ليلى بايون: ازدياد ظاهرة الانتحار أمر مثير للقلق

الانتحار من أكثر الظواهر الاجتماعية مأساوية، فهي تخلق فجوة في العلاقات الاجتماعية والشخصية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية

الانتحار ليست ظاهرة حديثة في المجتمع، وهو لا يقتصر على جغرافية أو فترة زمنية محددة، فالإحصائيات المتصاعدة يوماً بعد يوم، تزيد القلق.

جيران محمدي

مهاباد ـ الانتحار من أكثر الظواهر الاجتماعية مأساوية، فهي تخلق فجوة في العلاقات الاجتماعية والشخصية والاقتصادية والسياسية والأخلاقية، وهذه الفجوات تؤثر على المجتمع.

وصل عدد انتحار الفتيات في قرى أورمية وإحراق أنفسهن إلى مستويات مقلقة، ونشرت وسائل الإعلام في الأشهر الأخيرة أنباء عن عدد من الحالات، وتحديداً من قرى حول أورمية. فالانتحار ليست ظاهرة جديدة في شرق كردستان، لكن تزايد عدده أمر مثير للقلق.

كما أن الانتحار لا يتعلق بالجغرافيا أو الوقت. ففي محافظات شرق كردستان، شهدنا في السنوات الأخيرة زيادة في معدلات الانتحار، وهو أمر مقلق. فأسباب الانتحار متعددة ويجب على المعنيين بالأمر من رجال السلطة والمسؤولين، علماء الاجتماع، علماء النفس والأطباء النفسيين وحتى عامة الناس والمجتمع أن يؤدوا واجبهم للحد من هذه الظاهرة، فيجب العمل أكثر على هذه القضية وعلى الإعلام أن يلعب دوره في التوعية والحد منها.

وكالتنا أجرت حوار مع خريجة العلوم السياسية ليلى بايون لتحدثنا عن ظاهرة انتحار النساء في أورمية.

 

ما أسباب انتحار النساء في أورمية؟

هناك أسباب نفسية واجتماعية تكمن وراء ظاهرة الانتحار. فالأسباب النفسية هي أن يرى الشخص نفسه عاجزاً أمام المشاكل وحلها، فيرى نفسه قد وصل إلى نهاية المطاف والحل الوحيد الذي أمامه هو الانتحار.

كما أن تزويج الفتيات في سن مبكر والنسيج الثقافي التقليدي السائد يحمّلهن مسؤوليات كبيرة لا تتناسب مع أعمارهن والنتيجة تكون فشل في العلاقة الزوجية، الأمر الذي يسبب اكتئاب للفتاة، فينتهي بها الأمر بالانتحار للتخلص من الحياة.

بالإضافة إلى أن النسيج الثقافي التقليدي الحاكم على المجتمع لا يسمح ببناء علاقة ودية ومتقاربة بين الوالدين والأبناء، هذا الابتعاد سبب في عدم التفاهم بين الجيل الجديد والقديم، فتصبح هناك ثغرة في عدم الانسجام الفكري، الأمر الذي يولد عنه خلافات فكرية تؤدي في النهاية إلى الانتحار.

 

لماذا ارتفع عدد حالات الانتحار بين النساء الكرديات في أورمية؟

في 7 كانون الثاني 2022، أضرمت زهراء صابري من قرية قني التابعة لسوماي برادوست النار بنفسها، كما أضرمت فتاة في ١٨ من العمر تدعى "كاجين فتحي" من منطقة "راجان" هي الأخرى النار بنفسها، وفي 4 آذار 2022 انتحرت "جالة زهراء بيما" البالغة من العمر ٢٠ عاماً من منطقة "سيوة"، وغيرهن الكثير، اللواتي انتحرن لأسباب موحدة وهي الخلافات العائلية التي تسببت بزيادة معدلات الانتحار بين النساء.

 

ما هو وضع المرأة في المناطق الكردية؟

مركور، تركور، سوماي برادوست، سيلوانا، أنزل، دشت وسنندج مناطق كردية، تختلف المرافق الترفيهية والرعاية والخدمات المقدمة في هذه المناطق من واحدة لأخرى.

منطقة "مركور" متفوقة نسبياً على "تركورو"، وعدد النساء الجامعيات في منطقة "مركور" أكثر من كل المناطق المذكورة سابقاً. إلا أن توزيع المرافق العامة غير عادل.

كما أن الاحصائيات تشير إلى أن أغلب حالات الانتحار تحدث في المناطق الآنفة الذكر التي تختلف ثقافتها الاجتماعية اختلافاً شاسعاً عن بعضها، كما أن الخدمات المقدمة تختلف، ويعد الحرمان والفقر من أهم أسباب الظاهرة.

فالمجتمع يتجه نحو الحداثة والتغيير، إلا أن هذه التغيرات لا تنسجم مع ثقافة المجتمع الذي يعيشونه فيه. في هذه المجتمعات، كلما زاد الإنسان وعياً، زاد تألماً. الثقافة المسيطرة على هذه المجتمعات تقليدية وبالتالي التغيير في مثل هذه المجتمعات لا يلاقي ترحيب، دائماً هناك ردة فعل إزاء الحداثة ولايزالون يعتقدون بأنه يجب على المرأة أن تسير على خطاهم وعلى النمط القديم من الحياة ولا يريدوا أن يستوعبوا بأن المجتمع قد تطور.

 

ما هي الحلول للحد من انتشار ظاهرة الانتحار؟

كل المنتحرات قاصرات، لهذا السبب يجب إنشاء بنى تحتية للعلوم النفسية والاجتماعية، وتأسيس مرافق للرعاية وتوزيعها بشكل عادل على المناطق. على سبيل المثال، لا توجد مدارس في قرية سوماي برادوست، والفتيات لا تستطعن إكمال دراستهن بسبب عدم قدرتهن على الذهاب إلى قرية أخرى. المرافق الموجودة في هذه القرية بسيطة جداً وتسمح للفتيات بالتعلم حتى صف الخامس الابتدائي وهذه أحد أسباب انتشار الأمية بين الفتيات، فهن تقضين أغلب أوقاتهن في البيوت وتتزوجن في عمر مبكر.