ليلى النموشي: على المجتمع المدني الضغط لتغيير القوانين التي تقصي النساء
أكدت الناشطة المدنية ليلى النموشي أن القانون الانتخابي تسبب في ضعف عدد المترشحات الأمر الذي أنجر عنه تراجع في المكتسبات التي حققنها.
نزيهة بوسعيدي
تونس ـ أدى نظام الاقتراع على الأفراد في الانتخابات التي شهدتها تونس، إلى تراجع تمثيلية النساء في البرلمان، بعد سنوات من نضال التونسيات وتحقيق مجموعة من المكتسبات.
لمعرفة الأسباب الكامنة وراء تراجع عدد النساء في البرلمان التونسي الذي انطلقت انتخاباته التشريعية أمس السبت 17 كانون الأول/ديسمبر، كان لوكالتنا حوار مع الحقوقية والناشطة المدنية ليلى النموشي.
ما تداعيات تراجع عدد النساء في البرلمان الجديد على وضع المرأة؟
كنا في المحطات الانتخابية بصدد تحقيق بعض الإنجازات كمبدأ التناصف في الهياكل المنتخبة وخاصةً الهيكل التشريعي الذي يعتبر أحد أعمدة البلاد، ولكن تفاجأنا بقانون انتخابي يقصي المرأة أو يحرمها من فرصة الترشح، ويؤدي إلى التراجع في المكتسبات التي حققتها، هذا القانون الانتخابي تسبب في ضعف عدد المترشحات الأمر الذي أنجر عنه تراجع كبير في نسبة تمثيليتهن في البرلمان.
وبينما كنا نتحدث عن 27% بالمحطات الانتخابية ولسن راضيات عليها وأردنا القيام بخطوات وإجراءات حتى نصل إلى 50%، إذا نتفاجأ بقانون انتخابي يؤدي إلى خسارة تعود بنا إلى الوراء بتحقيق نسبة 5% فقط أي أنه من حيث الكم النسبة دون المأمول وتراجع كارثي بالنسبة للمرأة التونسية، ومن حيث الكيف لن تكون المرأة التي تمثلنا بل ستكون المرأة التي صعدت بفضل الصدفة.
ما الدور الذي يجب أن يلعبه المجتمع المدني لوقف هذه التراجعات التي عرفتها مكاسب المرأة التونسية؟
تحدثنا عن الديمقراطية التشاركية بين مكونات المجتمع المدني والحكومة لربح محطات ومكاسب إذ بنا لسنا في هذا الاتجاه، اليوم يتحمل المجتمع المدني العبء الأكبر لأنه لا يسير في نفس مسار الحكومة وذات التوجه، وسيناضل بجهد أكبر لتغيير الموروثات المتراكمة والعادات والتقاليد البالية والحد من العنف الاقتصادي والسياسي والجندري ضد النساء.
وسيعمل المجتمع المدني على تغيير القرارات والقوانين التي تفرضها الحكومة والتي تحرم النساء من العديد من الحقوق الأمر الذي يعتبر عنفاً سياسياً، هذه المرحلة الصعبة تفرض تحرك المجتمع المدني بكل قوته للعمل ضده، وعلى الحكومة أن تكون قراراتها متماشية مع توجهاته.
كيف بالإمكان الحد من العنف الاقتصادي الذي تعاني منه المرأة؟
العنف الاقتصادي هو تمييز قائم على النوع الاجتماعي ويشمل الارتقاء المهني والفرص والتمليك والاستثمار، هذا العنف يتضاعف كلما اتجهنا نحو العمل الهش وعلى رأسه العاملات في القطاع الفلاحي والصناعي غير المهيكل، ومن الحلول التي يجب العمل عليها للحد من هذا العنف، هيكلة العاملات وتنظيمهن نقابياً، إضافةً إلى تنظيم النقل والمساواة في الأجور وتطبيق الاتفاقيات الدولية ومعايير العمل اللائق، وكذلك فرض تطبيق القوانين المحلية والمراقبة والمتابعة والمحاسبة وفرض العقوبات على منتهكيها، ومن الضروري انخراط الإعلام في التصدي للظاهرة، وكذلك القضاء للردع منها.
كما أن هناك تخوفات على الحقوق والحريات بصفة عامة وعلى مكاسب المرأة بصفة خاصة لأن الواقع الاجتماعي هش خاصةً مع ارتفاع نسب الأمية والفقر وقتل النساء. إذا غياب الإرادة السياسية وغياب تصور مجتمعي واضح يتبنى مدنية الحكومة وكونية حقوق الإنسان، تتراجع فيه المكتسبات بشكل كبير عوض أن تتطور.
بالرغم من نضال المرأة لسنوات طويلة، إلا أنها لا تزال متأخرة في بلوغ مواقع صنع القرار، فكيف بالإمكان تجاوز هذه المفارقة؟
المفارقة التي نعيشها تكاد تأخذ شكلاً كاريكاتورياً إذ تحظى المرأة التونسية بالتفوق في التعليم، في العمل، في الإنتاج، غير أن وجودها بمواقع القرار والصفوف الأمامية نادر، وهنا نبدأ أولاً بالمرأة التي يجب أن تكف عن استبطان خطاب الدونية، وعلى الحكومة أن تفعل الآليات والاجراءات من أجل المساواة التامة والفعلية، وعلى المجتمع المدني أن يطور آليات العمل على هذه القضايا.
فالإرادة السياسية هي مفتاح تغيير الواقع الاجتماعي وغيابها يعني تواطؤ مع الاقصاء والتمييز ضد المرأة، وبالتالي أرى أنه أمام المجتمع المدني طريق طويل وتحديات كبيرة من أجل أن يحمي ما تحقق، ومن أجل ما يجب أن يتحقق.