ختان الإناث مثال واضح على العنف ضد المرأة وانتهاك حقوقها الإنسانية

أكدت النساء اللواتي تعرضن للختان، أن هذه العمليات تترك آثار نفسية وجسدية على المرأة، لذلك يجب القضاء عليها في جميع أنحاء العالم من خلال سن القوانين ونشر الوعي بين الأهالي.

شبنم توكلي

طهران ـ أعلنت الأمم المتحدة يوم السادس من شباط/فبراير، من كل عام يوماً عالمياً لمكافحة ختان الإناث، والذي هو إزالة كل أو جزء من الأعضاء التناسلية الخارجية بسكين أو شفرة حادة ويصاحبه ألم شديد، بالإضافة إلى العديد من الآثار الجانبية على المرأة.

وفقاً لتقارير بعض الباحثين في مجال ختان الإناث، يعود ختان الإناث إلى حضارات روما والعرب، الذين اعتبروها علامة على عفة الأنثى، وفي حين تضاف مليون امرأة كل عام إلى عدد النساء المختونات في العالم، فقد أصبح هذا الأمر مصدر قلق عالمي، ووفقاً لتقارير الأمم المتحدة فإن تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية منتشر في 29 دولة، والتي تقع بشكل رئيسي في منطقة الشرق الأوسط وبعض مناطق شمال وشرق وغرب أفريقيا، وآسيا، كما تشاهد بين بعض المهاجرين الذين يعيشون في أوروبا، أستراليا وأمريكا الشمالية.

تقول نادية.ج البالغة من العمر 30 عاماً وتعيش في طهران من أصل عربي وواحدة من آلاف النساء اللواتي تعرضن للختان على يد عائلتها عندما كانت طفلة "أسافر إلى طهران منذ عدة سنوات مع زوجي للعمل ومواصلة دراستي، كنت صغيرة جداً عندما ختنوني، لم أكن أعلم ماذا كانوا يفعلون بي، أتذكر كالحلم أنني كنت مستلقية وقالت لي أمي أن هذه المرأة ضيفة عندنا، بعد عدة دقائق شعرت بألم شديد، لم أكن أعلم أنه تم قطع جزء صغير من أعضائي التناسلية".

وأوضحت "اكتشفت لاحقاً أن شقيقتاي الكبيرتان عانيتا مثلي من هذه الألم، وكنت أعتقد أنه أمر طبيعي، ولكن تدريجياً مع تقدمي في السن أصبحت المشاكل بعد الختان أكثر وضوحاً بالنسبة لي، عندما غادرت تلك المساحة التقليدية إلى الأبد، لم يستغرق الأمر وقتاً طويلاً حتى أدركت الضرر الذي لحق بجسدي وعقلي ولا يزال يرافقني إلى الأن".

وأشارت إلى أن معدل ختان الإناث أنخفض اليوم بسبب الوعي العام في إيران، "في بعض المناطق، مازلنا نرى عدداً من النساء اللواتي تعرضن للختان في الماضي، وقد شهدت 4 محافظات هي سنه وهرمزكان وكرمشان، وأورمية مثل هذه الظاهرة وخاصة في محافظة هرمزكان بعد تسجيلها أعلى إحصائيات لعدد الفتيات اللواتي تم ختانهن".

وقالت "كنا نعيش في قرية حدودية تقع في خوزستان، ولم أكن كبيرة في السن عندما تزوجت، أردت فقط الهروب من تلك القرية في أسرع وقت ممكن، بالطبع لم ألاحظ الكثير من الاختلافات حتى تركت تلك البيئة التقليدية لمواصلة تعليمي، وكان ينظر في تلك القرية إلى الكثير من السلوكيات والعادات على أنها طبيعية، لكن الوضع تغير كثيراً بالنسبة لي أثناء الدراسة والجامعة".

وأضافت "خرجت من تلك البيئة ولم أرغب في العودة إليها لسنوات طويلة كنت أخجل من التعبير عما فعلوه بي لأنني تعلمت منذ الصغر أن الحديث عن الأعضاء الجنسية أمر مخجل، وحتى عندما جاءتني الدورة الشهرية لأول مرة ولم تكن والدتي في المنزل، كنت أخجل أن أسأل والدي، فاختبأت في الحمام لعدة ساعات حتى لا يلاحظ أحد النزيف، كنت دائماً أعاني من آلام شديدة أثناها، وعندما ذهبت للطبيب للفحص وتبين لي أنني مختونة، كانت المرة الأولى التي أفهم فيها أن الختان ليس شائعاً بين الفتيات وهو عمل غير إنساني ويعرض صحة المرأة للخطر بل ويتسبب في وفاتها، وهنا لأول مرة أدركت أنني شخص بارد الطباع".

وبينت "لسوء حظي عندما تمت عملية الختان كنت صغيرة، فعلوا ذلك بذريعة الحفاظ على سمعة العائلة، لم أعرض سمعة عائلتي يوماً للتشوية، رغم ذلك قاموا بتلك العملية كان من الممكن أن أكون طبيعية مثل كل النساء، لأعيش العديد من المشاعر التي كانت في داخلي منذ الطفولة وحتى البلوغ".

في المجتمعات التي ينتشر فيها ختان الإناث بسبب الدين والمعتقدات التقليدية، يعتبر تشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية وسيلة للحفاظ على عذرية المرأة وبراءتها، بحيث تكون المرأة غير المختونة مرفوضة من المجتمع وتعتبر خطراً على سمعة الأسرة، إلا أن لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية للنساء في مرحلة الطفولة عواقب مؤسفة بالنسبة لهن ستعاني منها طوال حياتهن.

وأكدت أن "ختان الإناث مثال واضح على العنف ضد المرأة، فالمرأة التي تم ختانها وهي طفلة يجب أن تعيش حياتها كلها بالقلق والاكتئاب والبرود، ولا يمكن مقارنة الضرر الذي يلحقونه بجسدها وروحها، إلى أي شيء آخر وكأنهم سلبوا منها طريقة التنفس".

وعن ضحايا تلك العمليات اللاإنسانية أوضحت "وقعت أنا والعديد من فتيات تلك القرية ضحايا لسلسلة من المعتقدات الخرافية والتقاليد الجاهلية الأمر الذي كلفنا راحتنا النفسية، وبسبب انتشار وسائل الإعلام والفضاء الافتراضي، أصبح الناس أكثر وعياً لهذه الظاهرة اللاإنسانية وأصبحت أقل انتشاراً في مجتمعاتنا، ولكن للقضاء عليها في جميع أنحاء العالم يحتاج إلى جهود جميع الناس وكذلك الحكومات، من خلال سن القوانين ونشر الوعي، لذلك يجب إيصال قصص النساء اللواتي تعرضن لهذه العلمية حتى لا نرى بعد الأن أي امرأة تفقد حياتها وروحها".

من جانبها قالت زهرة د. عن تجربتها الغريبة في أحد العيادات الطبية "عندما ذهبت إلى الطبيبة النسائية لإجراء فحص، أول اقتراح قدمته لي هو عملية تجميل الأعضاء التناسلية، كان بشكل مباشر من خلال عرض بعض الصور"، مشيرةً إلى أن المراكز الطبية اليوم أصبحت مكاناً لتشويه الأعضاء التناسلية الأنثوية بطرق حديثة.

وأوضحت "في هذه الأيام لا نجرؤ على الذهاب إلى طبيبة الأمراض النسائية، أول اقتراح يقدمونه هو إجراء عمليات تجميل، وكلهم يستخدمون أسلوباً لإقناعك، أنه شعور مزعج للغاية أن يجبرك المجتمع على القيام بمثل هذه التصرفات، والوقوف في وجه ذلك يتطلب الكثير من المقاومة، أنا راضية عن جسدي لكن المجتمع يجبرك على القيام بأشياء يجب عليك الاستسلام لها، وبرأيي أن هذا نوع من العنف الحديث ضد المرأة والذي يتخفى تحت مظلة الإعلام وإعلانات عيادات التجميل يجب التخلص منها".