ليبيا ... أثار نفسية واجتماعية تخلفها الحروب والصراعات لدى النساء

الحروب والنزاعات تؤثر بشكل كبير على النساء، وتجعلهن أكثر عرضة للتهميش والأذى، والتي أدت إلى تغيير الدور الاقتصادي ولاجتماعي لهن.

هندية العشيبي

بنغازي ـ تخلف الحروب اثاراً اجتماعية ونفسية لدى النساء، حيث تستهدف النساء خلال النزاعات المسلحة ولكونهن نساء فيتعرضن للاعتداء والاغتصاب إضافة الي المعاناة التي تتعرضن لها نتيجة لفقد الزوج أو الابن أو سجنها أو تعرضهن لإصابات خطيرة تجعلهن تعانين من اثارها طوال حياتهن.

ليبيا على غرار باقي البلدان العربية، اندلعت فيها الحروب والنزاعات عقب قيام ثورة 2011، التي اسقطت النظام السابق، وتفاقمت هذه النزاعات المسلحة في 2014 بعد محاولة الجماعات الارهابية والمتطرفة السيطرة على البلاد، والدمار الذي لحق بأحياء ومناطق ومدن بأكملها نزحت على أثره الالاف من العائلات والنساء، وفقدت خلاله النساء عدد كبير من ازواجهن وابنائهن واولياء امورهن.

وتأثرت الأرامل والحوامل والمرضعات والفتيات الصغيرات وذوات الاحتياجات الخاصة، بشكل كبير من هذه الحروب، وهذا هو الجانب الذي يجعل النساء أكثر عرضة للتهميش والأذى بسبب الحروب والنزاعات المسلحة والذي أدى الى تغيير الدور الاقتصادي والاجتماعي لهن.

وعن تأثيرات النزاع المسلح العقد الماضي في ليبيا قالت الناشطة الحقوقية راوية الجازوي أن الحروب أثرت اجتماعياً واقتصادياً ونفسياً على الشعب الليبي وخاصة النساء، اللواتي تعرضن لحالة من عدم الاستقرار، نتيجة للنزوح أو الهجرة، بالإضافة للأوضاع الاقتصادية المتردية خاصة التي واجهت النساء اللواتي فقدن مصدر رزقهن، أو فقدن عائلاتهن خلال الحرب.

وأوضحت أن الحروب أثرت على العائلات بشكل واضح وكبير، فالصراع يزيد من معاناة المرأة داخل الاسرة باعتبارها أم وزوجة وفي هذه الحالة قد تتأثر الروابط الاسرية بفقدان بعض أفرادها أثناء النزاع، موضحة أن حالات الطلاق ارتفعت في المحاكم عقب 2011، لأسباب عدة منها خلافات أسرية واخرى اقتصادية واجتماعية، وتتأثر المرأة بشكل أكبر في الحروب فهي تعاني الفقر والبطالة، وخاصة إذا فقدت معيلها ومنزلها الذي يأويها، فتضطر في معظم الاحيان للعمل أثناء الحروب لسد الثغرات التي تركها الرجال الذين ذهبوا للحرب أو قتلوا.

وأضافت أن النزاعات المسلحة في ليبيا لم تؤثر على 50 ألف امرأة نازحة فقط، بل اثرت على كافة النساء والفتيات في مختلف المناطق والمدن، مطالبة بضرورة انشاء مراكز للتأهيل النفسي لأعاده تأهيل النساء بعد الحروب، من خلال تنظيم دورات وورش عمل وندوات تدريبية وتوعوية حول آلية تخطي المعاناة وحالة الحروب التي عاشتها خلال الاعوام الماضية.

وعن الأثار النفسية للحروب والصراعات المسلحة في ليبيا على النساء قالت: أن الأثار النفسية للحروب عديدة وغير منظورة، فهي قد تؤدي إلى أمراض واضطرابات سلوكية جسيمة، كالخوف الدائم والخوف المرضي، كذلك الصدمات العنيفة، بالإضافة للإحباط والقلق الدائم والاضطرابات المختلفة.

وعن وضع المؤسسات التعليمية خلال الحرب وبعدها أكدت على أنها شهدت عدم الاستقرار من خلال ايقاف الدراسة والذي أثر بشكل كبير على الطالبات والمعلمات، خاصة أن اغلب الكوادر التعليمية في ليبيا هي من النساء، لافتةً إلى أن بعض المدراس والمؤسسات التعليمية استخذت خلال الحروب كمقرات لاستقبال العائلات النازحة والتي تعرضت منازلها للدمار الكامل نتيجة للقصف الصاروخي أو التفجير أو الاستهداف.

وطالبت المجلس الاعلى للمرأة الليبية والمنظمات المدنية المعنية بالمرأة بالضغط على مجلس النواب واللجان المختصة بالمرأة والطفل داخله، من أجل اقرار وسن تشريعات تحمي المرأة وتحفظ حقوقها في كافة المؤسسات العامة والخاصة داخل البلاد.

 

 

من جانبها أوضحت رئيس المنظمة الليبية لحقوق الانسان حنان الشريف أن ربات البيوت من أكثر الفئات تأثراً من الحرب، خاصة اللواتي فقدن معيلهن، فهذا الدور الجديد المتمثل في تحمل مسؤولية المنزل اقتصادياً أضاف على كاهلها معاناة قد تعجز اغلب النساء على تحملها، موضحة أن النساء العاملات ساعدن على النهوض بالمجتمع عقب الحروب رغم الصعوبات التي تعرضن لها خلال تلك الفترة.

وأشارت إلى أن دور مؤسسات المجتمع المدني المعنية بالمرأة خلال الحروب وبعدها، من خلال مساعدة النساء واعانتهن وتقديم الادوات اللازمة لهن لتأسيس مشروعات صغرى تساعدهن على تحسين وضعهن المعيشي ومن خلال تقديم برامج للتدخل المهني للتخفيف من الاثار النفسية ولاجتماعية والاقتصادية للنساء المتضررات من الحروب والنزاعات المسلحة.