'لتجاوز المرحلة الراهنة نحن بحاجة لتعزيز فلسفة حرية المرأة'

في ظل التطورات الأخيرة على الساحة السورية، تسعى المؤسسات النسائية وعلى رأسها تجمع نساء زنوبيا لتوسيع أنشطتها ورفع وتيرة النضال متخذات نداء القائد عبد الله أوجلان أساساً لهن لتحرير المجتمع وبناء سوريا ديمقراطية تعددية.

آفرين نافدار

دير الزور ـ أكدت الإدارية في تجمع نساء زنوبيا مزكين جوتكار على أهمية الرجوع إلى تاريخ الآلهات، والسعي لبناء مجتمع ديمقراطي، معتبرة نداء "السلام والمجتمع الديمقراطي" للقائد أوجلان طريق خلاص النساء من الاضطهاد.

شهدت دول الشرق الأوسط وسوريا بالتحديد في الآونة الأخيرة، أحداثاً متسارعة وانتهاكات أثرت بالدرجة الأولى على النساء اللواتي دفعن الثمن غالياً، وفي الوقت الذي تناضلن فيه للحصول على حقوقهن وحريتهن، وتحتفلن بيومهن العالمي توجه القائد عبد الله أوجلان بنداء لهن، ليفتح أمامهن الطريق نحو الخلاص وبناء مجتمع ديمقراطي تلعبن فيه دورهن وتشاركن في اتخاذ القرارات المصيرية المتعلقة بهن.

حول نضال المرأة على مر التاريخ للحصول على حقوقهن ولعب دورهن في المجتمع والمشاركة في اتخاذ القرارات تقول الإدارية في تجمع نساء زنوبيا مزكين جوتكار "قدمت النساء الكادحات تضحيات جسيمة من أجل تحقيق أهدافهن وإيصال أصواتهن إلى العالم، والمطالبة بحقوقهن التي حصلن على بعضها، لكن لا تزال هناك حقوق أخرى لم تُحقق بعد، خاصة في المجال السياسي".

وأشارت إلى أن النساء لم تلعبن دورهن على أكمل وجه بسبب النظرة الدونية التي يفرضها المجتمع والعادات والتقاليد البالية التي تحد من إمكانياتهن، لذا تسعى المرأة لاستعادة جوهرها الحقيقي وثقافة آلهة الأم من خلال جهودها المستمرة في مختلف المجالات، سواء كانت إيديولوجية، تنظيمية، سياسية، دبلوماسية، اجتماعية، أو اقتصادية، بهدف تحقيق الاعتماد على الذات "عندما تم السيطرة على أسسها الاقتصادية التي كانت تديرها سابقاً، ابتعدت عن جوهرها، ومع ذلك، فإن القرن الحادي والعشرين هو عصر المرأة، حيث أصبحت تدرك حقيقة الحروب التي تُمارس ضدها، وأصبحت أكثر تنظيماً لمواجهة جميع التحديات التي تواجهها".

ولفتت إلى أن القائد عبد الله أوجلان يؤكد أن ما يدفعه للاستمرار في نضاله من داخل سجن إمرالي منذ أكثر من 26 عاماً هو قوة المرأة في إقليم شمال وشرق سوريا، حيث تواصل نشاطها الحزبي والتنظيمي والدبلوماسي وتؤدي أدواراً مهمة في مختلف المجالات، كما أشار القائد أوجلان إلى أهمية إيديولوجية المرأة، معتبراً إياها حجر الزاوية لبناء امرأة حرة، فهي التي تخلق اللغة بين الأم والطفل وتساهم في بناء العلاقات الاجتماعية، بالإضافة إلى دورها في تربية الأجيال.

وحول أسس ومبادئ الشيوعية الديمقراطية وما هي صفات الشخصية الاشتراكية التي يجب أن يتسم بها الرجل  للعيش مع المرأة الحرة، أوضحت أن الاشتراكية كانت لها في البداية دور كبير في تعزيز المساواة بين الجنسين، لكنها لجأت إلى أطراف أخرى بسبب عدم منح المرأة دوراً فعّالاً في هذا النظام "للعودة إلى جوهر الاشتراكية، يجب أن نعيد النظر في الديمقراطية، حيث إنهما مرتبطان ببعضهما البعض لضمان عدم تجاهل أي من الطرفين، فالتشاركية تعني التعاون بين الجنسين، بينما تعكس الديمقراطية احترام الآخر والمساواة، يجب على الرجل الذي يعيش في المجتمع مع المرأة أن يتبنى قيم الاشتراكية الديمقراطية، لأن العقلية الذكورية قد أنكرت وجود المرأة، مما جعلها تابعة للرجل أو مجرد آلة لإنجاب الأطفال، كما أدت إلى تهميشها وحرمانها من حقوقها الإنسانية".

وأشارت إلى أن مفهوم الأمة الديمقراطية يرتكز أيضاً على حرية الرجل، وليس فقط حرية المرأة، لذا، ينبغي على الرجل أن يدرك ما هو مطلوب منه ليتمكن من التعايش مع المرأة الحرة، وأن يتخلص من العادات والتقاليد البالية والمفاهيم الفردية التي ترسخت فيه بشكل أعمق ويعود إلى جوهره من أجل التعايش في مجتمع حر تسوده الديمقراطية، حيث إن حرية المجتمع ترتبط ارتباطاً وثيقاً بحرية المرأة.

وأضافت "يقول القائد عبد الله أوجلان أن المرأة تمثل الكون، أي أساس المجتمع، بينما الرجل يشبه الكواكب التي تدور حولها، فعندما نعيد للمرأة قدسيتها وجوهرها وثقتها بنفسها من خلال إصرارنا على فكرة تحرير المرأة من القيود المجتمعية، فإننا نكرم نضالها المستمر الذي بذلته على مر السنين، فثقافة عبودية المرأة بدأت من ثقافة بابل أو الإمبراطورية البابلية، كانت هناك ممارسات غير إنسانية تُعتبر جزءاً من الشريعة أو العادات المجتمعية، ففي بعض الطقوس الدينية، قد تكون هناك ممارسة تتضمن تقديم القرابين، أو دفن المرأة بجانب الملك أو الحاكم المتوفى".

ومن ذلك المنطلق أكدت على أهمية الرجوع إلى تاريخ الآلهات من خلال التنظيم والحماية الذاتية، بالإضافة إلى السياسة والإدارة، أي كيفية إدارة المرأة لنفسها لبناء مجتمع حر وديمقراطي، وعن تجربة النساء في إقليم شمال وشرق سوريا تقول "لدينا تنظيمات عديدة وحركات تحررية نسوية، إلى جانب عمل سياسي دبلوماسي قوي نتبعه، بالإضافة لبناء قوة دفاعية عسكرية، للدفاع عن حقوق المرأة، وخير مثال على ذلك قوات حماية المرأة، ولنا أسس في ذلك وتم تطبيقه على أرض الواقع في إقليم شمال وشرق سوريا حيث تتجه أنظار العالم كلها إليها".

ولفتت إلى أن ثورة روج آفا انطلقت بجهود المرأة التي شاركت في نواحيها السياسية والعسكرية والتنظيمية والإدارية، وهذه المسؤولية تطلب منها لعب دور المُخلص ليس فقط لإقليم شمال وشرق سوريا بل لجميع نساء العالم، من النزاعات والحروب والانتهاكات والممارسات اللإنسانية واللأخلاقية، كما على النساء في إقليم شمال وشرق سوريا أن تتبنين حركات تنظيمية تُعزز فلسفة حرية المرأة، ورفع مستوى النضال لتحرير جميع النساء في العالم.

وحول كيفية محاربة النساء والحركة النسوية العنف الجنسي والعقلية الذكورية، وإمكانية ضمان ثقافة المرأة الحرة تقول "العنف الممارس ضد المرأة والويلات التي عانتها في هذه المرحلة، كل ذلك سببه الفكر السلطوي والديني للرجل، فالاعتداء على المرأة واغتصابها يعد قتل لها، في الحقيقة العقل لا يمكنه تصديق ذلك، وحتى نخلص المجتمع أو نتجاوز المرحلة يجب أن تكون لدينا القوة والإرادة والصبر، كل ذلك يأتي من فكر أو أيديولوجيا راسخة وقوية".

ولتخليص المرأة من هذه الانتهاكات وتخليص الرجل من الذهنية الذكورية المسيطرة عليه، تحتاج النساء للعديد من الحركات النسوية على أساس إيديولوجيا "Jin Jiyan Azadî"، كما أوضحت "بذلك سنبني مستقبل المرأة والمجتمع للعيش بحرية وأمان وبحياة تشاركية قائمة على احترام الآخر والأيادن والقوميات، ولتحقيق ذلك نحتاج لعمل دؤوب وصبر وثقة واعتناق الفكر الصحيح، نحن بحاجة للتنسيق بين العمل الإداري والاجتماعي والعسكري وبذلك نصل لحماية الذات والجوهر".

وعن دعوة القائد أوجلان لـ "السلام والمجتمع الديمقراطي"، والرسالة التي وجهها للنساء بمناسبة يومهن العالمي الذي صادف الثامن من آذار، تقول "هذا النداء التاريخي يعد رمزاً للسلام والأمان والخلاص من الحروب التي أثرت بشكل كبير على النساء والأطفال، شعرت النساء بحماس كبير فور استماعهن إلى الرسالة الموجهة لهن من قبل القائد أوجلان وندائه، وهو ما تجلى خلال احتفالاتهن والفعاليات التي نظمت بمناسبة يوم المرأة العالمي، لقد أظهر ذلك تلاحم النساء من مختلف المكونات في المنطقة".

وفي ختام حديثها أكدت الإدارية في تجمع نساء زنوبيا مزكين جوتكار على ضرورة توسيع أنشطة المؤسسات النسائية في المنطقة وعلى رأسها تجمع نساء زنوبيا، ليشمل كافة مدن سوريا، بهدف توعية النساء في تلك المناطق وتعريفهن بحقوقهن وتاريخهن، ورفع وتيرة النضال من أجل تحرير المجتمع وبناء سوريا ديمقراطية تعددية.