لكسر حاجز الصمت... جمعية مغربية تمكن المعنفات اقتصادياً
تعتبر العديد من الناشطات الحقوقيات أن التمكين الاقتصادي إحدى آليات القضاء على العنف ضد النساء، وأن إثبات وجودهن في المجتمع لا يأتي إلا عبر انخراطهن في عملية الإنتاج.
حنان حارت
المغرب ـ أكدت الناشطة الحقوقية ليلى أوهارون، على ضرورة التمكين الاقتصادي للمرأة لكسب رهان التنمية المستدامة وتحقيق مبدأ المساواة، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وتمتعها بحقوقها واستقلاليتها.
تعتبر جمعية آمنة لحماية النساء المعنفات التي تأسست عام 1998 لمناهضة العنف ضد النساء، من الجمعيات النشطة بمدينة طنجة شمال المغرب، ومنذ عام 2004 بدأت الاهتمام بالأطفال وحمايتهم من الاعتداء والاستغلال الجنسي.
أكدت الناشطة الحقوقية ونائبة رئيسة جمعية "آمنة" لحماية النساء المعنفات ليلى أوهارون أن "جمعية آمنة شيدت في وقت كان فيه الحديث عن ظاهرة العنف ضد النساء من التابوهات، لكنها أخذت مساراً من أجل تقديم المساعدة للمتعرضات للعنف من الناحية النفسية والقانونية، ودفعهن لكسر حاجز الصمت".
وشددت على ضرورة توفير آليات للتواصل مع النساء المعنفات، لافتةً إلى أن الوافدات إلى مركز الجمعية تواجهن المعاناة ذاتها، كالعنف المبني على النوع الاجتماعي، إلا أنه يتخذ أشكالاً متعددة منها ما هو اقتصادي واجتماعي وثقافي ونفسي وجسدي وجنسي.
وأوضحت أن الجمعيات المدنية أضحت شريكاً أساسياً في معركة القضاء على العنف في المجتمع المغربي، لاسيما فيما يتعلق بمراكز الاستقبال والاستماع والتوجيه والمواكبة الخاصة بالنساء المعنفات، ومن هن في وضعية هشاشة.
ووصفت العنف الذي تتعرض له النساء بكافة أشكاله بأبشع المظاهر التي تمس كرامتهن وتعد انتهاكاً صارخاً لحقوقهن "العنف ضد النساء يحد من قدرتهن على التمتع بالحقوق التي يكفلها لهن الدستور والمواثيق الدولية، كما أنه يؤثر على صحتهن النفسية والجسدية، ويحرمهن من المشاركة في التنمية ومن الاستفادة من نتائجها على قدم المساواة مع الرجل".
وأوضحت أن "العنف الزوجي أشد أشكال العنف الذي تتعرض له المرأة في المغرب، ويحتل صدارة أشكال العنف المسلط ضدها".
وحول آليات مساعدة النساء المتعرضات للعنف أكدت أن جمعية آمنة لحماية النساء المعنفات تحاول تحويل السلوكيات السلبية إلى طاقة إيجابية، مع إشراك الفئات المعنية في أنشطة وفعاليات هادفة.
وأفادت بأن مناهضة العنف ضد النساء، يستدعي مقاربات حقوقية جديدة للحد من نزيف الظاهرة وفضح المسكوت عنه مع العمل على تجاوز كل الإشكاليات القانونية والعملية بكل ما تحتويه النصوص الإجرائية والحمائية والزجرية، وكذلك العمل على التوعية بما يشجع المعنفات على التبليغ.
وانتقدت عدم انخراط الحكومة والمؤسسات المعنية بالشكل اللازم في جهود القضاء على العنف ضد النساء "إن المرحلة التي نعيشها قائمة على التغيير، وعندما لا نصحح وضعية النساء والقاصرات، فإننا سنعمل على إنتاج أجيال هشة".
ولفتت إلى خطورة زواج القاصرات الذي يعتبر عنفاً واغتصاباً لبراءة الصغيرات، مشددةً على ضرورة الرفع من حملات التوعية بمخاطر هذه الظاهرة والمطالبة بتعديل المواد القانونية المرتبطة بها، والعمل على إلحاق الفتيات في مناطق النائية بالمؤسسات التعليمية من أجل متابعة دراساتهن "لابد من إعادة الثقة لهن، ودمجهن من أجل الانخراط في الحياة العامة".
وتعتمد جمعية آمنة في استراتيجياتها على دعم النساء المتعرضات للعنف للولوج لسوق العمل من خلال إدماجهن فيه، بحيث يتم تدريب النساء في عدة مجالات مهنية، كما أوضحت ليلى أوهارون، مؤكدةً على دور التمكين الاقتصادي للمرأة في كسب رهان التنمية المستدامة وتحقيق مبدأ المساواة، وتحسين الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للمرأة، وتمتعها بحقوقها واستقلاليتها "التمكين الاقتصادي هو آلية من آليات مكافحة العنف ضد النساء، وعليهن أن تؤمن أن كرامتهن وإثبات أنفسهن في المجتمع، لن يأتى إلا من خلال المساهمة في الإنتاج وولوج سوق العمل".
ودعت النساء إلى العمل على الاستثمار الأمثل لوقتهن، وتظافر جهود جميع الفاعلين/ات والمتدخلين/ات حتى تتبوأ المرأة المكانة اللائقة بها داخل المجتمع المغربي ويتم حفظ كرامتها.