادثة وغيرها من حوادث السير التي تكون ضحيتها امرأة لأن المتسبب فيها وكما هي العادة لاذ بالفرار.
بينما يلقي كثير من الرجال باللوم على النساء، بأن قيادتهن المربكة هي السبب، ومن المستحيل أن يقوموا بدفعهن للموت، وهي مجرد مناوشات لا غير، فيما يقول آخرون أن بعض من الشباب يقصدون إخافة هؤلاء الفتيات لدرجة التسبب لهن بالحوادث، والموت في أحيان كثيرة. 
قصص تُحكا ونساء تموت، وأخريات نجون من الموت بأعجوبة لا يرغبن بالحديث عن تجربتهن، لأسباب مجهولة، ففي محاولة للحديث مع إحدى الناجيات من سقوط سيارتها من على أحد الجسور بمدنية بنغازي، قالت إنها لا تود الحديث عما حدث.
ولمعرفة هل فعلاً تتعرض النساء للمضايقة أثناء القيادة بقصد إربكاهن وإخراجهن عن الطريق؟ قمنا بسبر آراء مجموعة من النساء اللاتي يقدن السيارات في مدينة بنغازي.
وإجابة على سؤالنا تقول دارين الحراري وهي موظفة في مطار بنينا الدولي، تقود سيارتها يومياً إلى عملها "نعم بمجرد معرفة الرجال أن المرأة التي تقود السيارة خائفة، ولازالت مرتبكة من الطريق تبدأ المضايقات، مثلاً يبدؤون بالسير إلى جانبها، ومحاولة إخافتها بأن يقتربون منها ثم يبتعدون، ويجتازونها، ثم يأتون أمامها ويبطؤون الحركة، وهي بالتالي تتفاجأ من هذه الحركة التي قد تتسبب لها في حادث".
 
"أتجاهل كل ما يدور حولي كي أنجو"
ورغم أن دارين الحراري تقود السيارة منذ 15 عاماً، إلا أنها تعرضت لمضايقة كادت أن تؤدي بحياتها بسبب شخص تصفه بالمريض النفسي، حيث فقدت السيطرة على السيارة لزيادتها في السرعة، نتيجة لخوفها منه ولتجنبه، وهو ما تسبب باصطدامها بالحواجز الحديدية على جانبي الطريق. 
وتؤكد دارين الحراري أن أغلب الرجال يضايقون النساء عن عمد أثناء القيادة، خاصة إذا لاحظوا أنها متوترة أو خائفة من الطريق، وهذا ما تتعرض له أغلب النساء اللاتي تعلمن القيادة حديثاً، وهذا ما حصل مع عتاب نعمان.
وحول كيفية تعاملها مع المضايقات التي تصادفها في الطريق، خاصة وأنها تعمل في مكان بعيد تقول "طريق المطار يعتبر المدخل للمدينة، ومن الطبيعي أن نصادف رجال من خارج بنغازي غير معتادين على رؤية نساء يقدن السيارات، فرأيت أن تجاهل كل شيء حولي أثناء القيادة أفضل الحلول لهذه المشكلة، أركز على طريقي فقط ولا أتوتر".
 
"إن من يضايق فتاة ويتسبب بموتها اعتبره مجرماً"
تقول بسمة الورفلي وهي موظفة بمفوضية المجتمع المدني "أرى أن من يقوم بمضايقة النساء أثناء القيادة إنسان تنقصه التربية، ولم يتعلم كيفية القيادة بالطريقة الصحيحة، أن من يضايق فتاة ويتسبب بموتها يعتبر مجرم في نظري".
وتوضح أنها لم تتعرض لمضايقة أثناء قيادتها للسيارة "ألتزم بمبدأ عدم النظر إلى الخارج، وعدم التركيز على من حولي، حتى وإن حاول أحدهم مضايقتي لا ألقي له بالاً"، وتشير إلى أن العديد من النساء فقدن حياتهن بسبب المضايقات كعتاب نعمان التي فقدت حياتها خلال الأيام الماضية، وهناك من سقطت من على جسر جامعة العرب الطبية، وأخرى من جسر سيدي حسين، وأخرى من الطريق السريع، وكثيرات غيرهن.
ومن جانبها تقول الأستاذة بجامعة المرج منى خليفة "أواجه مضايقات مختلفة من الرجال بصفة عامة ولا يقتصر الأمر على الشبان الصغار، يبدو أن أغلبهم غير راضين عن قيادة المرأة للسيارة فيقومون بمضايقتها".
وتؤكد أن بعض الرجال الذين لا يتقبلون فكرة أن تقود المرأة سيارة يحاولون إثبات أنها لا تستطيع القيادة بشكل جيد من خلال "إغلاق الطريق والنزول إلى أحد المحال التجارية وترك السيارة في منتصف الطريق غير مبال بمن يقود خلفه، خاصة لو علم أنها امرأة"، وتضيف "هناك من يقطع الطريق علينا على الرغم من أنها تكون لنا، وغيرها من المواقف التي تدل على أن أغلب الرجال في بنغازي غير متقبلين لقيادة المرأة للسيارة".
وتشاركنا بهيجة الفلاح رأيها قائلة "دائماً أتعرض للمضايقات من قبل الرجال في الطريق، وكأننا في سباق معهم، لدرجة أنهم قد يصدموننا ويذهبون وكأن شيء لم يحدث".
وحول إدراج مضايقة النساء أثناء القيادة مما يؤدي إلى فقدان حياتهن في حوادث سير، تحت بند القتل العمد، توضح الناشطة الحقوقية جازية شعيتير "لا يندرج ذلك تحت بند القتل العمد، وإنما هو إيذاء أفضى إلى الموت حتى ولو تعمد الشخص مضايقتهن، وعقوبة مرتكب الجريمة تكون دفع الدية فقط".