كيف يمكن التعامل مع ارتفاع معدل قتل النساء؟

بات من غير الممكن أن يمر شهر دون الحديث عن وقوع حادثة قتل ضحيتها امرأة أو فتاة ولأسباب مختلفة منها العنف الممارس في المجال العام أو الخاص، وهو الأمر الذي يحتاج لتدخل رادع لمنع مثل تلك الجرائم.

أسماء فتحي

القاهرة ـ حوادث قتل النساء باتت الأكثر تداولاً في مختلف الأوساط ومع استمرارها أصبح التعاطي معها أقل انفعالاً عما كان في الماضي، فحينما قتلت الطالبة نيرة أشرف تحول الأمر فعلياً لحدث يهم الرأي العام وبات هناك انقسام ونقاشات جميعها نبذت وقوع تلك الجريمة.

مع مرور الوقت وتكرار وتنوع ظواهر قتل النساء قلت حدة التفاعل مع تلك الجرائم، وأصبحت جزء من الأخبار المتداولة التي باتت بدرجة ما لدى البعض تقليدية، وهو الأمر الذي أخاف وأربك أغلب المهتمين بقضايا المرأة وخاصة النسويات وكذلك النساء الغير نظاميات كونهن بتن عرضة لمختلف أشكال العنف وسط تطبيع أو قبول ضمني لما يمارس عليهن من انتهاكات وصلت للقتل.

ولا يمكن إغفال تأثير مثل تلك الانتهاكات على تواجد النساء في المجال العام وقدرتهن على الإنجاز وتحقيق النجاح لكونهن متأثرات بمناخ يقبل تعنيفهن خاصة إن كان الأمر يمارس من قبل الأسرة أو أحد الأقرباء وهو سياق يحتاج لعمل دؤوب من مختلف الجهات المعنية للتعامل معه وإيجاد حلول جذرية له.

 

أخذ قضايا النساء على محمل الجدية وعدم الاستهتار بها أحد الحلول

قالت محامية الاستئناف العالي هالة دومة إن الفترة الأخيرة شهدت سلسلة من الانتهاكات التي تعرضت لها النساء منها العنف المتسلل داخل الأسرة وخارجها الذي وصل لحد قتل الفتيات علناً في الشوارع، معتبرةً أن أول خطوات الحل تكمن في أخذ قضايا النساء على محمل الجدية من قبل النيابة العامة وتدارك الأمر بدلاً من انتظار وصول الحالة مقتولة أو مغتصبة ليتم التحرك على الأمر وتوفير الحماية للضحية.

وشددت على أن النساء بحاجة لتحرك سريع خاصة إن كان الأمر مقترن بطلب منع تعرض أو ما كان يسمى بأمر الحماية التقييدي سابقاً في التشريعات الأخرى وأخذ الأمر على محمل الجدية بدلاً من توقفه عند كونه مجرد محضر إداري يتم حفظه خاصة إن كانت طالبة المساعدة تخاف من تهديد وتتبع وغيره من المخاوف التي دفعتها لسلك المسار القانوني.

 

للعدالة الناجزة دور كبير في حماية النساء

أكدت أن جميع قضايا النساء غير مشمولة بفكرة العدالة الناجزة حتى أبسطها والمتمثلة في قضايا الأسرة وهو ما قد يفرض على بعضهن شعور الاحباط ويعثر خطواتهن في اللجوء للمسار القانوني كواحد من أدوات المساعدة، معتبرةً أن الإنجازات التي تحققت في الجرائم التي تتعلق بالنساء تجعلهن أكثر ثقة في نتيجة هذا المسار من جهة وتمثل ردع حقيقي يساعد في تقليل الجرائم من جهة أخرى، وهو أمر بات يتطلب مراجعة بعد ارتفاع معدل الانتهاكات التي دفعت ضريبتها النساء من أرواحهن.

وأكدت أن الدفع بسياسات بديلة وتشريعات من المجتمع المدني أمر هام وضروري عند التفكير بآليات تعزيز حماية النساء، فضلاً عن التعامل مع فكرة الاعتياد الذي أصبح المجتمع أسير لها، فكثرة الجرائم جعل من الأمر مستساغ وغير منفر كما كان في السابق، وهو أمر يتطلب التعامل معه بإجراءات رادعة توجه لمرتكبي الجرائم.

 

 

دور الحكومة هام في حماية النساء

من جانبها أكدت مديرة المشروعات التابعة لمبادرة سوبر وومن آية عبد الحميد على أن الدولة يقع على عاتقها تحمل دورها في وضع سياسة حماية واضحة للنساء من الانتهاكات التي تمارس عليهن لما لها من سلطة على المواطنين ممثلة بالقانون، مؤكدةً أن تدخلها أيضاً يأتي على مستوى التعديل التشريعي بما يتناسب مع واقع الممارسات الحالية لكون القانون هو أحد أهم أدوات الردع المؤثرة والفاعلة في مختلف القضايا منها تلك التي تمس النساء وأمنهن سواء في المجال العام أو الخاص، معتبرةً أن توصيف الجرائم التي ترتكب أيضاً بحقهن أمر ضروري جداً والأمر بات يتطلب الاعتراف بأنها ذات خصوصية وتختلف عن غيرها لكون غالبيتها يحدث من منطلق فرض السلطة وكذلك العلاقات سواء كانت أسرية أو اجتماعية.

 

للمجتمع المدني دور فاعل ومؤثر

وترى آية عبد الحميد أن مؤسسات المجتمع المدني لها أهمية كبيرة وتأثير عام لكونها أقرب في وصولها للأفراد وفي نطاقات متعددة وبدرجة ما تعمل كوسيط موثوق فيه يمكنه التأثير سواء في قرارات الدولة أو في السياقات الاجتماعية، مضيفةً أن المؤسسات النسوية تعمل بكل طاقاتها وعلى قدر إمكانياتها في هذا الملف، إلا أن الحل يكمن في العمل على كسر وتفتيت ما تتعرض له النساء من وصم لكونه أحد أسباب انتحار الكثير منهن، كما أن له دور في استغلالهن واخضاعهن للابتزاز، مؤكدة على أهمية العمل على الثقافة ورفع معدل الوعي بدور النساء وتغيير بعض المفاهيم الشائعة حول الأدوار الاجتماعية ومسألة قدرة المرأة على التقرير لذاتها لأن جميعها كانت أسباب عرضت أرواح الكثير من النساء للخطر.