مدارس مهدمة وأخرى متصدعة... العملية التعليمية في إدلب تواجه غياب وسائل الحماية
تعرضت عشرات المدارس التعليمية في إدلب، لأضرار جسيمة نتيجة التصدعات والتشققات التي أصابتها وجعلتها آيلة للسقوط بسبب الزلزال، وسط غياب أدنى وسائل الحماية المتبعة مما جعلها تواجه خطر الانهيار.
هديل العمر
إدلب ـ أثر تضرر وانهيار المؤسسات التعليمية بشكل كبير على مستقبل آلاف الطلاب الذين يواجهون خطر التسرب والانقطاع، نتيجة خروج مدارسهم عن الخدمة وعدم صلاحيتها لاستقبال الطلاب والطالبات.
وفقاً لإحصائيات محلية، فإن عدد المدارس المتضررة من الزلزال بلغ نحو 250 مدرسة، من بينها مدرسة واحدة مهدمة كلياً، و203 مدرسة فيها تهدم جزئي، و46 مدرسة جدرانها متشققة.
ومنذ عشرة أيام، امتنع رائد الخالد (11 عاماً) وهو طالب في إحدى مدارس مدينة سرمدا في إدلب، عن استكمال تحصيله العلمي بعد انهيار أحد جدران الصفوف بالقرب منهم أثناء وجودهم داخل المدرسة نتيجة التصدعات والتشققات الكبيرة التي أحدثها الزلزال في معظم أجزاء مدرستهم.
"أصبحت خائفاً من الذهاب إلى المدرسة"، يقول رائد الخالد في إشارة منه إلى حجم الأضرار التي لحقت بمدرسته، وهو ما دفعه للانقطاع عن متابعة تعليمه مخافة الزلازل والهزات المستمرة والتي قد تؤدي إلى انهيارها بشكل كامل.
إخلاص الطعمة (32 عاماً) وهي والدة رائد الخالد تقول إنها أجبرت على عدم إرسال ابنها للمدرسة التي باتت غير صالحة للخدمة، خوفاً من احتمالية سقوطها في أي لحظة، بعد أن لاحظت تضررها بشكل كبير، وسقوط بعض جدرانها بشكل مفاجئ، وسط غياب الحلول أو الاهتمام بحياة عشرات الطلاب الذين يرتادونها.
وأضافت أنها ستضطر لإلحاق طفلها بمدرسة جديدة بعيدة عن مكان إقامتهم، وهو ما سينعكس سلباً على مستوى الطفل حتى يتأقلم مع الحياة الجديدة والطلاب والمدرسين الجدد، إذ أنها لا تمتلك أي خيارات أخرى متاحة أمامها للحفاظ على حياة وسلامة ابنها.
وأشارت إلى غياب وسائل الحماية في العديد من المدارس العامة التي تشرف عليها "حكومة الإنقاذ" التابعة لما تسمى بـ "هيئة تحرير الشام" في المنطقة، إنما أعادت الدوام بالشكل المعتاد دون الأخذ بعين الاعتبار المخاطر التي قد يتعرض لها الأطفال والطلاب نتيجة تصدع هذه المدارس.
وعلى مقربة من بلدة بسنيا، يقطع مصطفى كتلاتي (12 عاماً) مع رفاقه قرابة 7 كيلو مترات سيراً على الأقدام بشكل يومي للوصول إلى مدرستهم الجديدة في القرية المجاورة بعد تهدم مدرستهم السابقة بشكل شبه كامل.
ويقول مصطفى كتلاتي إنه يواجه صعوبات كبيرة في التحاقه بالمدرسة، خاصة وأنه يحتاج إلى ساعة كاملة للوصول إليها، ما جعل استكمال العملية التعليمية أمر غاية في الصعوبة بالنسبة له، نتيجة بعد المسافة والمخاطر التي يتعرض لها على الطرقات من حوادث السير وهجوم الكلاب الضالة وغيرها.
وأضاف أنه لا يوجد في بلدته سوى مدرستين مدرسة عامة تهدمت وأخرى خاصة، حيث أن حالة والده الاقتصادية والمعيشية الصعبة لا تمكنه من التسجيل في القطاع التعليمي الخاص والذي تفوق أجوره قدرتهم المالية بأضعاف، ما جعله يكابد عناء السفر بشكل يومي خشية انقطاعه عن دروسه وتعليمه.
إن كان مصطفى كتلاتي يتابع تحصيله الدراسي بصعوبة، فإن رزان القدور (12 عاماً) وهي من بلدة بسنيا، انقطعت بشكل تام عن التعليم بعد رفض والدها إرسالها إلى مدرسة القرية المجاورة بسبب بعدها من جهة، وحالة الفلتان الأمني وعمليات الاختطاف التي يتعرض لها الطلاب والأطفال من جهة أخرى.
"ما باليد حيلة"، تقول مريم الحسن (35 عاماً) والدة رزان القدور في إشارة منها إلى أنها غير راضية بقرار انقطاع ابنتها عن المدرسة، خاصة وأنها من المتفوقات في جميع مراحلها الدراسية، ولكن الظروف الصعبة التي رافقت الزلزال حال بين ابنتها والمدرسة.
وأضافت أنه من الضروري ترميم المدرسة كونها تعتبر الوحيدة في البلدة، إذ إن مئات الطلاب سيواجهون مصيراً ومستقبلاً مجهولاً في حال بقي الوضع على ما هو عليه من تردي الواقع التعليمي المتهالك أصلاً.
من جهتها، شددت ندى الدماس (38 عاماً) وهي مديرة إحدى المدارس، على ضرورة وضع خطة لاستكمال العملية التعليمية بشكل آمن، من خلال إجراء فحوصات هندسية على جميع المدارس المتضررة وترميمها بحيث تضمن سلامة الأطفال والطلاب من الأذى.
وأضافت أن الجهات المعنية لم تتخذ أي إجراءات بهذا الخصوص حتى اللحظة، وهو ما يؤكد استهتارهم بالقطاع التعليمي الذي يشهد تراجع نتيجة سياسة التضييق الممنهج التي تمارس عليه.
وأشارت ندى الدماس إلى أن بقاء البنى التحتية للمؤسسات التعليمية على هذه الحال، سيؤثر بشكل كارثي على مستقبل آلاف الطلاب الذين يواجهون خطر التسرب الدراسي على كافة الأصعدة والمستويات.