معالجة توارثت المهنة من والدتها وتواصل رسالتها الإنسانية
تواصل شمسة العلي علاج الأطفال بوصفات عشبية ورثتها عن والدتها، مستندة إلى خبرة شعبية متوارثة.

زينب خليف
دير الزور ـ في ريف مقاطعة دير الزور بإقليم شمال وشرق سوريا، تعمل شمسة العلي على علاج الأطفال من الأمراض الشائعة باستخدام وصفات عشبية تقليدية ورثتها عن والدتها الراحلة، وقد بدأت رحلتها في هذا المجال منذ أن كانت صغيرة، حيث كانت تتولى مسؤولية العلاج كلما مرضت والدتها أو اضطرت للسفر.
شمسة العلي، وهي امرأة في العقد الرابع من عمرها، لا تعالج سوى الأطفال وتحديداً الحالات التي تعاني من مشكلات مثل "سحب الريح من الرأس" و"ليونة الأسنان" وأعراض أخرى تصفها بطريقتها الشعبية مثل "النافوخ اليابس" أو "ضربات الشمس"، مشيرةً إلى أن الأطفال يتجاوبون بشكل ملحوظ مع الأعشاب التي تستخدمها، والتي تشمل مكونات طبيعية مثل قشر الرمان، حبة البركة، الحرمل، اليانسون، الثوم، الكمون، والكزبرة.
وأوضحت أنها لا تنافس الأطباء، فلكلٍ طريقته في العلاج، لكنها تشير إلى أن بعض الأطفال لم تتحسن حالتهم رغم تلقيهم العلاج الطبي، فلجأ ذويهم إليها بعد محاولات غير ناجحة "غالباً ما يُشخّص الأطباء الحالة على أنها التهاب في الأمعاء، لكن عندما أستخدم لهم وصفات من الأعشاب، تتحسن صحتهم بشكل ملحوظ".
ولفتت إلى أنها تعتمد في تشخيص الحالات على ملاحظات معينة، مثل شحوب الوجه أو تيبس منطقة "النافوخ"، وحتى الروائح التي تصدر من الرأس، والتي تعتبرها مؤشرات على وجود مشاكل مثل "الريح" أو اضطرابات في الأسنان، وغالباً ما تكون هذه الأعراض مصحوبة بإسهال أو خمول، خاصة بعد التعرض لأشعة الشمس.
وأوضحت شمسة العلي أن العلاجات التي تقدمها تستند إلى إرث من المعرفة الشعبية التي تناقلتها الأمهات والجدات عبر الأجيال، مشيرةً إلى أن الأطفال يُظهرون استجابة ملحوظة لهذه العلاجات.
وفيما يتعلق بعدد الحالات التي تستقبلها يومياً، بينت "بعض الأيام يزورني أربعة أو خمسة أطفال، وفي أيام أخرى يكون العدد أكبر. أحياناً لا يأتي أحد، وأحياناً يصل الأهالي على شكل دفعات".
تختم شمسة العلي حديثها بنظرة إلى المستقبل، مؤكدة على رغبتها في توريث هذه المعرفة لبناتها كي تستمر.
يُعتبر الطب الشعبي أو الطب البديل موروثاً مهماً في المجتمعات العربية، خاصة في القرى والمناطق النائية، حيث تندر المراكز الطبية أو تكون الخدمات الصحية محدودة، وتلعب النساء دوراً محورياً في نقل هذه المعرفة جيلاً بعد جيل، مستندات إلى ملاحظات دقيقة وتجارب متراكمة، رغم عدم وجود تعليم أكاديمي رسمي.
حالات مثل "الريح" أو "ضربة الشمس" أو "يبوسة النافوخ" قد لا تكون مصطلحات طبية معترف بها، لكنها تعكس فهماً مجتمعياً لحالات مرضية قد تكون حقيقية، يُعبر عنها بلغة شعبية متداولة.
بينما يظل الطب الشعبي محل جدل بين مؤيديه ومعارضيه، تواصل شمسة العلي عملها مستندة إلى خبرة متوارثة وثقة مجتمعية متنامية، في وقت لا تزال الحاجة فيه قائمة لدمج المعارف التقليدية مع الإرشادات الطبية الحديثة، بما يضمن صحة الأطفال وسلامتهم في بيئة لا تزال تعاني من محدودية الوصول إلى الرعاية الصحية المتخصصة.