للقضاء على الفكر المتطرف... مركز الرعاية الاجتماعية يعيد دمج عوائل داعش

يسعى مركز الرعاية الاجتماعية في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا، من خلال افتتاح دروات توعوية لتسهيل إعادة دمج العائدين من مخيم الهول بهدف القضاء على الفكر المتطرف.

يسرى الأحمد

الرقة ـ يعمل مركز الرعاية الاجتماعية في مقاطعة الرقة بإقليم شمال وشرق سوريا للقضاء على الفكر المتطرف وإعادة دمج عوائل داعش الذين تأثروا بفكره المتطرف ومنحهم حياة أفضل.

تبنى داعش إيديولوجية عنيفة وأدعى السلطة الدينية على أهالي المناطق التي سيطر عليها، وأثر بفكره المتطرف على شريحة واسعة منهم، وبعد القضاء عليه على يد قوات سوريا الديمقراطية بإقليم شمال وشرق سوريا، عملت المؤسسات على إعادة دمج عوائل مرتزقة داعش من نساء وأطفال بشكل سليم وآمن، ففي الرقة قام المجلس التنفيذي ومركز الرعاية الاجتماعية بالشراكة مع برنامج الخدمات الأساسية المدعوم من قبل الوكالة الأمريكية للتنمية الدولية المركز الأول من نوعه، باستقبال الدفعة الأخيرة من العوائل العائدين من مخيم الهول في 9 أيلول/سبتمبر 2023، لإعادة دمجهم في المجتمع.

وحول الهدف من افتتاح مركز الرعاية الاجتماعية قالت الرئيسة المشتركة للمركز نعيمة محمد "للتخفيف من الازدحام والاكتظاظ الذي يعانيه مخيم الهول قمنا بإخراج كافة النساء اللواتي تحملن الجنسية السورية لإعادتهن الى عوائلهن أما بقية الجنسيات فننتظر دولهن حتى تستدعينهن، وفكرة افتتاح المركز طرحت العام الماضي لتكون خاصة بالنساء وذويهن العائدين من مخيم الهول ويعنى بجميع شؤونهم وأمورهم الخدمية والصحية والتعليمية والتوعوية، وبعد عقد اجتماعات بالتنسيق مع المنظمات الداعمة في المجال الإنساني تم افتتاحه في كانون الثاني من العام الجاري".

وحول طبيعة عمل المركز أوضحت "نستقبل بين الحين والآخر العديد من الدفعات للنساء العائدات من مخيم الهول، ونقدم لهن كافة الخدمات الأساسية واللازمة بالتنسيق مع كل من هيئة الصحة وبلدية الشعب وهيئة التربية والتعليم لدمج أطفالهن ضمن المدارس التابعة للإدارة الذاتية، ونعمل على تيسير كافة أمورهن منها الأوراق الثبوتية والبيانات الخاصة بالتعريف بهن، ويضم المركز عدة مكاتب منها مكتب خاص بإدارة الحالة والمعني بالنساء العائدات من مخيم الهول ومكتب الدعم النفسي ومكتب الرقابة والتقييم والتخطيط ومكتب المرأة ومكتب التدريب والتأهيل المهني والفكري".

وعن الهدف من افتتاح دورات فكرية وتنمية القدرات قالت نعيمة محمد "عقدنا عدة جلسات على مدار عشرة أيام متواصلة، حملت عنوان كيف أنمي قدراتي والعنف ضد المرأة والأمور القانونية التي تخص الأوراق الثبوتية وتسير الأمور الخدمية في المنطقة، ونقوم بإشراك عدد من أهالي المجتمع المضيف، لتخليصهن من الفكر المتطرف الذي مورس عليهن إبان حقبة داعش للتسريع من عملية دمجهن".

وحول ورشات العمل والجلسات التدريبة والتوعوية التي تم عقدها قالت "نتيجة ذهنية المجتمع الشرقي الذي يعتبر فيه المرأة الفئة الأضعف والتي تتبع لزوجها في كل شيء، يسعى المركز للقضاء على أشكال العنف الذي عاشتها النساء من قبل أزواجهن خلال سيطرة داعش، كما نركز على هذه الفئة التي تحتاج لدعم مادي ومعنوي وخاصة أنهن بتن تقمن بدور الأب والأم في ذات الوقت".

وأوضحت أن الفكر المتطرف والمتعمق لازال يسيطر على أذهان الأطفال "هنالك جلسات خاصة بأطفال داعش، تتناسب مع ما عاشه وشاهده هؤلاء الأطفال من قتل وعنف في فترة سيطرة داعش التي كان لها تأثيرات سلبية على أسلوبهم وميول أفكارهم للعنف والقتل، لذلك يقوم المركز بعقد نشاطات ترفيهية وتعليمة وخلالها لمسنا الفرق بين ذهنية الطفل قبل وبعد خضوعه للجلسات والتغيير الذي يطرأ عليه وعلى أسلوبه في التعامل، خاصة أن الأطفال بشكل عام تكون استجابتهم أبطئ كونهم نشأوا وتربوا على الفكر المتطرف".

وعن الصعوبات التي واجهت مركز الرعاية الاجتماعية بينت "واجهتنا الكثير من الصعوبات من حيث التواصل أو النقاش مع النساء العائدات، فكان هناك نفور وانطواء ملحوظ من قبلهن، فقد كن تحرصن على عدم رفع الخمار عن وجوههن أو حتى القبول بالحديث مع العاملين في مجال التوعية، كونهن لازلن سجينات الفكر المتطرف، ومع مرور الوقت ومن خلال جلسات التواصل معهن لاحظنا أن هنالك نوع من التغير بفكرهن وأسلوب تعاملهن مع الآخرين بشكل إيجابي، هنالك تغير كبير على أرض الواقع أيضاً حيث أصحبن تلتحقن بالدورات بدافع شخصي من قبلهن على الرغم من أن الحقبة  السوداء التي عشنها إبان سيطرة داعش  الطويلة لا يستهان بها، لذلك هن لازلن بحاجة إلى وقت أطول ودورات أكثر".

وأكدت "لتغير هذا الفكر المتطرف والقضاء عليه، وتغيره إلى منحى آخر سلمي وآمن لهن ولذويهن، فالتعامل معهن يحتاج إلى سلاسة وحذر ووعي وفهم أكبر، فنحن نتعامل معن دون فرض أي شيء عليهن"، لافتة "لاحظنا عبر تواصلنا معهن أن هناك نساء لا يمتلكن هذا الفكر المتطرف انما كنا مجبرات عليه".

وعن الخطط المستقبلية للمركز قالت نعيمة محمد "على الرغم من أن إمكانيات المركز بسيطة ولا تكفي لتغطية هذه العدد الهائل من العوائل، نستعد لاستقبال دفعات أخرى من مخيم الهول، ونحث كافة النساء اللواتي تخرجن من هناك على الانضمام إلى المركز والخضوع للدروات فكرية لتخليصهن من الفكر المتطرف وتسهيل حياتهن وحياة أطفالهن".