معاناة نساء الطبقة بعد القضاء على داعش مستمرة

تشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 1.2 مليون طفل يتيم في جميع أنحاء سوريا نتيجة الحرب التي دمرت البلاد لأكثر من عقد من الزمن، وتتحمل النساء هذه المسؤولية في ظل أوضاع اقتصادية صعبة.

رنيم الأحمد

الطبقة ـ انتهى داعش لكن المعاناة التي سببها لنساء منطقة الطبقة بشمال وشرق سوريا لم تنتهي، فالعديد منهن فقدن أبنائهن أو أزواجهن، وتحملن مسؤولية الأبناء والأحفاد.

تربي الستينية وفاء حطاب أحفادها الخمسة بعد قتل ابنيها الاثنين خلال سيطرة داعش، وتعاني من ظروف اقتصادية صعبة للغاية، فهم يسكنون في منزل شبه مدمر ضمن الحي الثالث في الطبقة، باحثين عن الأمان وأدنى متطلبات الحياة، كما أنها تعتني بابنتها الضريرة التي تحتاج لعناية مستمرة.

وفاء حطاب وزوجها ذا الـ 70 عاماً حملتهما ظروف الحرب مسؤولية لم تعد سنوات عمرهما تسمح لهما بتحملها، فإضافةً للاعتناء بالشابة الثلاثينية الضريرة، تعتني الجدة بأحفادها ذوا الـ 5 و9 سنوات.

الواقع الأليم الذي تعيشهُ لا يمكن اخفائه فإضافةً لفقدانها فلذتي كبدها فقدت المعيل، تقول "زوجي يعاني من السكر وأمراض القلب وهو بحاجة لعمليات قسطرة مستمرة، كما أن ابنتي تحتاج لعناية خاصة، ووضعنا المعيشي السيئ للغاية بعد فقدان ولدي اللذين كانا يتحملان مسؤوليتنا جعلنا بفاقة، وبتنا نعيش على المساعدات الإنسانية وما يقدمه بعض الأشخاص الذين يرأفون بحالنا".

 

 

إجرام داعش

وتعود وفاء حطاب بذاكرتها إلى اليوم الذي دخل فيه داعش إلى منزلهم وتقول "دخلوا إلى منزلنا واعتقلوا ابني وزوجته وكان لديهم طفل عمره 6 أشهر فقط، وبعد ساعتين من اختطاف ابني الأول تم اختطاف ابني الثاني، وعند التاسعة والنصف مساءاً تم اختطاف زوجة ابني الثاني".

كان أملها بالإفراج عنهم كبيراً إلا أن الرحمة التي لم تدخل قلوب مرتزقة داعش يوماً تسببت بجرح لم يندمل "بعد فترة تم إعدامهما في الساحة العامة. اتهموهم بأشياء كثيرة لا صحة لها، ابنائي لم يفعلوا أي شيء أحدهم يعمل سائق تاكسي والآخر عامل عادي، وهمهم الوحيد هو تأمين معيشتنا بكرامة".

تشير التقديرات إلى أن هناك أكثر من 1.2 مليون طفل يتيم في جميع أنحاء سوريا، وأحفاد وفاء حطاب ضمن هذه الإحصائية لكنهم ليسوا رقماً فهناك معاناة لا يمكن تجاهلها، تقول الجدة أنه حتى هذه اللحظة لم يعرف مصير زوجات أبنائها، فهذين الطفلين دون أب أو أم يعيشان في كنف مسنين ويتحمل الجميع ما لا طاقة لهم به، فجدتهم تربيهم وفق الإمكانيات البسيطة والشبه معدومة بعد أن حُرموا من حقوقهم في التعليم وغيره.

لا يمكن إعادة ما مضى كما تقول وفاء حطاب لكنها تتمنى أن يتسحن وضعها المادي لتسطيع إعالة هؤلاء الأطفال وابنتها الضريرة "نحن بحاجة إلى تقديم العون وتوفير العلاج لهؤلاء الأطفال اليتامى ومنحهم الحق في التعليم، فابنتي ضريرة وزوجي مريض".

حال الخمسينية غصون الحمشو ليس أفضل، بعد وفاة أبنها وزوجها وفقدان أبنتها، فهي تعيش في ظل ظروف صعبة ووضع إنساني كارثي، ويقع على عاتقها حمل كبير من مسؤولية ثمانية أطفال.

تقول إنه في ظل سيطرة مرتزقة داعش على منطقة الطبقة فقدت أبنها الذي كان يخضع للعلاج في مشفى بمدينة الرقة بعد إصابته أثناء عمله "منذ خمس سنوات فقدت أبني أثناء خضوعه للعلاج ومن بعدها لم يصل لنا أي خبر منه ولا نعلم عنه أي شيء وكذلك ابنتي وزوجة ابني في طريق ذهابهم إلى مدينة حلب كي تكمل ابنتي تعليمها وخلال سفرهم تم اعتقالهم من قبل النظام".  

وبينت أنها تعمل في المونة حتى تستطيع تأمين ما يحتاجه أحفادها، ولكن مساحة منزلها صغيرة لذلك تجلس أمام المنزل لتكمل هذا العمل، "أعيل هذه العائلة المكونة من 11 شخص". مطالبةً بتقديم "المساعدات حتى ولو بشيء بسيط فأنا مريضة ولم أعد أستطيع القيام بهذا العمل المتعب، وعلى الجهات المعنية بالتكفل بهؤلاء الأطفال اليتامى".