لماذا تمنع الفتيات من التمثيل والمسرح في غزة؟

تواجه الفتيات في غزة عدة قيود في مجال التمثيل المسرحي وذلك بسبب العادات والتقاليد التي يفرضها المجتمع عليهن.

رفيف اسليم

غزة ـ يعتبر قطاع غزة بيئة طاردة لمواهب الفن التي تمتلكها الفتيات، فرغم التطور الفكري الطارئ مؤخراً الذي غير من طريقة حكم بعض العائلات على الأمر، إلا أنه ما زال الكثير منها يراه جريمة وتستحق مرتكبته أن ينزل بها أشدة العقوبة لردعها.

تروي زينة محمد وهو اسم مستعار لفتاة فضلت رواية تجربتها دون ذكر اسمها، قائلةً أنها كانت تؤدي العروض التدريبية لأداء أحد الأدوار في مسلسل ما بموافقة والدها المسافر في الخارج، وبقيت الأمور على ما يرام إلا أن تم عرضه وانهالت العائلة على والداها بالاتصالات، فطلب منها الانسحاب فوراً والتزام المنزل حتى يعود من رحلته.

وأضافت "أديت ما علي كاملاً بموجب الاتفاق الذي عقدته مع المخرج وعندما علم والدي ذلك عاد إلى المنزل قاطعاً رحلته وانهال علي ضرباً وحبسني في المنزل عدة أيام مانعاً إياي من الذهاب حتى للجامعة، إلى أن قطعت وعد بعدم العودة للتمثيل مرة أخرى لأستطيع إكمال دراستي".

وأوضحت "علاقتي بوالدي لا تزال مضطربة حتى اليوم، وعندما سألته عن سبب تغير موقفه، أوضح أن عمي طلب منه ردعي وإلا سيتدخل هو، مما دفعه لمنعي بالقوة بالرغم من اقتناعه أنني لا أفتعل جريمة ولا أستحق ما لاقيته من عنف جسدي ونفسي، فقرر السماح لي بالخروج بشرط عدم العودة للتمثيل مرة أخرى".

في قصة أخرى لسماح ساق الله وهي في العقد الرابع من عمرها، أوضحت أنه في السابق لم يكن الوضع أفضل فقد حرمت هي أيضاً من الغناء بقول "ماذا سيقول الناس عنك" وكأنها تقترف جريمة في كل مرة تصعد بها للمسرح وتصدح بصوتها الذي كان الجميع يطرب به فلا يملون من الاستماع إليه لساعات متواصلة.

وأوضحت أن انضمامها لفرق تقوم بأداء الأغاني الفلكلورية لم يشفع لها وبالرغم من أنه كان هناك إشادة بموهبتها، إلا أن شقيقها لم يأبه بذلك، مقرر وضع حد لموهبتها عند سن العشرين عام، وتزويجها لأول شخص يقرع بابها وبالفعل قد تم الأمر في غضون أشهر.

 

 

بدورها تعلق المدربة في مجال الإخراج والتمثيل والمسرح هناء الغول، أنها تعمل في تلك المهنة منذ ما يقارب 7 سنوات وكانت شاهدة على العديد من القصص لفتيات فضلن عدم إخبار عائلاتهن أنهن تتدربن على تقديم عروض مسرحية، بالرغم من عدم وجود اختلاط، وأدائها يقتصر فقط على النساء؛ خوفاً من مجابهة العنف اللفظي أو الجسدي أو الحبس في المنزل.

وأضافت "اكتشفت الأمر عندما طلبت منهن مشاركة الفيديو الخاص بالتدريبات التحضيرية للعرض على صفحاتهن الشخصية عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لكني وجدت الغالبية ممتنعة، وعندما سألتهن عن السبب أوضحن أن غالبية أولياء الأمور يرفضوا مشاركة فتياتهن في التمثيل أو الغناء بسبب النظرة التي يحملها المجتمع لمن تؤدي تلك المهام، وخوفاً من مجابهة العائلة".

وأوضحت أنها في السابق كانت تعاني كي تجد فتاة تجسد الدور أمام الجمهور أو عدسة الكاميرا خوفاً من أن يراها أحد أفراد عائلتها، فتضطر أن تلبس الشاب لباس فتاة وتضع له شعر مستعار كي يجسد الدور وكأننا نعود بالزمن للوراء، لتتفرد هي وحدها بأداء تلك الأدوار المختلفة.

 

وتذكر هناء الغول أنها في أحد المرات كانت تدرب مجموعة من الفتيات على أداء عرض لتتفاجأ برجل مكفهر الملامح يدخل للمسرح، طالباً من أحد الفتيات الخروج معه على الفور، وعندما تحققت من الأمر تبين أنه زوجها ولا يريد لها أن تتدرب على التمثيل أو الاختلاط بذلك المحيط على حد وصفه.

وفي قصة مشابهة تروي هناء الغول أنها ذات مرة ساعدت أحد الفتيات على أداء العروض الغنائية لتصبح الأمهر بين جميع فتيات جيلها، لكنها طلبت أن تصعد على المسرح مغطية الوجه كي تبقى مجهولة الهوية، لافتة أن الفتاة بقيت تعمل في مجال الإعلانات الغنائية عبر الراديو لسنوات ولم يعرفها أياً من أفراد عائلتها.

جميع تلك القصص التي عايشتها جعلتها تشعر أنه يقع على عاتقها المسؤولية بفعل شيء ما، فكانت تنظم جلسات توعوية مع حول كيفية التعبير عن حقهن في تنمية موهبتهن وأي الأساليب أنحج في الاقناع، لتحدث على مدار الخمس سنوات الماضية فرق كبير في تحول نظرة العائلة لتلك المهنة.