ما بين النزوح والضغوط المعيشية... سودانيات تُصارعن الحياة
مع دخول المواجهات بين الجيش السوداني وقوات الدعم السريع عامها الثاني تتفاقم معاناة النازحات اللواتي نزحن مع أسرهن إلى مناطق آمنة في ظل الظروف المعيشية القاسية، مقابل تزايد أعداد النازحات في ظل تمدد النزاع إلى ولايات أخرى.
آية إبراهيم
السودان ـ تُعدّ أزمة النزوح في السودان هي الأكبر في العالم، التي اكتوى بنيرانها الكثير من نساء السودان اللاتي وجّدن أنفسهن أمام مصير مجهول ما بين ليلة وضحاها وأوضاع أقل ما توصف بأنها مأساوية.
اضطرت بعض النازحات إلى افتراش الأرض بمراكز الإيواء التي تأوي النازحين بالولايات الآمنة وبعضهن تبحثن عن لقمة عيش لتغطي بها حاجتها من الجوع وما بين الاثنتين هناك من لايزال تحت نيران طرفي النزاع تبحث عمن يأويها ويخرجها إلى منطقة آمنة في ظل انقطاع سبل الحياة في وجهها وعدم قدرتها على توفير أدنى تكاليف هروبها من جحيم المواجهات.
وتكتظ عدد من مراكز الإيواء بولايات السودان الآمنة بالنازحات اللواتي هربن من جحيم الحرب وأصوات الرصاص في مناطق المواجهات التي اتسعت رقعتها خلال الآونة الأخيرة لتشمل عدد من الولايات، وقد عانت بعض النازحات أزمة نزوح مرتين من العاصمة الخرطوم إلى مدينة ودمدني بولاية الجزيرة وسط البلاد ومنها إلى ولايات أخرى بعد أن سيطرت عليها قوات الدعم السريع ما أدى إلى مضاعفة معاناتهن وهن تحاولن البحث عن أبسط مقومات الحياة.
وعن تجربتها في النزوح من العاصمة الخرطوم إلى مدينة ودمدني وسط البلاد ومنها إلى مدينة بورتسودان بولاية البحر الأحمر شرق البلاد أوضحت الإعلامية سارة الطيب إنها عانت أشد المعاناة رفقت أسرتها بعد هروبها من جحيم الحرب مرتين "غادرت برفقة عائلة مدينة ودمدني بعد سيطرة قوات الدعم السريع عليها وسرنا على الأقدام مسافات طويلة، بعد أن قدمنا إليها من العاصمة الخرطوم، واستطعنا الوصول إلى مدينة بورتسودان بعد عدة أيام رغم أن المسافة لا تبعد كثيراً، واصطدمنا هناك بواقع معيشي مرير في ظل غلاء المعيشة وتكلفة إيجارات العقارات".
من جانبها قالت زينب السماني الضو وهي من إقليم دارفور غرب السودان إنها عانت خلال رحلة نزوحها من نيالا ثم الرهد ومنها إلى ودمدني ثم بورتسودان من أجل البحث عن الأمان "رحلة النزوح كانت صعبه نزحت من نيالا إلى ودمدني ثم بورتسودان نحن في أمان لكن غير مرتاحين من الناحية النفسية لأنني بعيدة عن أسرتي".
وهذه الأوضاع القاسية التي تواجهها النازحات السودانيات في ظل ظروف معيشية قاسية حيث وصل سعر العملات الأجنبية أمام الجنيه السوداني أرقام قياسية بارتفاع سعر الدولار إلى ما يعادل 1600 جنيه سوداني وانعكس ذلك على زيادة كبيرة في أسعار البضائع والخدمات المتعددة.
وبدورها أوضحت الأستاذة رجاء جعفر وهي معلمة بولاية الخرطوم إنها نزحت بعد عناء كبير من الخرطوم إلى مدينة عطبرة شمال السودان ومنها إلى بورتسودان، مشيرة إلى إنها تسكن في مركز إيواء وأنها لا تستطيع مواجهة الظروف المعيشية واصفة الوضع بالمأساوي "منذ أكثر من ثمانية أشهر لم نتقاضى مستحقاتنا المالية، نعلم الإفرازات التي تخلفها الحرب لكن موظفين الدولة يجب أن يكون لديهم وضع خاص".
وفي جولة بأحد مراكز الإيواء رصدت وكالتنا أوضاع مأساوية لنازحات رفضن التقاط صور لهن وهن يصارعن الحياة من أجل البقاء ويسكن بمدرسة قامت بفتحها لهم سلطات الولاية من أجل إيواءهن وقالت سمية حسن التي تجاوز عمرها الخمسون عاماً إن النزاع قادها إلى مصير مجهول لا تعرف نهايته وهي تحاول حبس دموعها وعدم إظهار ما تعانيه في ظل أوضاع صعبة لم تتوقع يوماً أن تصل إليها ولا يختلف حديث سمية عمن تجلس إلى جوارها سامية محمد والتي تضيف إلى حديثها بمناشدة عاجلة لطرفي النزاع بضرورة إيقاف الحرب حتى تتوقف معاناتهن وتقول ودموع الحزن تنهمر من عينيها "لقد تعبنا من الحياة والوضع الذي نعيشه".
وبالرغم من حصول النازحون/ات على منح مالية مقدمة من برنامج الأغذية العالمي التابع للأمم المتحدة، إلا أن الحصول على ذلك ليس بالسهل حيث يصطف الآلاف منهم في طوابير من أجل الحصول على ذلك بعد أن قام البرنامج بتحويل المواد الغذائية، التي كان يقدمها للنازحين مثل الذرة والزيت إلى مبالغ مالية، لكنها لا تلبي احتياجاتهم.
سلافة حامد أحمد البدوي وهي متطوعة في منظمة كلنا قيم ومشرفة على تغذية أطفال مرضى السرطان تقول إن تجربة نزوحهم كانت صعبه بكل المقاييس، مشيرة إلى أن وجهتهم التي قصدوها بعد خروجهم من العاصمة الخرطوم وصلوا إليها بعد ثلاثة أيام، وهم يواجهون ظروف معيشية قاسية، متمنية أن يعم السلام والأمن ويعود جميع السودانيين إلى منازلهم.