خديجة بسيكري: بالنسبة لنا المرأة هي الوطن

حكايات وأساطير اتخذتها المنظمة الوطنية لأمازونات ليبيا متكأ لها، حيث تقول رئيسة المنظمة الكاتبة الليبية خديجة بسيكري أن "اسم المنظمة يتكئ على الأسطورة لأولئك النسوة المقاتلات في إقليم برقة في ليبيا، وهن نساء مقاتلات أسسن دولة العدالة والمساواة، وتقول الأسطورة أيضاً إنهن قمن بمحاربة الاسكندر المقدوني"

ابتسام اغفير
بنغازي ـ .
حيث تقول الأساطير أن هناك مجموعة من النساء حكمن أرض ليبيا أو شمال أفريقيا، ومن أهم خواصهن إنهن يتولين الأدوار السياسية والعسكرية، ليحكمن الرجال والنساء الإغريقيات على حد سواء، وبأن هؤلاء النسوة عديمات الأثداء حيث يتبعن تقاليد قاسية وهي قطع أحد الثديين بحيث تسهل ممارسة رمي الأقواس، وكذلك أنهن أول نساء الأرض يركبن الخيول.
وعن الهدف من تأسيس المنظمة تقول رئيسة المنظمة الوطنية لأمازونات ليبيا خديجة بسيكري "تم اختيار اسم أمازونات ليبيا منذ انطلاقتنا عام 2011، لدعم المرأة وخلق امرأة قوية، فالنساء قويات وجميلات أيضاً، ولتغيير النظرة الدونية للمرأة وأنوثتها". 
 
"الفكر الذكوري يشهر دائماً سيوف اللائمة والاتهام"
وتضيف خديجة بسيكري عن مدلول الاسم "دائماً الأقاويل لها أكثر من مدلول وهناك من يشير إلينا بتهمة إنهن نساء ذوات سلوكيات غير محببة، ولكن الفكر الذكوري دائماً يشهر سيوف اللائمة والاتهام نحو المرأة المتحررة، والمرأة المتحررة في مجتمعاتنا الشرقية والعربية هي امرأة مدانة، فمن الطبيعي أن تكون النظرة سلبية، ونحن عندما رفعنا هذا الشعار قررنا بأن نكون نساء يقاتلن الجهل والتخلف واللاعدالة، وإبراز صورة أفضل للمرأة، وتغيير الذهنية الذكورية".
وتوضح أن "الفكر الذكوري ليس خاص بالرجال فقط، فهناك نساء يحملن هذا الفكر، الفكر الذي يتعامل بدونية مع المرأة والذي يعطي انطباعاً بأن المرأة الجميلة هي امرأة ضعيفة، وهذا ليس في صالح المجتمع بالكامل، نحن نرفع شعار "المرأة الواعية لوطن حر"".
وتؤكد خديجة بسيكري أن "القوة لا تكمن في الشراسة ولا في الاسترجال بل على العكس، فكما قيل بأن الأمازونات كن نساء جميلات جداً، حتى أن أحد الاكتشافات الأثرية بمدينة بنغازي لعام 2009، تقريبا أظهرت مقبرة تضم رفات العديد من النساء الطويلات القامة يقال ربما إنهن الأمازونات".
 
"استطعنا أن نخلق كوارد فاعلة في المجتمع"
وعن أهم ما تسعى المنظمة إلى تحقيقه تقول خديجة بسيكري "من أهم النقاط التي تعمل عليها المنظمة دعم النساء المعنفات، وتمكينهن اقتصادياً وسياسياً، ودعم النساء المتزوجات من غير ليبي لأن هذه الفئة مضطهدة، ومحرومة من الأمان العاطفي، ومن الأمومة المستقرة، فهذه هي رسالتنا الأساس منذ عشر سنوات".
وعن ما حققته المنظمة منذ تأسيسها تقول "استطعنا أن نخلق كوادر هي الآن فاعلة في المجتمع، نحيل النساء من الجانب السلبي إلى الجانب الإيجابي، إلا أننا نواجه صعوبة بعض الشيء لأن المجتمع الليبي لا يؤمن بدور المرأة من جهة وعدم دعم الحكومة من جهة أخرى، نحن نعتز بأننا قادرون على الاستمرار وتقديم ما يمكن تقديمه للمرأة".
 
"الاستقلالية الاقتصادية هي أول مفتاح لكرامة المرأة"
تؤكد خديجة بسيكري على أهمية الدعم النفسي للمرأة لذلك قامت المنظمة بإنشاء مكتب الدعم النفسي وكذلك الدعم القانوني، إلا أن عدم انتشار ثقافة الدعم النفسي في المجتمع الليبي يحد من عمل المنظمة كما تقول، "على الرغم من ذلك نحن نستقبل حالات لا بأس بها، نقدم لهن الاستشارة المجانية، بالإضافة إلى الدعم القانوني".
وتشير إلى أن المنظمة تعمل على دعم النساء اقتصادياً من خلال إقامة دورات تدريبية مجانية في مختلف المجالات وحسب اهتمامهن وإمكانياتهن، لتمكينهن اقتصادياً، "ندعم المرأة حتى تقف على قدميها، وتقود مشروعها حتى إن كان ذلك المشروع صغيراً، نحن نؤمن أن الاستقلالية الاقتصادية هو أول مفتتح لكرامة المرأة".
 
"مدخولهن الاقتصادي ضعيف وبالتالي هن عرضة للتحرش والابتزاز"
وعن كيفية تعامل المنظمة مع التحرش الذي تتعرض له العديد من النساء وخاصة اللواتي فقدن أزواجهن تقول "معظم النساء وضعهن الاقتصادي إما متوسط أو ضعيف ومعظمهن غير واعيات بحقوقهن الضمانية، حتى في مسائل الإرث ليس لديهن معرفة كبيرة، وبالتالي يتعرضن للتحرش والابتزاز لنيل أبسط حقوقهن، ونحن في منظمة أمازونات ليبيا نفتح أبوابنا لهن، ونقوم بدعمهن ومتابعة مشاكلهن".
وتوضح خديجة بسيكري أن المنظمة تعمل على مشروع دعم المرأة مع صندوق دعم السكان التابع للأمم المتحدة، "عندما فتحنا برنامج الدعم النفسي، تم المطالبة بفتح مكتب قانوني أيضاً لمتابعة قضايا تعرض النساء اللواتي فقدن أزواجهن للتحرش قانونياً، وتعريف المرأة بحقوقها القانونية".
 
"مرحلة ما بعد الحرب بشعة وهذه البشاعة كشرت عن أنيابها في ليبيا"
وتشير خديجة بسكيري إلى أنها تجد صعوبة في الوصول إلى فئة النساء المعنفات أو اللاتي لا يملكن وسائل تواصل ويحتجن إلى الدعم النفسي، إلا أنهم يحاولون من خلال المنظمة الوصول إليهن عن طريق الدورات التدريبية، والذهاب في زيارات للمدارس، ومراكز تجمعات النساء، أيضاً إلى مخيمات النزوح، "نقوم بعرض خدماتنا وأرقام هواتفنا، وبالتالي نستقطب هؤلاء النسوة، ولكن أغلبهن يواجهن صعوبات الحركة، والمعنفات لا يسمح لهن بالخروج من المنزل، نحن نعيش في مرحلة ما بعد الحرب وهي مرحلة بشعة وهذه البشاعة كشرت عن انيابها في المجتمع الليبي، واستغلال احتياجات النسوة بعد غياب المعيل الأب أو الزوج أو الأبن".
وتؤكد أن النزوح فكك النسيج الاجتماعي، "نحن نعاني مشاكل كثيرة، نحاول قدر الإمكان تقديم الدعم والإصلاح، وندعو منظمات المجتمع المدني لنضع أيدينا في أيدي بعض ونحاول أن نكون جزء من بناء هذا الوطن والرقي به والخروج من هذه الأزمة التي يعيشها الشعب الليبي".
 
"أنا ترعرعت في اتحاد المرأة الأردنية"
وعن اقتصار عمل المنظمات على العمل الخيري دون التوعية تقول "تكمن مشكلة العمل الأهلي والمجتمع المدني بليبيا في الخلط بوظائف المجتمع المدني، حيث انحصر التفكير في أن منظمات المجتمع تقدم معونات وأعمال خيرية فقط، بينما العمل على التوعية يحتاج إلى الكثير من الوعي".
وتضيف "بالتحدث عن نفسي فقد ترعرعت  في اتحاد المرأة الأردنية، حيث أن العمل الأهلي كان موقوف في ليبيا قبل 2011 ومقتصر على اللجنة العليا للطفولة وكنت عضواً فيها، وفي محاولة للعمل الخيري آنذاك قمنا بإشهار المنظمة، ولكن تحت مسمى منتدى رياضي، وكانت عبارة عن محاولات منا لدعم النساء آنذاك، ونحن الآن أعضاء في شبكة رؤى العربية وهي منبثقة من رحم اتحاد المرأة الأردنية، وحتى في تأسيسنا وإعلان النظام الأساسي للمنظمة كان برعاية الاتحاد، وهذا جعلنا نختلف واستفدنا كثيراً من التجارب واكتسبنا الوعي بعمل هذه المنظمات".
 
"يجب توعيتهن بالعنف الذي يمارس عليهن"
وعن الوضع الأمني والمعوقات التي صادفت العضوات أثناء عملهن في المنظمة تقول "اليوم كان لدي اجتماع مع جهة معينة للمطالبة بحمايتنا فعندما نتعامل مع المرأة المعنفة وعندما تتواصل معنا عبر الهاتف، لا تفصح عن نفسها وهذا يعيق عملنا في تقديم الخدمات لها، وبالتالي يقوم المعنف بمهاجمتنا وكأنه هو الضحية، والمعوق الآخر هو عدم تمكن النسوة من الوصول إلينا نتيجة للوضع الاجتماعي، أو مشكلة المواصلات أو عدم وعيهن بأهمية الدعم النفسي لهن، فهناك ثقافة مجتمعية سائدة تتمحور في السؤال ماذا ستقدمن لنا من خلال الدعم النفسي؟ وقد يصادف أن تأتي واحدة منهن وتحضر جلستين أو ثلاثة توعوية، ثم تقول لنا أنا بحاجة إلى الطعام واللباس، لذلك نحن نقوم بين الحين والآخر بتوزيع المساعدات لاستقطاب هؤلاء النسوة لرفع معاناتهن وتوعيتهن بالعنف الذي يمارس عليهن".
 
"المنظمة انتقائية وليست نخبوية"
وتفنيداً لما يشاع حول المنظمة بأنها نخبوية تقول خديجة بسيكري "المنظمة انتقائية وليست نخبوية، فنحن حريصون على عضوية المنظمة، بحيث إذا سألتني إحداهن ماهي شروط الانضمام إلى المنظمة أقول لها "أن تحبي ليبيا" فنحن لا نستخدم المنظمة للوصول إلى السلطة أو المناصب، نحن نخبويون جداً في حب ليبيا، وقد تم اتهامنا حتى بالعلمانية".
وفي ختام حديثها تمنت رئيس المنظمة الوطنية لأمازونات ليبيا خديجة بسيكري أن يصل صوتهم لكل نساء العالم، "بالنسبة لنا المرأة هي الوطن، نتمنى أن نطور من أنفسنا ونطلع على تجارب النساء من حولنا، نحن لسنا ضد الرجال، ولكن نحن ضد الثقافات التي تهمش المرأة أو تضطهد الإنسان أينما كان".