ليلى عبدي... الإعلامية التي ما زالت تناضل من أجل تحرير مدينتها
نقلت الصحفية ليلى عبدي من خلال عملها الصحفي معاناة النازحات من مدن شمال وشرق سوريا التي احتلتها تركيا ومرتزقتها، لتكون مرآة المجتمع وصوته.
نورشان عبدي
كوباني ـ استطاعت الإعلامية ليلى عبدي بكاميراتها وقلمها إيصال صوت شعبها إلى جميع أنحاء العالم خاصةً بعد تغطية الانتهاكات التي ارتكبتها تركيا بحق المدنيين خلال احتلاها لمدينتها كري سبي/تل أبيض.
بالرغم من أن الحرب والأزمة السورية التي عاشتها وتسببت بحرمانها من إكمال تعليمها، ودراسة التخصص الذي كانت ترغب فيه، إلا أنها ساهمت بعد انطلاق ثورة روج آفا وانخراطها في مجال الإعلام، وتغطية ما تعرض له المدنيين في مدينة كري سبي بشمال وشرق سوريا خلال شن تركيا ومرتزقتها الهجمات عليها لاحتلالها؛ في إظهار الحقيقية للعالم أجمع، لتكون صوت المرأة الحرة ورغم تلقيها العديد من التهديدات لم تتراجع عن مبادئها وبقيت مستمرة في نقل آلام المجتمع للرأي العام.
تنحدر مراسلة فضائية روناهي ليلى عبدي البالغة من العمر 25 عاماً، من مدينة كري سبي/تل أبيض بشمال وشرق سوريا، واجهت في طفولتها الكثير من الصعوبات كونها كردية خاصةً في ظل تواجد حكومة دمشق، وعن ذلك تقول "خوفاً من ممارسات حكومة دمشق لم نكن نستطيع البوح بأننا كرد، حتى أثناء دراستنا لم يكن يعلم أحد بأننا كرد كنا ندرس ونتحدث مثلهم باللغة العربية حتى في الأماكن العامة، حتى أسمائنا تم تغييرها إلى أسماء عربية، كل ذلك الاضطهاد كان في سبيل القضاء على الشعب الكردي".
عاشت وشهدت الحرب التي اندلعت في سوريا في الخامس عشر من أذار/مارس من عام 2011 وتأثرت بها، مثلها مثل بقية الأطفال كانت تبني في مخيلتها كيف سيكون مستقبلها، إلا أن مخططاتها وغيرها من الأطفال ذهبت في مهب الريح، في ظل أصوات الرصاص والصواريخ والقذائف، فمع سيطرة المرتزقة والفصائل المسلحة التابعة لتركيا على كري سبي في العشرين من أيلول/سبتمبر عام 2012، لم تستطع الخروج من منزلها والذهاب إلى المدرسة خوفاً من الخطف والاعتداء والقتل "بعد تمركز الفصائل المسلحة في مدينتنا طالبوا بخروج الكرد من المنطقة وأباحوا لأنفسهم حتى النساء الكرديات، كانوا يرون أن الكرد كفار، وهذا ما دفعنا للنزوح من المدينة".
نزحت ليلى عبدي مع عائلتها إلى إقليم كردستان لتعيش هناك، إلا أنها استمرت في التواصل مع الأهالي المتواجدين داخل مدينة كري سبي، لتكون على معرفة بما يجري هناك وما الذي يتعرضون له من قبل مرتزقة داعش التي سيطرت على المدينة عام 2014، لقد كانت بعيدة بجسدها ولكن روحها لا تزال تقطن المدينة وتكبر هناك.
بعد تحرير مدينة كري سبي من قبل قوات سوريا الديمقراطية من مرتزقة داعش باسم حملة الشهيد روبار قامشلو في الخامس عشر من حزيران/يونيو عام 2015، تلاشت غيوم داعش السوداء وانتشرت رايات النصر في المدينة، تصف ليلى عبدي تلك اللحظات بالقول "استطاعت المرأة بعد تحرير المدينة من الوصول إلى حقوقها وأخذ مكانتها في المجتمع والمشاركة في إدارة المدينة ضمن مراكز ومؤسسات الإدارة الذاتية الديمقراطية".
وبعدين عامين من تحرير المدينة عادت ليلى عبدي مع عائلتها في السادس من تموز/يوليو عام 2017، للعيش في مدينة كري سبي، لتستقر فيها وتبدأ العمل في المجال الإعلامي والصحافة في فضائية روناهي سعياً منها للكشف عن الحقائق والتراث والثقافة، بالإضافة إلى ما عاشته المدينة في ظل سيطرة حكومة دمشق والمرتزقة والفصائل المسلحة التابعة لتركيا.
وسطلت خلال عملها الضوء على ما عاشته النساء في ظل الحرب، وبالرغم من قلة خبرتها ومعرفتها استطاعت أن تكون مرآة المجتمع والتكلم باسمه وإيصال آلامه ومعاناته للعالم أجمع، كان هدفها إظهار التعايش المشترك وأخوة الشعوب.
مع بدأ تركيا ومرتزقتها حملتها العسكرية على مناطق عدة من شمال وشرق سوريا عام 2019، سعت ليلى عبدي لإظهار الانتهاكات والمجازر المرتكبة بحق أهالي مدينة كري سبي، قائلةً "لقد كان ذلك الهجوم والعملية التي سميت بـ "نبع السلام"، عبارة عن نبع للدماء والإجرام والقتل بحق المدنيين العزل، لقد قمت بتوثيق المجازر التي ارتكبها في المدينة بحق الأطفال والنساء وكبار السن، من خلال استخدام كافة أنواع الأسلحة الثقيلة والطيران المسير والحربي"، مشيرةً إلى أنه كان عليهم كإعلاميين إظهار حقيقة تركيا ومساعيها من احتلال المدينة.
بعد احتلال مدينة كري سبي في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر عام 2019، انتقلت ليلى عبدي للعيش في مدينة كوباني بشمال وشرق سوريا لتواصل عملها الإعلامي هناك، ومن خلال تسليط الضوء على معاناة المهجرات قسراً من كري سبي المتواجدات في مخيم تل السمن، سعت للكشف عما يتعرض له أهالي المدينة من قبل الاحتلال التركي.
تعرضت ليلى عبدي لتهديديات مباشرة عبر منصات التواصل الاجتماعي من قبل مرتزقة الاحتلال التركي، للتوقف عن العمل كإعلامية، والكشف عما يتعرض له المدنيين في كري سبي، لكنها لم تتوانى عن عملها ولا تزال تعمل على إيصال صوت الشعب ومعاناته إلى العالم.