مداهمات الجولاني واعتقالاته ترعب أطفال ونساء إدلب

تعرض النساء والأطفال وخاصة الصغار منهم للترهيب والمداهمات والعنف المسلح يؤثر على صحتهم النفسية ويبقى راسخاً في مخيلتهم.

سها العلي

إدلب ـ تواصل عناصر الأمن التابعة للجولاني والمسيطرة على إدلب منذ عام 2015، عمليات الاعتقال والمداهمات للمدنيين المناهضين له، بشكل يومي لقمع حرية الرأي والتعبير، مسببين الكثير من الرعب والإرهاب للعوائل بما فيهم الأطفال والنساء.

قالت سلوى علوان 31 عاماً وهي نازحة مقيمة في مخيمات البردقلي أن عناصر من هيئة ما تسمى بـ "تحرير الشام" داهموا خيمتها في منتصف الليل واعتقلوا زوجها بعد أن أرعبوا العائلة واختطفوا زوجها من فراشه بعد كثير من السب والطعن والشتم.

وأوضحت أن زوجها لم يرتكب أي جرم يستحق تلك المعاملة الهمجية سوى أنه كان كثير التذمر من الأوضاع المعيشية والغلاء وقلة ضبط الأسعار والتلاعب بها وعدم العمل على تحسين الواقع المعيشي للمدنيين الذين أغلقت أمامهم السبل لتحصيل لقمة العيش لأبنائهم.

وبينت أن دخول عناصر الهيئة بتلك الطريقة المرعبة بث الخوف في نفوس أبنائها الأربعة الصغار الذين أجهشوا بالبكاء وسيطر عليهم الخوف والقلق والسؤال إن كان والدهم بخير أم أنهم لم يروه سالماً بينهم مرة أخرى.

أما مريم سلمو 29 عاماً، فلم تستطع البقاء في منزلها مع طفليها بعد تعرضهم للهجوم من قبل عناصر الأمن الملثمين التابعين لهيئة تحرير الشام والذين اعتقلوا زوجها من بيته بعد أن أشبعوه ضرباً وشمتاً.

تقول مريم سلمو أن زوجها لم يفعل ما يستدعي اعتقاله بتلك الطريقة الفظيعة، وأنه يتجنب الدخول في أي مشاكل، غير أنه في الآونة الأخيرة راح ينشر على حساباته انتقاد للطريقة التي يتعامل فيها عناصر الهيئة مع الاحتجاجات المدنية ومطالبهم المحقة في إنشاء مجلس شورى وكف اليد الأمنية عن المدنيين.

وأوضحت أنها منذ اعتقال زوجها الذي قارب الشهر الخامس لم تتمكن من الإقامة في منزلها الواقع في بلدة دير حسان الذي حدثت فيه المداهمة، خاصة وأن طفليها يخافون من دخول منزلهم، وتستذكر تلك اللحظات "كانت مناظرهم تثير الرعب، أجسادهم ضخمة، وطويلي القامة، وملثمين، ومدججين بالسلاح، هجومهم يوحي بفتح جبهة قتالية وليس الدخول على مدنيين أمنيين في منازلهم".

تعيش مريم سلمو مع طفليها حالة من الرعب المستمر والقلق خوفاً من تكرر ما حدث معهم، ولم تستطع الأم طمأنة طفليها لشعورها بخوف يوازي خوف الطفلين وربما أكبر جراء ما تعرضت له من مخاوف، وتعيش اليوم بمنزل والديها الواقع في مدينة حارم في الشمال السوري مع طفليها ريثما يخرج زوجها من السجن رغم عدم إقرار هيئة تحرير الشام أنها من اعتقلته حتى الساعة ولم تصرح بمكان اعتقاله أو السماح لأحد أفراد عائلته بالعمل على إخراجه من المعتقل أو حتى مجرد زيارته.

من جانبها قالت المرشدة النفسية والاجتماعية دعاء نور الدين 31 عاماً أن تعرض النساء والأطفال وخاصة الصغار منهم دون عمر السادسة للترهيب والمداهمات والعنف المسلح له أثار سلبية على صحتهم النفسية ويبقى راسخاً في مخيلتهم.

وأشارت إلى ما تسببه لهم تلك الحوادث من الخوف والرعب الذي سيبقى مستمراً مدة طويلة، وسيكون لديهم ردة فعل من أي صوت أو صخب أو ضجيج، كما يمكن أن يؤثر على سلوكهم ويجعلهم مطويين على أنفسهم وعدوانيين لدرجة كبيرة، ولا يستطيعون الثقة بأحد وحتى يفقدون الثقة بالنفس، وخاصة حين يتعرض أحد أفراد العائلة للأذى جراء تلك الحوادث وشعورهم بالخوف والعجز من مساعدته أو حتى إنقاذ أنفسهم لا سيما الوالد لما يشكله من مكانة بالنسبة للطفل فهو القدوة من وجهة نظر الطفل وطوق النجاة للعائلة.

ونصحت الأمهات في مثل تلك الحالات بتمالك أنفسهن وعدم إبداء مخاوفهن أمام الأطفال، ومحاولة احتواء الطفل ومعانقته وطمأنته بعبارات تهدئه تشعره بالأمان.

ودعت لتحييد الأطفال والنساء من أي ممارسات عدوانية أو إرهابية في إدلب، وحذرت من عواقب ما تعكسه تصرفات الهيئة ومداهماتها من تداعيات خطيرة على الصحة النفسية للنساء والأطفال التي تؤثر عليهم مدى الحياة.