جودي حلب... أثبتت أن المرأة يمكن أن تكون نموذجاً يحتذى به

جودي حلب نموذج المرأة التي واجهت داعش والمجتمع اللذان يسعيان للنيل من قدرة المرأة وإصرارها وعزيمتها.

سيلفا الإبراهيم

منبج ـ صنعت جودي حلب من مسيرتها نموذجاً تحتذي به كل امرأة تسعى لنيل حريتها وحرية نظيراتها، متحدية ذهنية المجتمع التي تقيد دور المرأة.

انخرطت المقاتلة جودي حلب ذات الـ 25 عاماً في صفوف مجلس منبج العسكري بعد تحرير المدينة من مرتزقة داعش عام 2016، متأثرة بالنضال والتضحية التي أبدتها مقاتلات وحدات حماية المرأة اللواتي لعبن دوراً ريادياً في تحرير مدينة منبج.

 

YPJ" نبراس أمل للخلاص من داعش وذهنية المجتمع"

تحدثت جودي حلب عن بدايات انخراطها في المجال العسكري "مفهوم تجييش المرأة بالنسبة للمجتمع كان أمر مرفوض، نظراً للذهنية الذكورية الحاكمة في المجتمع التي ترى بأن المرأة مسلوبة الإرادة ولا تملك الحق في إبداء رأيها، لذلك لم تجد من يسندها ويخرجها من الظلم والظلام المحيط بها"، وأضافت "لكن مقاتلات وحدات حماية المرأة هن من انتشلن النساء من ذلك الظلام إلى نور الحرية وخلقن حافزاً قوي في نفوسنا وولدت عنه ردات فعل قوية تجاه ذهنية المجتمع التي قيدت دور المرأة لتكون خادمة ومربية".

وتطرقت إلى الفترة التي سيطر فيها داعش على المدينة "بالإضافة للعادات والتقاليد التي لا تعطي أي اعتبار للنساء، جاء داعش ليعيد المرأة إلى حقبة التخلف والجهل ودفن وجودها باللباس الأسود لتسود حياتها أكثر من أي وقت مضى، كما أنه كان يتحكم بها كيفما يشاء، بالإضافة لهذا الظلم الذي تعرضنا له كنساء فقد مسني ظلم داعش بشكل مباشر فقد تم أسر والدي وعمي من قبلهم، كل هذا شكل لدي ضغوطات هائلة".

وتابعت "وبتشكيل وحدات حماية المرأة التي اعتبرها نبراس الأمل لأنتقم لوالدي وأضع حداً للظلم الذي يمارس بحق النساء والخلاص من ذهنية المجتمع الذكورية، قررت الانضمام لمجلس منبج العسكري بعد تحرير مدينة منبج واقتديت بمقاتلات وحدات حماية المرأة اللواتي لعبن دوراً في تحرير المدينة".

لفتت جودي حلب في سياق حديثها على أنه "كنت أتابع تطورات حملة تحرير مدينة منبج عن كثب لأن لهيب الانتقام من ظلم داعش كان ينهشني من الداخل، وبعد تحرير مدينة منبج في عام 2016 تزوجت ثم انضممت لقوات مجلس منبج العسكري وشاركنا أنا وزوجي في حملة تحرير مدينة الرقة"، مضيفة "الزواج لم يكن عائقاً أمام تأديتي لواجبي الوطني كما أنني أم أيضاً، وأسست عائلتي على مبدأ الحرية والمساواة بين الجنسين والواجبات الوطنية لا تقل أهمية عن الواجبات العائلية بالنسبة لي، وأثبت للمجتمع بأن المرأة صاحبة إرادة، ويمكن للإنسان أن يوفي بالعهد الذي قطعه على نفسه حتى إن كان أباً أو أماً، فلا يقتصر دور المرأة على إنجاب الأطفال وتربيتهم، ومن هذا المنطلق أنا وزوجي شاركنا في حملة تحرير مدينة الرقة".

واستشهد زوجها "ماهير حلب" في مدينة الرقة عام 2019 أثناء أداء واجبه الوطني وتقول "لم يثني من عزيمتي استشهاد زوجي بل تابعت مسيرتي في المجال العسكري ومواصلة نهج زوجي الشهيد وتربية طفلي، ولأننا قطعنا عهداً على أنفسنا أن نكون مخلصين لهذا النهج، أصبح عليّ أن أوفي بهذا الوعد، وألا استسلم لظروف الحياة وأن أكمل حيث كنا، ولا زال إيماني راسخ بأن المرأة أقوى من كل الظروف".

 

نضال المرأة كان ضماناً لحفظ حقوقها وحريتها

وأكدت على قوة إرادتها في مواصلة مسيرتها "عندما يتعرض الإنسان لظروف قاسية فإنه ينهار ولكن بالنسبة لي الفكر التحرري الذي أتحلى به كان دافعاً حتى أواصل طريقي الذي يضمن حقوقي وكياني وحريتي ومساواتي مع الجنس الآخر" مضيفةً "العائلة النموذجية يجب أن تتخذ من قضية حماية الوطن واجب أساسي يقع على عاتقتها، بالنسبة لي من لا يحمي وطنه لا يستحق العيش فيه ومن لا تكون حماية وطنه أحد أهدافه ليس صاحب هدف".

بالنسبة لاستهداف نضال المرأة عبر الهجمات التي تنفذها تركيا تقول "المجتمع الدولي وتركيا لا يضعان اعتباراً لإرادة شعوب المنطقة على الرغم من أن هذه الإرادة تفجرت في وجوههم، كما أن إرادة المرأة وعزيمتها وجميع الانتصارات التي تحققها أصبحت شوكة في أعينهم، ونؤكد من جديد بأن لا شيء ينال من إرادتنا وعزيمتنا ولا شيء يستطيع أن يضع حداً لمسيرة نضالنا ونضال شهدائنا".