لينا ميرزا... خصصت لأطفال السرطان مساحة آمنة
كلمة السرطان تحمل في طياتها كم هائل من الخوف والقلق بالنسبة للبالغين، فكيف سيكون وقع هذه الكلمة على طفل
نسرين كلش
قامشلو - كلمة السرطان تحمل في طياتها كم هائل من الخوف والقلق بالنسبة للبالغين، فكيف سيكون وقع هذه الكلمة على طفل. يعد سرطان الدم "اللوكيميا" وسرطان الدماغ من أكثر أنواع السرطانات التي تصيب الأطفال.
من أجل التخفيف من شعور الوحدة وتأمين مساحة آمنة للأطفال المصابين بالسرطان، تم افتتاح مركز فرح الترفيهي لأطفال السرطان في مدينة رميلان بشمال وشرق سوريا في 25 آذار/مارس 2021، بإرادة والحاح من صاحبة المشروع التي خططت لهذا المركز منذ سبع سنوات.
لينا ميرزا ابنة مدينة رميلان البالغة من العمر 30 عاماً، تخرجت من كلية الأدب العربي متمسكة بحبها واهتمامها بالأطفال، فتابعت تعليمها بدراسة رياض الأطفال، وعملت مدرسة لهم لعدة سنوات، قالت إنها خططت لافتتاح مركز ترفيهي للأطفال المصابين بالسرطان من مشروع التخرج، أي منذ سبع سنوات تقريباً، وبدأت بالعمل عليه عندما لاحظت قلة في عدد المراكز المهتمة بسرطان الأطفال في مناطق شمال وشرق سوريا.
وبحسب تقارير منظمة الصحة العالمية يصاب بالسرطان كل عام نحو 400000 طفل ومراهق تتراوح أعمارهم بين سنة و19 عاماً حول العالم، كما أنها تشير إلى أن أكثر السرطانات شيوعاً بين الأطفال هو سرطان الدم "اللوكيميا"، وسرطان الدماغ والأورام اللمفاوية والأورام الصلبة، مثل أورام الأرومة العصبية وأورام ويلمز.
مركز فرح الترفيهي لأطفال السرطان افتتح بنوايا إنسانية بحتة تعليمية وترفيهية، بهدف زراعة البسمة والأمل للمصابين، وتأمين مساحة آمنة للأطفال بعد تعرضهم للتنمر خلال رحلة العلاج، ومنح عائلاتهم معنويات عالية.
تقول صاحبة فكرة المشروع لينا ميرزا عن ذلك "تضامنت مع أطفال السرطان منذ سبع سنوات، وأنا أحث على متابعة نشاطاتهم ودعمهم سواء من خلال الإرشاد النفسي لهم أو من خلال قيامي بمشاريع خاصة لهم، حبي واهتمامي بهم جعلني أفكر دائماً بطريقة تخفف ولو شيئاً بسيطاً من معاناتهم".
وأشارت إلى أنه في العام المنصرم قررت تحقيق حلمها إذ قامت بالخطوات المطلوبة من أجل افتتاح المركز والحصول على الترخيص من شؤون المنظمات في الإدارة الذاتية، وفيما بعد قامت بتجهيز المركز من دهان وفرش وألعاب وزينة تجذب الأطفال، حتى تم الافتتاح وبدأ المركز بنشاطاته، يضم المركز عشر أطفال مصابين بالسرطان على أنواعه، كما أن المتطوعين هم سبعة أشخاص منهم مرشدين نفسيين وأخصائيين علم نفس.
"نزرع الأمل لنمحي الألم" هذا هو شعار مركز فرح الترفيهي لسرطان الأطفال المكتوب على اللون الأصفر الذي يشير الى أطفال السرطان، قالت لينا ميرزا إن المعنى في هذا الشعار هو هدفهم الأول والأخير زرع الأمل بنفس كل أم وطفل وتأمين الفرح والسرور لهم حتى ولو كان لفترة زمنية معينة.
عن السبب الذي دفعها للاهتمام بالأطفال قالت "ظروف الحرب التي مرت بها البلاد سلبت الطفولة والأمان من الأطفال، حيث كانوا ضحايا التشرد والتهجر والنزوح كما أن ملاحظتي بأن المراكز المهتمة بالأطفال قليلة في مناطقنا في شمال وشرق سوريا، دفعتني لهذا العمل وتشجعت عندما وجدت الدعم النفسي من عائلتي والأهالي والأطفال".
بالسؤال عن النشاطات والفعاليات التي يقدمها مركز فرح للأطفال قالت" الأنشطة متنوعة بين الترفيهية والمعنوية، إضافة إلى الأنشطة الحسية والذهنية والحركية للأطفال، والنشاطات المتعلقة بالتركيز مثل الشطرنج، والتركيز على الرياضة ومواهب الأطفال كالموسيقى والرسم، وأيضاً تعليمهم اللغتان العربية والكردية"، مبينةً أن "ردة فعل الأطفال بعدما أتوا إلى المركز كانت إيجابية، حيث وجدوا مكاناً آمنا يحضن آلامهم وبالتالي مشاركتهم لبعضهم البعض في المراحل التي يمرون بها".
وسلطت الضوء على موضوع التنمر ضد الأطفال في المدارس، وقالت إنه حيال ذلك سيقوم المركز بتنظيم جولات في مدارس المنطقة، للتوعية بموضوع سرطان الأطفال وأهمية البيئة الحاضنة للطفل المصاب، كما يتم تقديم جرعات مجانية للأطفال التابعين للمركز.
وذكرت لينا ميرزا أن من المشاريع المستقبلية تخصيص قسم من المركز لمحاربة سرطان الثدي ولمساعدة النساء بشكل عام، وسيتم تنظيم محاضرات وجلسات توعية عن العنف بكل أشكاله، والتمييز والتنمر أي أن المركز سيحضن أيضاً فكرة التوعية النسائية الاجتماعية، وقالت إنه سيتم العمل في المراحل المقبلة على تمكين النساء اقتصادياً، من خلال افتتاح دورات تعليمية مهنية من أجل أن ينضم كل من يريد التعلم كالخياطة، والاسعافات الأولية وصناعة الحلويات.
وفي ختام حديثها أكدت لينا ميرزا أن "الإرادة تصنع المستحيل، أما العوائق فلا تمنع الأحلام من التحقق، فالجلوس مكتوفة الأيدي لا يفيد، والإرادة القوية للعمل والإيمان بهذا العمل يجعلان كل امرأة تبدع في مكان معين بمجال خاص بها".