'لم يحرك المجتمع الدولي ساكناً أمام المجازر والانتهاكات التي مورست بحقنا'

فقدان زوجها لحياته ضمن مقاومة العصر لم يكسر من إرادتها بل أكسبها القوة والإصرار في الاستمرار بالمقاومة بمرحلتها الثانية ضمن مقاطعة الشهباء في شمال وشرق سوريا.

روبارين بكر

الشهباء - خاض أهالي مقاطعة عفرين بشمال وشرق سوريا مقاومة كبيرة في وجه هجمات الاحتلال التركي في 20 كانون الثاني/يناير 2018، وسميت مقاومتهم بـ " مقاومة العصر".

كل عائلة من عفرين تمتلك قصص روح المقاومة في سبيل الحفاظ على أرضهم والدفاع عن كرامتهم، ومنهم عائلة حورية رشيد 55 عاماً من ناحية شران وهي أم لـ 5 أبناء، كل فرد من عائلتها كان له دور في التصدي لهجمات الاحتلال التركي سواء في جبهات القتال أو تنظيم الشعب وتوعيته أو الأعمال اللوجستية.

تقول حورية رشيد أنها عملت ضمن الإدارة الذاتية لعفرين قبل هجمات الاحتلال التركي "بعد نزوحنا من حلب أتينا إلى عفرين، وبعد فترة أصبحتُ الرئيسة المشتركة في كومين قرية قرت قولاق بناحية شران"، وتضيف "الحياة المعيشية في عفرين كانت جيدة، وتعد عفرين في ذلك الوقت من أكثر المناطق أمناً واستقراراً".

واستذكرت يوم الهجوم "في 20 كانون الثاني من عام 2018 تأكد هجوم الاحتلال التركي علينا وبدأنا نجهز أنفسنا لصده، وعند وصولي إلى المنزل في الساعة 3 عصراً بدأت تحوم الطائرات الحربية في سماء عفرين، 72 طائرة حربية قصفت معاً كافة مناطق ونواحي عفرين"، معتبرةً الهجوم "مؤامرة ضد مقاطعة عفرين وسكانها، 58 يوماً استمرت مقاومة عفرين ومع ذلك جميع الدول لم تحرك ساكناً أمام المجازر والانتهاكات التي مورست بحقنا".  

وعن دور الشعب في مقاومة العصر قالت حورية رشيد "مع بدء الهجمات على عفرين لم نقف مكتوفي الأيدي بل كل شخص منا أخذ مكانه في الدفاع عن أرضه، كنا نقوم بتوعية الأهالي حول خطر الهجوم وضرورة حماية أنفسهم والدفاع عن عفرين ضمن حرب الشعوب الثورية، بالإضافة إلى المشاركة في العمل اللوجستي"، مبينةً أنها عملت ضمن مجموعة النساء اللواتي أعددن الطعام للمقاتلين/ات "48 يوماً كنا نجهز الطعام في قريتنا، لم نكن نعرف الخوف ضمن مقاومة العصر فهدفنا كان صد الهجمات وعدم السماح للمحتل التركي بالدخول إلى عفرين وشعارنا المقاومة حياة".

وحول المشاهد المؤلمة التي بقيت عالقة في ذاكرتها وأثرت عليها قالت "حرصنا على المشاركة في مراسيم الشهداء والتظاهرات التي شاركت بها وفود من مختلف مناطق شمال وشرق سوريا، هذه المراسيم من أكثر المشاهد التي أثرت علي، ففي كل يوم كنا نشيع العشرات من الشهداء والشهيدات، كل عائلة في عفرين قدمت شهيد أو أكثر في سبيل الدفاع عن عفرين. الأمهات أرسلن فلذات أكبادهن إلى الجبهات". 

وأضافت "تأثرت كثيراً بمشاهد الأطفال وهم يقفون أمام جنازات أباءهم، فهؤلاء الأطفال ليس لهم ذنب ليعيشوا دون أب، هؤلاء الأطفال سيكبرون وينتقمون لآبائهم ولما عاشوه من ألم ومعاناة بعد سلب أرضهم منهم".

وبينت حورية رشيد بأن اثنان من أبنائها في الخطوط الأمامية للجبهات، وزوجها ضمن قوات الأمن الداخلي، "بعد أن كثف الاحتلال التركي من الهجمات على القرية اضطررت للذهاب إلى مركز المقاطعة، وبعد 5 أيام سمعت نبأ استشهاد زوجي محمد عبدو في قرية كوكبة بناحية جنديريس بتاريخ 10 آذار"، مشيرة إلى أنه "حاولنا كثيرا إخراج جثة زوجي ورفاقه لكن طائرات الاستطلاع منعتنا من ذلك لهذا بقيت جثامينهم هناك، وفي نفس الوقت كان ابني محاصراً لمدة تسعة أيام".

وأكدت حورية رشيد أن الاحتلال التركي استخدم كافة الأسلحة الثقيلة والطائرات الحربية في هجماته على عفرين "الشهداء الذين استهدفتهم الطائرات احترقت جثامينهم بشكل كامل، وحرمنا حتى من رويتهم وتوديعهم".

تقول إن إصرارهم على البقاء والمقاومة كان أقوى من مخططات الاحتلال التركي "بالرغم من تكثيف الهجمات إصرارنا ومقاومتنا للبقاء كانت أقوى من المخططات التي مورست ضدنا، المحتل التركي استهدف المدنيين قبل العسكريين، وارتكب المجازر بحقنا، وقد صرح مسؤولين أتراك بأنه سيتم قصف عفرين بالغاز الكيماوي إن لم نخرج منها، وفي بعض المناطق فعل الاحتلال ما هدد به"، موضحةً أنه "خرجنا من عفرين وبقي أبنائنا يدافعون حتى آخر يوم".

واختتمت حورية رشيد حديثها بالقول "دفعنا أغلى ما لدينا لحماية عفرين لكننا لم نستطع منع الاحتلال التركي ومرتزقته من السيطرة عليها أمام تخاذل العالم، لذلك نعاهد شهدائنا بالسير على طريقهم والانتقام لدمائهم التي سقوا بها تراب عفرين، نعاهدهم بالاستمرار في مقاومتنا بالمرحلة الثانية حتى تحرير عفرين".