كورونا تحرم أطفال المرحلة التأسيسية في غزة من التعلًّم
بعد انتشار فيروس كورونا في قطاع غزة في أب/أغسطس 2020 قررت وزارة التربية والتعليم فرض نظام التعليم الإلكتروني بشكل كامل كباقي الدول
رفيف اسليم
غزة - .
وزارة التربية والتعليم في غزة فرضت التعليم الإلكتروني على الطلبة لكنها لم تضع قاعدة تأسيسية لذلك النظام الجديد، وفي ظل غياب المؤسسات التعليمية تشكلت فجوة أوقعت الأهالي بمشكلة في كيفية التعامل مع أبنائهم الطلبة، خاصة الملتحقين الجدد برياض الأطفال والصفين الأول والثاني من المرحلة الابتدائية.
الطفل محمد حسان لا يكف عن ملاحقة والدته من مكان لآخر في المنزل ممسكاً بيده الكتاب الذي استلمه من الروضة قبل الإغلاق، طالباً من أمه أن تعلمه باقي حروف اللغة العربية، محمد والحديث لأمه هبة حسان يمسك قلمه ودفتره بين يديه طوال النهار محاولاً كتابة ما تعلمه من الأم مؤخراً ورسم بعض الأشكال البدائية، فيما لا يمل من طرح السؤال ذاته "متى سأذهب إلى الروضة لأتعلم من تلك الكتب".
هبة حسان هي أم لخمسة أطفال تشير إلى أن انشغالها بأبنائها الأربعة الآخرين إلى جانب الأعمال المنزلية يأخذ غالبية وقتها، فلا تستطيع تعليم صغيرها سوى القليل من المعلومات كالأرقام والحروف وبعض سور القرآن، فيما تبقى الكثير من المعلومات التي لا تجد وقتاً لتعلمها له، مشيرة إلى أن غياب المؤسسة التعليمة قد يؤثر على قدرات طفلها فيما بعد وأنها لا تعرف كيف سيلتحق بالصف الأول أو الثاني في المدرسة إن بقي الوضع على ما هو عليه.
فيما ترى سمية مشتهى أن تعليم طفلها أحمد البالغ من العمر 7 سنوات أسهل نوعاً ما من رياض الأطفال؛ لأنه أنهى المرحلة التأسيسية في القراءة والكتابة وتعلم الأرقام، لكنها تتفق مع هبة حسان على أن لوجود المدرسة دور كبير في تعليم الطفل وتأسيسه، فهو يتعلم من خلالها الانضباط والعمل بروح الجماعة والمنافسة مع زملائه، كي يقدم أفضل ما لديه عكس الحالة التي عليها الآن.
أما عن التحديات التي تواجهها مع التعليم الإلكتروني فتقول سمية مشتهى أنها تعاني مع طفلها في تسليم بعض التكليفات، فالتعليم الإلكتروني لا يناسب تلك الفئة العمرية التي لا تستطيع تصوير الواجبات ثم رفعها على الإنترنت فتضطر هي لعمل ذلك بنفسها، لافتة إلى أنها دائماً ما تقدم لطفلها وسائل تحفيزية كالهدايا والألعاب، كما اقترحت على أستاذه أن يصمم شهادة تقدير للطلبة المتميزين ليتشجع ابنها عندما يرى اسمه مكتوب عليها، ويحاول في كل شهر أن يكون ضمن أفضل خمسة طلاب.
أما منال خليفة فتقول إن المشكلة ليست بالأطفال فحسب بل هي عدم توفر جهاز ذكي وانترنت لديها، فهي ربة أسرة ميسورة الحال، وعندما حاولت أن تستخدم بعض التطبيقات لتعليم طفلتها سارة في الصف الأول رفض جهازها اللوحي القديم تحميل التطبيق وبعد عدة محاولات بائسة تعطل الهاتف. مشيرة أن شغف ابنتها لطلب العلم كان لا يهدأ في البداية لكن مع تلك الظروف القاسية توقفت الطفلة عن لوم والدتها.
وتطالب منال خليفة وزارة التربية والتعليم في قطاع غزة بتوفير أجهزة ذكية للأهالي الغير مقتدرين على شراء تلك الأجهزة مع التعهد بإرجاعها عند انتهاء الأزمة للاستفادة من المواد التعليمية التي تعدها مدرستها، وأكدت أنها مستعدة خلال هذه الفترة إرسال طفلتها إلى المدرسة على مسؤوليتها الخاصة للتعلم، مع اتباعها إجراءات السلامة الوقائية قدر الإمكان لعدم إصابتها بالفيروس.
من جهته يوضح المختص التربوي رمضان بركة أن خلق التفاعل الاجتماعي داخل الأسرة في ظل غياب المؤسسات التعليمية أمر مرهق جداً؛ لأن دور الأم هو تلبية احتياجات الأسرة ثم يأتي دورها التكاملي مع المدرسة، التي تتولى تأسيس الطفل وتعليمه وتعديل سلوكه، مشيراً إلى أن تلك القواعد هي المقومات الأساسية للتعليم، وأن بعض الأمهات قد تفتقرنَّ لها خاصة ممن لم يكملنَّ تعليمهنَّ وبالتالي يجدنَّ صعوبة في تقديم المعلومات لأطفالهنَّ.
ويلفت رمضان بركة إلى أن بعض العائلات في قطاع غزة ممن لا تستطيع فيها الأمهات تعليم ابنائهنَّ اضطرت إلى جلب معلم خاص؛ ليقوم بتدريس الأطفال ما فاتهم من المنهاج وذلك ما سيثقل كاهل الأسرة فيما بعد، لافتاً إلى أن طلاب المراحل الأخرى أيضاً يقومون بشراء التكليفات للمواد المختلفة كي لا يضطروا لإعادة السنة الدراسية كاملة، فأصبح التعليم الإلكتروني أمر غير واقعي وليس حلاً لما تعانيه المؤسسة التعليمة من صعوبات. بحسب ما يقول.
ويرى المختص التربوي رمضان بركة أن عدم وجود خطة طوارئ للتعامل مع الأزمة الحالية في التعليم وخاصة فيما يتعلق بالمرحلة الأساسية (التمهيدي-الأول-الثاني) سيؤدي إلى كارثة على المدى البعيد، خاصة إن استمرت هذه الأزمة لسنوات، مردفاً أن موضوع تعديل المناهج أمر صعب ومرتبط بقرار سياسي لذلك يجب على الخبراء وضع خطة للتخلص من الأزمة الحالية التي قد تودي بمستقبل جيل كامل.