جمعية "تيريج" تؤهل ذوي الاحتياجات الخاصة بشكل طبيعي وفعال

لدعم وتحفيز ذوي الاحتياجات الخاصة، تسعى جمعية تيريج في مقاطعة كوباني بشمال وشرق سوريا، بإمكانياتها الضَّئيلة على تشجيعهم وتأهيلهم للانخراط في المجتمع بشكل طبيعي وفعال

عذراء السعدو
كوباني ـ
 
 
تقول الرَّئيسة المُشتركة لجمعية تيريج لذوي الاحتياجات الخاصة في مقاطعة كوباني أميرة محمد علي (50) عاماً، أن الجَّمعيَّة تقدم المُساعدات حسب الإمكانيات المتوفرة، "قدمنا الدَّعم لأكثر من عشر عمليات، ولحالات تحتاج تأمين أطراف صناعية".
وتأسست جمعية تيريج لذوي الاحتياجات الخاصة في مقاطعة كوباني في شمال وشرق سوريا في 13 تموز/يوليو 2013.
 
"نقدم العلاج الفيزيائي إلى300 و 400 شخص خلال شهر"
وتُشرف الجَّمعية على معالجة 17 طفل من ذوي الإعاقة في روضة هيفي، عن طريق الجَّلسات الفيزيائية ثلاث مرات في الأسبوع، وتبين أميرة علي "نعمل على دعم ومُساندة ذوي الاحتياجات الخاصة، وخاصة من ناحية العلاج الفيزيائي".
وتضيف "منظمة MRFS الأمريكية دعمت من عام 2015 حتى 2017 الجَّمعية مادياً، بتأمين المقاعد المتحركة والعكازات، إضافة إلى تأمين تكاليف العمليات، وصنع الأرداف، وتقديم مواشي للأسر للاستفادة منها مادياً".
وأثرت معارك كوباني على الأهالي نفسياً وصحياً "الكثير من الأشخاص خسروا أجزاء من أعضائهم، ويعانون اليوم إعاقات منعتهم من العمل، ومنهم من فارق الحياة نتيجة الألغام التي زرعها داعش، ولم نتمكن من الحصول على دعم للقيام بالعمليات التي يحتاجها البعض من ذوي الاحتياجات".
وسيطر مرتزقة داعش على مدينة كوباني في 16أيلول/سبتمبر 2014، ومارسوا خلالها أبشع أساليب الظلم والاستغلال، وتمكنت قوات حماية الشعب من تحريرها في 26 كانون الثاني/يناير 2015.
وتؤكد بأن الحروب وانخفاض المياه بشكل مستمر وانتشار الأمراض، يؤثر على بنية المرأة الحامل، "عدم توفر اللقاحات اللازمة لحماية الجَّنين، يُخلف إعاقة أو شلل لدى الأطفال بعد الولادة، فقبل 2013 كان عدد الإعاقات قليل نسبياً، إلا أن اليوم في ازدياد وهم بحاجة إلى دعم نفسي، لأن العلاج الفيزيائي لا يكفي".
يعمل في الجَّمعية 14امرأة ورجل بشكل طوعي، وتضم العديد من الأقسام كالأرشيف الخاص بمعلومات ذوي الاحتياجات الخاصة، وقسم للمعالجة الفيزيائية الذي يُقدم العلاج الفيزيائي لحوالي 300 إلى 400 شخص خلال الشَّهر.
وتضيف بأنه بهدف تأهيلهم عمل قسم التأهيل العلمي على تخريج ثلاث دورات تعليمية ودورتين لتعليم الكمبيوتر "ضمت الدَّورة الأولى 8 أشخاص، والثَّانية 6 أشخاص، والثَّالثة 6 أشخاص، ومنحتهم شهادات علمية، لكن القسم أُغلق لعدم توفر الدَّعم"، إضافة إلى وجود قسم للمشاريع من أجل تحفيزهم على العمل والاعتماد على أنفسهم.
 
"عدم التَّقبل يؤثر على وضعهم النَّفسي"
وتقول أميرة علي "الحالات التي نستقبلها تتجاوب مع العلاج ويتطور وضعها الصَّحي نحو الأفضل، لكن هنالك حالات تحتاج إلى عمليات جراحية".
وبحسب الإحصاء الذي أجرته جمعية تيريج وصل عدد حالات الإعاقة إلى أكثر من ثلاثة آلاف حالة بين صغار وكبار في السن.
وعن الصعوبات التي تواجههم تقول "هناك نقص في الكراسي والعكازات، وفي الآلات، إضافة إلى عدم منح عوائل ذوي الاحتياجات أي مُساعدة لتوفير الدَّواء، فحسب القانون الدَّولي في العالم يتم تأمين فرص عمل لذوي الاحتياجات الخاصة الذين لا قدرة لهم على العمل، أو يتم تأمين راتب شهري، حتى يتمكنوا من العيش، لكن هذا كله غير مؤمن بالنسبة لهم، كما وأنه لا يوجد شوارع فيها تسهيلات لتنقل ذوي الاحتياجات الخاصة".
ووجهت نداء للمنظمات الإنسانية المعنية برعاية شؤون ذوي الاحتياجات الخاصة وحقوقهم، ولتوفير الدعم لهم من النَّاحية الإنسانية والتَّعليميَّة، "على المُنظمات افتتاح مدارس خاصة بهم، لأنهم يواجهون في المدارس العامة عدم التَّقبل والإساءة مما يؤثر على وضعهم النَّفسي". 
وتنظر الذَّهنية السَّائدة في المجتمع إلى ذوي الاحتياجات الخاصة بنظرة الشَّفقة، ولا يعترفون بأنهم أشخاص لديهم الإرادة والعزيمة والفعالية كغيرهم، هذا ما تقوله أميرة محمد علي.
وعن أبرز المشاريع تقول "نسعى لتطويرهم وتشجيعهم للانخراط في المجتمع، والاعتماد على ذواتهم، لذا نعمل على افتتاح مدرسة، ومشروع خياطة، وتعليمهم على الكمبيوتر، ونعمد إلى إجراء إحصاء عن حياتهم للتعرف على مدى قُدراتهم وأهدافهم"، وهناك مشاريع أخرى في حال حصولهم على التمويل سيبدؤون بالمباشرة فيها.
 
"إرادتهم قوية... والإعاقة الحقيقية في الفكر لا بالجَّسد"
 
 
وتقول عضو قسم الأرشيف شيرين خليل (30) عاماً، درست حتى الصَّف الثَّالث الثَّانوي، وباشرت العمل بالجمعية في 2017، "أشرف على إحصاء أعداد ذوي الاحتياجات الخاصة، وتدوين أرقامهم في سجل الأرشيف، وجمع المعلومات الشَّخصية الخاصة بهم، وفي حال ورود أي مساعدة أبلغ الأسر المُحتاجة".
وتعبر عن سعادتها لقيامها بالعمل في المجال الطَّوعي، "من خلال عملي أقدم خدمة إنسانية لمن هم محتاجون للرعاية نفسياً ومعنوياً، وأوظف طاقاتي قدر الإمكان لمُساعدتهم"، وتبدأ الدَّوام من الساعة الثَّامنة والنَّصف حتى الثَّالثة بعد الظَّهر.
وتبين "أصبتُ بإعاقة حركية بعد ستة أشهر من الولادة نتيجة خطأ طبي، وللخروج من الملل والاعتماد على نفسي قررتُ العمل، لأكون فعالة ضمن عائلتي ومُجتمعي".
وتؤكد بأنه على الإنسان ألا يستسلم ويُحارب جميع الضغوطات للوصول إلى هدفه وطموحاته "لا يُمكن اعتبار ذوي الاحتياجات الخاصة غير نافعين في المجتمع، لأن إرادتهم أقوى، والإعاقة هي في الفكر وليس الجَّسد".
أما أميرة عبد القادر (34) تعمل في  قسم المُعالجة الفيزيائية  منذ عام ونصف "أقوم بتقديم العلاج الفيزيائي عن طريق الجَّلسات والحركات للعديد من الحالات بمختلف أنواعها، ومنها حالات الجلطة والحروق".
وهناك قسم لعلاج حالات جلطات نصفية لكبار السَّن، ولأطفال يشكون من خلع الولادة، وحالات تمزق وشلل نصفي ورباعي، ولآلام المناقير، "بعض المرضى يحتاجون مرتين أو ثلاث مرات في الأسبوع للعلاج، ومنهم بحاجة للعلاج بشكل يومي".
وتستغرق مدة الجلسة الواحدة للمريض نصف ساعة، إضافة إلى مُتابعة علاجه في المنزل، "هذا يتطلب اهتمام من العائلة لمساعدته على الاستمرار في الحركة وتحسين وضعه"، وتشير إلى أنهم يشعرون بالسَّعادة عندما يتحسن وضع المريض، ويُصبح لديهم الدافع للإقدام بشكل جيد على العمل.
نساء مستفيدات من عمل الجَّمعية يصفنّ تجربتهنَّ
 
 
وتتردد خديجة مصطفى (43) إلى قسم المُعالجة الفيزيائية ضمن الجَّمعية منذُ أربعة أشهر، كانت تشكو من ألم في ظهرها ورأسها منذُ 14 عام، تقول "ظهرت لدي كتلة في الرأس، وذهبت إلى طبيب في دمشق، وصف لي دواء وهو عبارة عن إبرة بسعر مليون ومئتان ألف ليرة سورية، إلا إن ظروفنا المادية كانت صعبة، وبعد معاناة كبيرة استطاعت شرائها بمساعدة بعض الأقارب، واقترح علي الطَّبيب بعدها إجراء عملية للكتلة لكنني رفضت".
وكانت تتلقى العلاج على مدار شهرين قبل الذَّهاب إلى الجَّمعية، لكنها لم تستفد منه، "تحسنت صحتي بعد فترة علاجي في الجَّمعية، سابقاً لم أستطيع الوقوف أو السَّير على قدمي، والآن قادرة على الحركة والقيام بأعمال المنزل دون الحاجة لمساعدة أحد، وسأواظب على العلاج حتى الشَّفاء نهائياً".
وفيما أعربت جيلان بوزان (24) من كوباني، وهي أم لثلاثة أطفال، "أتردد منذ أربعة أعوام لمعالجة ابني البالغ من العمر خمس سنوات، والذي يشكو من إعاقة في قدميه، نتيجة نقص الأوكسجين"، ويحتاج إلى إجراء عملية وتدريب مستمر للمشي، إلا أن إمكانياتهم المادية غير مُساعدة. 
وتؤكد على أن الجَّلسات الفيزيائية التي يتلقاها ابنها ذات فائدة، وأصبح قادراً على الوقوف على قدميه "المعالجين يجرون له تمارين على الآلات لتقوية حركته العضلية، وبدوري أتابع علاجه وأدربه على الحركات". وطموحها في المستقبل رؤية ابنها وهو يمشي بشكل طبيعي كباقي الأطفال. 
وبحسب منظمة الأمم المتحدة يعيش أكثر من مليار شخص، أو ما يقارب 15 % من نسبة سكان العام التي تقدر 7 مليارات نسمة، مع شكل من أشكال الإعاقة، وتتواجد نسبة 80 % منهم في البلدان النامية.