للنساء دور مهم في الحملة العالمية المطالبة بالإفراج عن القائد أوجلان

يمثل القائد عبد الله أوجلان المفكر المهموم بقضايا أمته الذي دفع ثمناً غالياً من حريته نظير دفاعه عن شعبه، ما يستوجب على كل أحرار العالم أن يرفعوا الصوت عالياً مطالبين بفك أسره لينعم بحقه

مقال بقلم: سلمى رمزي أحمد

لقد دافع القائد والمفكر عبد الله أوجلان عن المرأة وسعى للنهوض بها وتجسد ذلك في مؤلفاته العديدة التي تناولت دور المرأة الفاعل في تطور المجتمعات من الناحية النظرية والفكرية، وتناوله في العديد من كتبه ودراساته وأوراقه وما إلى ذلك.

أما من الناحية العملية فيمكن القول إن تجربة الإدارة الذاتية الديمقراطية المطبقة في شمال وشرق سوريا تمثل تجسيداً حياً لفكر القائد عبد الله أوجلان حيث أن المرأة يناط إليها الكثير من المسؤوليات، فضلاً عن الإدارة المشتركة التي تفرض إدارة جميع المؤسسات بقيادة مشتركة من قبل امرأة ورجل، وهذه التجربة أثبتت نجاح واسع على أرض الواقع وأضحت تمثل تجربة رائدة وملهمة للنساء في منطقة الشرق الأوسط والعالم.

إن القائد عبد الله أوجلان محتجز في معتقل في جزيرة إمرالي التركية منذ ربع قرن، لا لشيء إلا لأنه يحمل هموم وقضايا شعبه وأمته الكردية، وهذا يمثل تجاوز فاضح لكافة المواثيق والقوانين والأعراف الدولية المعنية بحقوق الإنسان، المواثيق التي تُنتهك هذه الأيام بشكل فج في غزة على مرأى ومسمع من العالم ولم يحرك ساكناً، ما يؤكد أن تلك المواثيق والقوانين التي تتشدق بها المنظمات الدولية المعنية بحقوق الإنسان ليست سوى أداة يستخدمها الرجل الأبيض حينما يشاء لخدمة أهدافه السياسية ومصالحه الاقتصادية.

إن صمت الأنظمة الغربية ومنظمات حقوق الإنسان الدولية حيال الانتهاكات التي تمارس منذ ربع قرن وخاصة عدم منح عبد الله أوجلان حق الأمل يكشف عن نفاق تلك الأنظمة والمنظمات الدولية التي لا تعدو أن تكون أدوات في يد الغرب تخدم مشاريعهم ومتطلباتهم، وتغمض أعينها عن الخرق الفاضح لحقوق الإنسان في منطقتنا خاصة إذا كان هذا الخرق من قبل الغرب أو حليفه النظام التركي العضو في حلف الناتو، والذي يسعى الغرب للحصول على رضاه متجاوزاً في ذلك كل القوانين والأعراف الدولية.

إن السلطات التركية مستمرة في اعتقال القائد أوجلان بالرغم من التنديد والاستنكار والمطالبة بالإفراج عنه من قبل العديد من الشخصيات والنقابات والجهات الدولية والإقليمية، بل ويمنع عنه زيارات ذويه ومحاميه منذ ثلاث سنوات، في تحدٍ صارخ للقوانين والمواثيق التي تحكم باعتقال السياسيين، وذلك يرجع إلى أن الحكومة التركية تعلم أن فك أسر القائد أوجلان سيعطي زخماً للقضية الكردية وسيكشف عن الأكاذيب والادعاءات التي يرددها حول تحريض القائد أوجلان على العنف، بينما القائد أوجلان يدعو إلى السلام وحل أزمات المنطقة بالحوار الديمقراطي مع إعطاء كل الحقوق للإثنيات والعرقيات على قدم المساواة من خلال مناخ ديموقراطي حقيقي يسمح للجميع بممارسة موروثاته ومعتقداته بكل حرية، ومشاركة الجميع في التنمية وهذا يسهم في أن يسود السلام في المنطقة بين كل المكونات التي يتكون منها الشعب ما سينعكس بالإيجاب على معدلات التنمية، والتي بدورها إذا ارتفعت ستسهم في تطور مجتمعات وشعوب المنطقة.

وهذا يضع على عاتقنا كحقوقيات ونسويات وناشطات لعب دور في هذه الحملة العالمية التي شهدت هذا العام زخم واسع حيث شارك ممثلين لنقابات عمالية ومهنية وشخصيات دولية من ما يقارب من مائة دولة، ومنوط بنا كحقوقيات كشف الخرق الفاضح الذي يجري للقوانين المعنية بحقوق الإنسان وخاصة فيما له علاقة بالقائد عبد الله أوجلان الممنوع منذ ما يقارب من ثلاث سنوات من لقاء ذويه أو محاميه، وأيضاً ينبغي أن نفضح المنظمات الدولية المناط بها الضغط على الأنظمة التي تتجاوز القواعد والقوانين المعنية بحقوق الإنسان خاصة الحكومة التركية التي لم تستجيب للنداءات الداعية لفك العزلة عن القائد عبد الله أوجلان توطئةً للإفراج عنه بعد أن أمضى ربع قرن من الزمان ولم يرتكب أي جريمة تستوجب هذا الاعتقال الطويل. فهو مفكر وقائد وفيلسوف يدافع عن حق شعبه في الحياة بحرية وكرامة ويدعو على نشر القيم الديموقراطية في منطقتنا، ويرى أن نشر القيم الديموقراطية وتطبيقها يسهم بشكل كبير في حل الكثير من الأزمات والمشكلات والصراعات الدائرة في منطقة الشرق الأوسط.

إن علم الجنولوجيا علم ووعي معرفة النساء، قدمه واقترحه القائد عبد الله أوجلان لأول مرة في عام 2008 في كتابه "سوسيولوجيا الحرية" وهذا العلم أسهم بدور كبير في إنارة الطريق أمام النساء من أجل الدفاع عن حقوقهن ونشر المزيد من الوعي والتوعية، ونرى تجليات أفكاره على الأرض في مناطق شمال وشرق سوريا من خلال النساء المناضلات في النقابات والمؤسسات ووحدات حماية المرأة التي كان لها دور مهم جداً وفاعل في دحر الإرهاب من مناطق شمال وشرق سوريا.

إن القائد عبد الله أوجلان يمثل تجسيداً للمفكر المهموم بقضايا أمته والذي دفع ثمناً غالياً من حريته نظير دفاعه عن شعبه، ما يستوجب على كل أحرار العالم أن يرفعوا الصوت عاليًا مطالبين بفك أسره لينعم بحقه بالعيش في حرية بين أهله وشعبه.