معاناة النساء والفتيات في العام الأول لنزاع السودان
في ظل النزاع الدائر في السودان تعرضت النساء والفتيات لكافة أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي من استعباد جنسي وزواج قسري واختطاف، والتحدي يتمثل في عدم توفر البرتكول العلاجي لحالات الاغتصاب.
سلمى الرشيد
السودان ـ أكدت مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة سليمى اسحاق أن المؤسسات النسوية واجهت جملة من التحديات منها غياب المعلومات وصعوبة الوصول إليها والعنف الجنسي والاغتصاب الذي تعرضت له النساء والفتيات خلال النزاع الدائر.
لم تعد المنازل مكاناً آمناً للنساء في السودان فكيف بالشوارع، فنسبة حالات الاغتصاب الموثقة لا تمثل 2% من واقع الانتهاكات الفعلية التي تعرضت لها النساء والفتيات، هذا ما أكدت عليه مديرة وحدة مكافحة العنف ضد المرأة سُليمى اسحاق "قانون مكافحة العنف ضد المرأة ما زال يرقد في أضابير وزارة العدل، والوحدة كجهة فنية قامت بإعداده وتمت مراجعته وفي انتظار إقراره، فهذا القانون سيضمن حق النساء في إجراء عملية الإجهاض في وقت مبكر من الحمل للتقليل من المخاطر الصحية على الناجيات، وفيما يتعلق بالتقيد بإجراء اورنيك ٨ فاعتقد أن مسألة تقديم الخدمات الصحية أولاً للناجيات ضرورية ثم النظر في اورنيك ٨".
و"ارونيك 8" هو استمارة جنائية تستخدمها الشرطة بموجب قانون القمسيون الطبي لإثبات الأذى الظاهر على المصاب، على أن يترك الأذى الداخلي للطبيب.
وأكدت على أن "التحدي الأكبر هو أن غالبية جرائم العنف الجنسي والاغتصاب حدثت للنساء والفتيات داخل منازلهن التي لطالما كانت المساحة الآمنة الوحيدة لهن وتقيهن من الرصاص لكنها لم تنجح في حمايتهن من العنف الجنسي".
ولفتت إلى أن "انهيار النظام الصحي بات يعرقل عمليات توفير العلاج للناجيات المتمثل في البرتكول لحمايتهن من انتقال الأمراض كنقص المناعة المكتسبة وفايروس الكبد الوبائي، وكون النساء الأكثر تضرر من الحرب فقد فقدن مقتنياتهن وخرجن من منازلهن باحثات عن الأمان في باقي الولايات".
وحول العنف المبني على النوع الاجتماعي والانتهاكات التي تعرضت لها النساء والفتيات خلال النزاع الدائر قالت سُليمى اسحاق إن "النزاع الذي امتد على مدار عام عرض النساء لكافة أنواع العنف الجنسي المرتبط بالصراع، فأسوء ما تعرضن له العنف الجنسي الذي بات أبرز أسلحة هذا النزاع، فعدد حالات العنف الجنسي والاغتصاب الموثقة بلغت ١٥٢ حالة مقابل عدد ١٦حالة عنف جنسي ضد الأطفال، وهذا العدد لا يمثل سوى نسبة ٢% مما يحدث على أرض الواقع من اعتداءات جنسية"، مضيفةً أن هذا الإحصائيات تشمل كل من الخرطوم والجنيه ونيالا ولم تشمل مدينة ود مدني بولاية الجزيرة وقراها.
وأكدت أنه "خلال العام الأول للنزاع تعرضت النساء والفتيات لكافة أشكال العنف المبني على النوع الاجتماعي من استعباد جنسي وزواج قسري واختطاف، ولا تزال شائعة مسألة بيع النساء والفتيات مجرّد إشاعات لم يتم إثباتها، ولكن الوضع العام يشجّع على تصديقها وعدم استبعاد هذه المسألة بسبب خطورتها".
وأضافت أن "النساء والفتيات تدفعن الجزء الأكبر من الفاتورة الباهظة للنزاع، فقد أجبرن على النزوح واللجوء كما تدهورت أوضاعهن الاقتصادية إلى جانب تعرضهن للعنف بكافة وأبشع أشكاله، ومن المفجع أن تبلغ الانتهاكات ضد النساء والفتيات مرحلة الاسترقاق الجنسي، كما أن انهيار النظام الصحي بالولاية الذي كان يعد من أحد مصادر الحصول على المعلومات حول الأوضاع من خلال تقديم الخدمات الطبية للناجيات عرقل وصول خدمات الوحدة إليهن، بالإضافة لغياب خدمات الاتصالات"، مؤكدة أن كل ما يدور في مواقع التواصل الاجتماعي لا يمكن اعتماده لعدم توثيقه من قبل الوحدات الطبية التي تقدم الخدمة.
وفيما يتعلق بالتحديات والصعوبات التي تواجه عمل وحدة مكافحة العنف ضد المرأة قالت سُليمى اسحاق "منها عمليات الرصد والتوثيق لقضايا العنف الجنسي المُعتمدة على شهادات الناجيات اللواتي يتم التواصل معهن عبر وسائل الاتصال التي توقفت بسبب النزاع، إلى جانب أن العديد من حالات العنف الجنسي كانت تحدث داخل المنازل وهذا الوضع أجبر النساء على النزوح قسراً بحثاً عن أماكن أكثر أمان، والمساعدات الإنسانية تصل لكن هناك نقص كبير في مكوناتها لذلك تسعى المبادرات المحلية الشعبية إلى سده كما تعمل في ظروف أمنية واقتصادية معقدة".
وعن أوضاع النساء والفتيات في دور الإيواء والأماكن التي لجأن إليها قالت "الوضع في الولايات التي لجأ اليها أكثر من ثلاثة ملايين شخص في النزوح الداخلي الأعلى معدلاً بحسب إطار مصفوفة التدخلات الإنسانية متعددة التخصصات، يوضح أن النازحين/ات واللاجئين/ات لازالوا موجودين في الطبقة الأولى من الهرم أي أنهم لازالوا بحاجة ماسة للخدمات الأساسية، وقد صممت هذه المصفوفة لتقدم المساعدات الإنسانية بمنهج حقوقي لا يضر بالإنسان كما أنها قائمة على عدم التمييز والمساواة وإشراك المجتمع وكل ذلك يراعي الاختلافات النوعية ويعزز الصحة العقلية ويدعم الصحة النفسية".
وأضافت أن دور الإيواء المؤقتة أو ما يعرف ب (gathering point) هي بالأصل مدارس أو سكن داخلي لطلبة الجامعات وأنها كبنى تحتية هي غير مهيأة وغير مطابقة لمعايير السلامة المعروفة لحماية النساء والأطفال، والتي يزداد وضعها سوءاً مع ازدياد التغييرات البيئية والمناخية، وأن المساعدات الأساسية من غذاء ومياه الشرب كانت ولازالت تقدمها المؤسسات المحلية ولجان الطوارئ، إلا أنها غير كافية في ظل تفاقم أوضاع النساء والفتيات في معظم دور الإيواء".
وبينت أن "هنالك جملة من المعوقات تواجه النساء والفتيات اللواتي تعرضن للعنف الجنسي والاغتصاب، حيث أن معظم الحالات وقعت داخل المنازل وفي مناطق تسيطر عليها قوات الدعم السريع بنسب ٩٠%، والتحدي يتمثل في عدم توفر البرتوكول العلاجي لحالات الاغتصاب مما ينتح عن ذلك حدوث مشاكل صحية عديدة، بالإضافة لغياب خارطة تقديم خدمات الرعاية الصحية لحالات العنف المبني على النوع الاجتماعي، فخلال الفترة الأولى من النزاع كانت الخدمات الطبية تقدم من قبل الأطباء في ظل أن البرتوكول العلاجي كان متوفر، ولكن فُقدت تلك الخدمة مما تسبب بظهور أمراض خطيرة منها نقص المناعة المكتسبة والتهاب الكبد الوبائي"