جنوب قطاع غزة... أوضاع النساء في تدهور

تعاني النساء والفتيات في المناطق الجنوبية في قطاع غزة من انعدام الإمكانيات الحياتية وعدم وصولهن للخدمات متعددة القطاعات مما أدى إلى تضاعف وتيرة العنف وتدهور أوضاعهن.

نغم كراجة

غزة ـ تعيش المرأة في جنوب قطاع غزة تحت وطأة الظروف القاسية والمتردية، وتتعرض للعنف والتهميش المتواصل، تحاول جاهدة تغيير الواقع المفروض عليها وتحقيق الاكتفاء الذاتي وتوفير المتطلبات الأساسية.

تقول صبحة سرحان وهي إحدى النساء اللواتي تعشن في جنوب القطاع "نواجه عنف مضاعف وصعوبات مزدوجة في المناطق الجنوبية خاصة أننا نسكن على الأطراف النائية والقريبة من الحدود الشرقية وهي منطقة غير مأهولة للسكن؛ لأنها تفتقر للإمكانيات والخدمات الأساسية".

وحول التحديات التي تواجه النساء في المناطق الجنوبية، أوضحت أن النساء تعانين من عدم قدرتهن على الوصول للخدمات الحياتية كالمياه والكهرباء، الأمر الذي يجعلهن تقطعن مسافات طويلة وشاقة جداً حتى تستطعن تلبية احتياجاتهن نظراً لأنهن تعشن في مناطق بعيدة جداً عن الطريق العام "نشهد أزمة اقتصادية شديدة وفقر مدقع حيث لا تتوفر أي فرصة عمل أو مصدر دخل يخفف حدة الأوضاع".

وأشارت إلى أن نساء المناطق الجنوبية تتحملن العبء الأكبر والمسؤولية بأكملها في الأسرة وتضطررن للبحث عن أي فرصة عمل لتستطعن تأمين قوت يومهن وتوفير الاحتياجات الأساسية، بالإضافة إلى عدم مطابقة مكان السكن للمعايير الصحية فالكثيرات تعشن في الخيام التي تفتقر للأمن.

وتحتم الأعراف والتقاليد المجتمعية على المرأة الالتزام بالثقافة الأبوية وتفرض عليها القيود التي تمنعها من المشاركة والإنتاج والخروج من المنزل، ومن جانب آخر قد يستولى على عائدها المادي من قبل الرجال في حال عملت، كما أوضحت صبحة سرحان.

وأكدت على أن المناطق الجنوبية بحاجة ماسة إلى تأهيل البنية التحتية وتأمين المتطلبات الأساسية والمعيشية، وضمان وصول النساء للخدمات متعددة القطاعات وذلك من خلال متابعة الجهات المعنية لأحوالهن باستمرار، كما ترى أنه من الضروري تنفيذ حملات التوعية بحقوقهن ومعرفة أدوارهن خاصة أن غالبيتهن حرمن من التعليم، منوهةً إلى أن ظاهرة الزواج المبكر وحرمان المرأة من الميراث والتملك وحرية التعبير تغزو المناطق الجنوبية نتيجة جهل النساء بحقوقهن "تحتاج النساء هناك إلى جلسات تثقيفية تستهدف كلا الجنسين لتطوير المعرفة بحقوق النساء وتعزيز دورهن ومشاركتهن، والتطرق لمخاطر الترويج المبكر والعنف ضدهن".

وحال صبحة سرحان كمثيلاتها في المناطق الجنوبية، تعيش ظروف اقتصادية صعبة وتقطن في منطقة زراعية خالية من كافة الإمكانيات الحياتية ونظراً لسوء الأحوال المادية قررت أن تفتتح مشروع صغير يحمل اسم "المنارة" بأدوات بسيطة يدر الدخل عليها ويلبي حاجاتها، مشيرةً إلى أنها كونت تجمع نسوي تعملن في الإنتاج الحيواني والزراعي.

ولفتت إلى أن مشروعها يخدم عشرات النساء في المواسم، وتعملن ما يقارب سبع ساعات "الأجور غير كافية ومنصفة لجهودهن لكننا مضطرات على العمل بما تفرضه الأسواق من أسعار وشروط، في محاولة لتخفيف حدة الفقر"، مشيرةً إلى أن مشروعها يضم غالبية المنتجات الغذائية والزراعية حتى تستفيد طيلة العام.

وأوضحت أن المشروع لاقى جملة من التحديات الدائمة في المنطقة أبرزها انقطاع التيار الكهربائي لساعات طويلة وملوحة المياه التي لا تصلح للزراعة مما يؤدي إلى تلف المزروعات، مشيرةً إلى أنهن تعشن في مناطق ريفية مهمشة بالدرجة الأولى تسودها الأعراف البالية والسطوة الذكورية.

كما قالت شذى أكرم إحدى الفتيات اللواتي تعشن في منطقة المواصي جنوب مدينة خانيونس "نحاول أن نتكيف مع هذه الأوضاع المأساوية فلا يوجد بديل، ونواجه عنف مزدوج ما بين انعدام الحياة المعيشية وسطوة العادات والتقاليد البالية، ليس هنالك أي مجال للاعتراض أو تخطي الخط الأحمر الذي وضعته العائلات الرجعية".

وأشارت إلى أنها جاهدت كثيراً لتستكمل دراستها الجامعية نظراً لأن الفتيات في المناطق الجنوبية تحرمن من حقهن في التعليم ويفضل أهاليهن زواجهن باكراً "أقطع مسافات طويلة حتى أصل الجامعة بسبب عدم توفر المواصلات كوننا نعيش في منطقة نائية بعيدة عن الأحياء السكنية والمنشآت والطرق العامة، كما نعاني من بعد المستشفيات والتي تحتاج مدة الوصول إليها ما يقارب ساعة ونصف من الوقت".

وترى أن المشاريع الصغيرة هي الخيار الوحيد للنساء المهمشات في مناطق الجنوب؛ لتستطعن تدبير شؤونهن وتوفير احتياجات أسرهن بدلاً من انتظار الإغاثات المؤقتة التي تأتي مرتين كل عام "المرأة الفلسطينية تبتكر وتنتج في الأزمات والظروف الصعبة، وتتحمل أضعاف الرجل وهذا ما يجعلها حاضرة في جميع المجالات".