ليبيا... تراجع المنظومة الصحية يدفع بمريضات السرطان لبيع ممتلكاتهن
تعاني المنظومة الصحية في ليبيا تراجعاً كبيراً منذ عام 2011، لأسباب عديدة من بينها الحروب التي شهدتها البلاد، والانقسام السياسي والأزمة الاقتصادية، مما أدى إلى نقص المعدات والأدوية، وخاصة جرعات العلاج الكيماوي لمرضى السرطان.
هندية العشيبي
بنغازي ـ تضطر المصابات بالسرطان في ليبيا إلى البحث عن العلاج خارج البلاد، لضعف الخدمات الصحية وتدهور المؤسسات الصحية في ليبيا، إثر فشل الحكومات المتعاقبة في تحسين الخدمات الصحية المقدمة، حيث تفتقد المؤسسات الصحية لأغلب الأدوات والمواد والأدوية اللازمة لتقديم العلاج.
على أبواب المراكز والمستشفيات في ليبيا، يتجمع العشرات من المرضى بحثاً عن العلاج، لكن تظل معاناة من يعانون الأورام هي الأكثر صعوبة، مما يضطرهم للسفر خارج البلاد بحثاً عن علاج.
تقول أحلام الفيتوري وهي إحدى المصابات بسرطان الثدي، أن السلطات فشلت في تقديم العلاج لمرضى السرطان، لذلك تلجأ المريضات للسفر خارج البلاد للحصول على العلاج الذي تدفعن من أجله مبالغ طائلة، مشيرةً إلى أنها تعرضت للإذلال داخل المصحات خارج البلاد، رغم دفعها الكثير من الأموال لإجراء العمليات اللازمة، وذلك لأن ليبيا لا تضع آلية مناسبة لعلاج المرضى".
وأوضحت أنه حدث لديها خطأ طبي خلال إجراء إحدى العمليات الجراحية نجم عنه تفشي الورم داخل اجزاء أخرى من الجسم وذلك قبل أخذ عينات للخضوع للعلاج الكيماوي في الأردن وليبيا، وتضيف "ليست لدي القدرة على شراء الحقن كل شهر، فقد بعت كل ممتلكاتي، ورغم ذلك لم أستطع بثمنها شراء هذه الحقن، خاصةً في ظل الوضع المعيشي الصعب الذي يعيشه الليبيون حالياً".
وطالبت أحلام الفيتوري بضرورة توفير مركز مختص بالأورام تتوفر فيه كل طرق العلاج والأدوية والمستلزمات اللازمة لعلاج السرطان بالإضافة لمختصين كفوئين قادرين على تقديم الخدمات الصحية للمريضات بشكل جيد.
ويسافر المرضى الليبيين إلى خارج البلاد لتلقي بعض علاجات الأورام، خاصة مع نقص العلاج بالأشعة، وعدم توفر معظم الأدوية الكيماوية، إلى جانب نقص في الوسائل التشخيصية الحديثة مثل المسح النووي وغيرها.
فحميدة بوزريبة التي تواصل علاجها الكيمياوي والإشعاعي داخل ليبيا بعد إجراءها العديد من العمليات الجراحية في مستشفيات تونس، تلقت أكثر من 30 جرعة علاج إشعاعي في تونس، بعيدة عن أطفالها وعائلتها، موضحةً أنها تنتظر لأشهر للحصول على موعد للتصوير المغناطيسي أو التلفزيوني، لعدم وجود أدوات وأجهزة كافية داخل المؤسسات الصحية في ليبيا، ما اضطرها للعودة لتونس مرة لإجراء التحاليل والصور اللازمة لعلاجها.
رغم هذا النقص الحاد في الأدوات والأجهزة الخاصة بمرضى السرطان في المستشفيات الخاصة والعامة في ليبيا، أثنت حميدة بوزريبة على دور الأطقم الطبية والطبية المساعدة من النساء اللواتي تعملن على تقديم الدعم النفسي والمساندة لكل مريضات السرطان لمساعدتهن على العلاج والتخفيف عنهن.
وأكدت أخصائية الأورام رحاب شمبش أن سرطان الثدي هو أكثر أنواع الأمراض السرطانية انتشاراً لدى النساء في ليبيا، رغم غياب المعلومات والبيانات الدقيقة حول عدد المصابات.
وبينت أن سرطان الثدي وسرطان عنق الرحم والرحم بالإضافة لسرطان القولون لدى النساء من الأمراض المميتة، وذلك لعدم الكشف المبكر من قبل النساء على هذه الأمراض عند الشعور ببعض الأعراض الخطيرة.
وشددت على ضرورة تناول التطعيمات الخاصة بمكافحة الفيروسات المسببة لسرطان عنق الرحم، والتي تتوافر في أغلب المراكز والعيادات الطبية المختصة بالأورام في البلاد، ودعت النساء إلى اتباع نظام صحي غذائي يعتمد على الخضراوات والفواكه والبروتينات، مصحوباً بممارسة الرياضة خلال فترات معينة بالأسبوع، مؤكدةً على ضرورة التوعية ببرامج الكشف المبكر للأمراض السرطانية خاصة للنساء، لتفادي الإصابة بالأمراض التي تودي بحياة المريضة في حال تم اكتشافها في وقت متأخر.
وحول النساء المصابات بالسرطان في ليبيا تقول الطبيبة سعدة محمود بوليفة أن سرطان الثدي والذي تصاب به النساء هو أكثر أنواع السرطانات انتشاراً في ليبيا وكذلك في العالم يليه سرطان الرئة وسرطان المستقيم. موضحةً أن أعداد المصابين في تزايد مع قلة توافر العلاج اللازم لهم.