خلال 58 يوماً ارتكبت سلسلة من المجازر ودمرت مدينة بأكملها

بأكثر من 72 طائرة حربية والمئات من القذائف والأسلحة الثقيلة استهدفت عفرين وهي منطقة ذات جغرافية صغيرة، في شمال وشرق سوريا

 روبارين بكر
الشهباء - ، خلال العملية العسكرية التي استمرت 58 يوماً فقد أكثر من 498 مدني جلهم نساء وأطفال ومسنين حياتهم، وتسببت الهجمات بإغلاق المدارس وخسائر مادية فادحة ودمرت أماكنٌ أثرية.
مرت أربعة سنوات على شن الاحتلال التركي ومرتزقة عملية عسكرية ضد مدينة عفرين بشمال وشرق سوريا، وما تزال العائلات المهجرة في عدة مناطق تعيش أوضاعاً صعبة بعد أن نهبت ممتلكاتها في عفرين من قبل المرتزقة فيما يتعرض المدنيين الذين فضلوا البقاء لمختلف الانتهاكات من خطف وقتل وترهيب.
 
"توسيع نفوذها وضرب مشروع الأمة الديمقراطية"
 
 
عضو مجلس حزب الاتحاد الديمقراطي PYD إلهام محمد قالت لوكالتنا بمناسبة الذكرى السنوية الرابعة لاحتلال عفرين "احتلال عفرين له العديد من الأبعاد فـ لتركيا الكثير من الأهداف من الجانب الاستراتيجي وأيضاً من الجانب السياسي، فموقع عفرين مهم حيث أنها تقع بين المناطق المحتلة إعزاز وإدلب وليتمكن الاحتلال التركي من توسيع نفوذه في سوريا عليه ربط المناطق المحتلة مع بعضها".    
وأضافت "مقاطعة عفرين وخلال ثورة روج آفا أثبتت جدارتها على كافة الأصعدة وكانت مثالاً حي لمشروع الأمة الديمقراطية، وباتت وجهة النازحين من مناطق متعددة في سوريا". موضحةً أن الكثير من المشاريع التي تطبق اليوم في مناطق شمال وشرق سوريا بدأت من مقاطعة عفرين منها التدريس باللغة الكردية وافتتاح أول مدرسة، بالإضافة لافتتاح أول جامعة ومعاهد للغة الكردية "عفرين حققت تقدماً ملحوظاً في السنوات الأخيرة بعدما كانت مهملة من قبل النظام السوري، فإضافةً للمشاريع التي خدمت جميع أهالي سوريا فإنها منطقة زراعية بامتياز تنتج كميات كبيرة من زيت الزيتون".
عفرين كذلك بوابة لاحتلال المزيد من المناطق فبعد الهجوم على عفرين في 20 كانون الثاني/يناير واحتلالها في 18 آذار/مارس 2018 شنت تركيا هجماتها على رأس العين/سري كانيه، وتل أبيض/كري سبي في التاسع من تشرين الأول/أكتوبر 2019، كما تؤكد إلهام محمد. 
 
الصمت... تآمر 
وعن الصمت الدولي حيال ما حدث في عفرين بينت إلهام محمد أن "الصمت شكل من أشكال التآمر"، مشيرةً إلى الموقف الروسي من الهجمات "الاحتلال التركي خطط مسبقاً مع روسيا التي تتمركز في عدة نقاط بعفرين قبل الهجمات، واتضح التنسيق بين التركي والروسي بعد إخلاء الفصائل المسلحة مناطق من الغوطة الشرقية بعملية سلم واستلم أي دون اشتباكات بما يسمى المقايضة فعفرين حصة التركي مقابل الغوطة الشرقية وبعض المناطق من إدلب للنظام السوري". 
وترى أن الصمت العالمي حيال ما حدث في عفرين كان نتيجة لمصالح دولية "تركيا عضو في حلف الناتو لذلك فليس من مصلحة أي دولة محاربتها أو الوقوف ضد جرائمها واستخدامها حتى الأسلحة المحرمة دولياً".
وفي ختام حديثها أكدت إلهام محمد أن أهالي عفرين لم يستسلموا واختاروا طريق النزوح إلى الشهباء بالقرب من عفرين "نحن مصممين على العودة لعفرين محررة وسنعاود بنائها وزرع الألفة والمحبة بين شعوبها وإعادة روح المساواة والديمقراطية إليها مجدداً".
 
استهداف ثقافة عفرين 
 
 
عضو لجنة التدريب في حركة الهلال الذهبي بعفرين شيرين رشيد بينت أن لتركيا وعبر التاريخ سياسة تهدف لإبادة الشعوب ثقافياً من خلال استهداف تاريخها وآثارها "الاحتلال التركي وعبر التاريخ يسعى لإبادة الشعب الكردي والشعوب التواقة للحرية ثقافياً وإمحاء تاريخها وطمس لغتها لانصهارها بشكل كامل في الثقافة التركية عبر سياسة التتريك وتخريب المواقع الأثرية وهذا ما حدث في عفرين من اللحظة الأولى للهجوم عليها".
وبينت أن "عفرين صغيرة المساحة جغرافياً إلا أن تاريخها غني بالثقافات"، موضحةً "بالنظر إلى عفرين التي لا تتجاوز مساحتها الـ 3.850 كم2 إلا أن تاريخها عريق وشاهد على العديد من الحضارات". مشيرةً إلى استهداف آثار عندارة منذ اليوم الثاني للهجوم.
ووصفت شيرين رشيد تركيا بـ "وحش تسيره أطماعه لا يدرك كيف وأين يستهدف فكل ما يفعله هو القصف، القتل والتدمير، للبشر، والشجر والحجر".  
 
الحفاظ على الفن والثقافة أساسٍ لوجود الشعوب  
واعتبرت شيرين رشيد أن مهمة الحفاظ على هوية المنطقة تقع على عاتق الشخصيات الثقافية والفنية قائلةً "يتوجب على الشخصيات الثقافية، الفنية والتاريخية أن تحافظ على الوجود وحقيقة شعوب المنطقة، والإصرار على طريق المقاومة، وإحياء الوجود والتراث العفريني للأجيال المستقبلية لتبقى راسخة في الأذهان من خلال الفعاليات والنشاطات الثقافية والفنية". 
وأكدت أن "أساس وجود الشعوب والمجتمعات هي ثقافتها وفنها حيث أن الكثير من الشعوب تعيش على أرضها وموجودة كجسد لكن في الحقيقة فهي منصهرة ومتعرضة للإبادة والإمحاء ثقافياً، وهذا ما يحاول فرضه الاحتلال التركي من خلال ممارساته بحق ثقافة المنطقة وشعوبها".   
وذكرت أن نساء عفرين تمسكن خلال الهجمات التي استمرت 58 يوماً بتراثهن وثقافتهن من خلال الفعاليات والنشاطات الداعمة لمقاومة العصر.
 
دوراً مميز للمرأة... هتافات وزغاريد تعلوا على أصوات القصف التركي
 
 
من جانبها لفتت عضو منسقية مؤتمر ستار في مقاطعة عفرين شيرين حسن لدور المرأة ومشاركتها في مقاومة العصر، معتبرةً أن الهجمات استهدفت المرأة "حاول الاحتلال كتم صوت المرأة الذي شكل حجر أساس في ثورة روج آفا وشمال وشرق سوريا وإمحاء دورها المميز الذي أدهش العالم باختلافه وتحقيقه الكثير من التغيرات الجذرية في حياة النساء على صعيد المنطقة والعالم أيضاً".
وعن رد المرأة على الهجمات والانتهاكات قالت "شكل قرار النساء الانضمام لمقاومة العصر أقوى رد على ممارسات تركيا وانتهاكاتها بحق أهالي عفرين، فالمرأة لبت نداء النفير العام، حيث أن مؤتمر ستار خلال فترة الهجمات عقد سلسلة من الاجتماعات المصغرة مع الأهالي، وأكد على ضرورة التنظيم والانضمام للمشاركة في مقاومة العصر". 
وأشارت إلى مشاركة المرأة البارزة في الاعتصامات التي كانت تنظم في القرى الحدودية، "هتافات وزغاريد المعتصمات ارتفعت حتى غطت على أصوات القصف التركي الذي استهدفهن بالقصف المباشر". مبينةً أن "العديد من الوفود من لبنان وفلسطين وشمال كردستان، ومختلف مناطق شمال وشرق سوريا شاركت نساء عفرين المقاومة".
وفي ختام حديثها أكدت شيرين حسن أن "المرأة في عفرين لم تقبل بالاستسلام والانحناء أمام الاحتلال التركي، وهجماته، ومقاومتها في الشهباء اليوم شاهدة على ذلك. نؤكد أننا مصممين على المقاومة حتى تحرير عفرين من الاحتلال التركي، وإعادة الحياة ولون المرأة لها". 
وجراء استهداف المدنيين بالطائرات الحربية وارتكاب آخر مجزرة قبل النزوح في حي المحمودية في 18 آذار/مارس 2018 اضطر أهالي المنطقة للخروج قسراً بقوافل عن طريق جبل الأحلام في ناحية شيراوا متجهين صوب مقاطعة الشهباء، ومن هناك أعلنوا المرحلة الثانية من مقاومة العصر.
 
سلسلة من المجازر 
ارتكب الاحتلال التركي خلال الهجمات التي استمرت 58 يوماً العديد من المجازر بحق المدنيين العزل والكثيرون بقيت أشلائهم تحت الأنقاض منها مجزرة قرية جلبرة في ناحية شيراوا بتاريخ 21 كانون الثاني/يناير، التي راح ضحيتها 10 مدنيين و12 جريحاً أكثرهم من العوائل الفارة من القصف التركي من إدلب وغيرها من المناطق السورية، وفي 26 كانون الثاني/يناير ارتكبت مجزرة في ناحية موباتا راح ضحيتها 6 مدنيين وجريح من عائلة واحدة، وفي 28 كانون الثاني/يناير في قرية كوبلة بناحية شيراوا ارتكبت مجزرة استشهد خلالها 18 مدني وجرح 7 آخرين، فيما لم يعثر على أشلاء بعض الضحايا، وفي 16 آذار/مارس ارتكبت مجزرة في حي المحمودية بمركز مقاطعة عفرين راح ضحيتها 21 مدني والعشرات من الجرحى بينهم أطفال ونساء.