جدري الماء... مرض جلدي ينتشر بين الأطفال في مخيمات إدلب
تركزت أبرز الإصابات الجلدية حول مرض جدري الماء جراء ارتفاع درجات الحرارة وانتشار حفر الصرف الصحي المكشوفة واستخدام المياه غير النظيفة، والأطفال أكثر الفئات المتضررة.
هديل العمر
إدلب ـ مع بداية فصل الصيف وارتفاع درجات الحرارة في كل عام تتفاقم معاناة المدنيين في الشمال السوري في ظلّ تفاقم الاحتياجات الأساسية داخل خيام بالية لا تقي حر الصيف، ما يساهم في تدهور الصحة العامة للكثير منهم وإصابتهم بأوبئة وأمراض جلدية متعددة.
لم تستطع الطفلة ليلى الأجدع البالغة من العمر عشر سنوات أن تنام طوال الليل جراء ارتفاع حرارتها والحكة المستمرة بعد إصابتها بمرض جدري الماء الذي أصيبت به على خلفية عدوى من إحدى صديقاتها في المخيم، فالجدري مرض فيروسي معدٍ، ويعتبر من أكثر الأوبئة الفيروسية من حيث الانتشار والتفشي.
وبصوت منخفض وإعياء واضح على ملامح الطفلة تقول إنها تعاني صداع وآلام بكامل جسدها، وهي لا تستطيع الخروج من المنزل بعد انتشار الحبوب في كامل أجزاء جسدها ووجهها.
وقالت والدة الطفلة ليلى الأجدع وتدعى مريم الصبحي (35) عاماً وهي مقيمة في مخيمات أطمة الحدودية، إن ابنتها أصيبت بالمرض بعد انتشاره الكبير في المخيم، ورغم أنها عرضت ابنتها على طبيب معالج ومنحها الدواء المناسب غير أن وضعها الصحي لا يتحسن بسرعة لارتباط مرحلة المعافاة بفترة زمنية معينة.
من جهتها أبدت كريمة اليوسف (42) عاماً مخاوفها من انتشار المرض بين أفراد أسرتها خاصة وأن العدوى انتقلت إلى اثنين من أبنائها، وتقول إن المرض سريع الانتشار في سائر الجسم، ويظهر على شكل ارتفاع في الحرارة وحبوب وبثور منتفخة ومليئة بالماء.
وأشارت إلى أن المرض أصاب أبنائها رغم منحهم اللقاحات الروتينية جميعاً، والتي من ضمنها لقاح الجدري الذي يحول دون خطورة المرض ويخفف من أعراضه.
ولمنع انتشار المرض والسيطرة عليه ضمن أسرتها المكونة من ستة أبناء اتبعت كريمة اليوسف أساليب وقائية بتخصيص أدوات للطعام ومكان لنوم ولديها المصابين ريثما يتم شفائهما.
وتعزي كريمة اليوسف تفشي المرض في مخيمهم الواقع شمال إدلب إلى الأوضاع الخدمية المتدهورة وانتشار الحشرات والقوارض والفيروسات ومياه الصرف الصحي المكشوف، ومكبات النفايات على مقربة من تلك المخيمات.
وعن أعراض مرض الجدري تقول الطبيبة روان المحمد (37) عاماً أنه يظهر على صورة طفح جلدي يكون على هيئة بقع حمراء اللون متهيجة تسبب حكة شديدة، يبدأ ظهورها في البطن والوجه والظهر وسرعان ما تنتشر على سطح الجلد بأكمله.
وتكون هذه البقع في البداية بثوراً أو حبوباً صغيرة شفافة اللون ومليئة بالماء وهو ما أعطاه تسمية جدري الماء، ثم تمر هذه البثور بمرحلة جفاف الماء بصورة كاملة وتتقلص إلى أن تختفي وتشفى بشكل كامل.
وأوضحت أن التعقيم بمحلول هيكزاميدين وخافض حرارة عند اللزوم، ومضاد للحكة في حال كانت شديدة، والأهم ألا تتعرض المنطقة المصابة أو الجسم للماء خلال فترة الإصابة لأنه من الممكن أن يزيد انتشاره، من أهم الوسائل العلاجية.
وتحذر من العبث بتلك البثور أو جلطها حتى لا تترك ندوب دائمة وخاصة في الوجه والأجزاء المكشوفة من الجسم، وتدعو لعدم الخوف من المرض فهو يصيب الشخص مرة في الحياة ويشفى بعد فترة قصيرة لا تتعدى الشهر.
وكشفت مديرية صحة إدلب عن 650 إصابة بمرض "جدري الماء" في مدارس ومخيمات محافظة إدلب خلال الأيام القليلة الماضية.
ورغم تأكيد "فريق منسقو استجابة سوريا" انخفاض معدل الإصابة الجلدية، ومنها جدري الماء، إلا أنه حذّر من ارتفاعها لمستويات أعلى خلال المرحلة المقبلة، مطالباً السكان باتباع الإجراءات الوقائية اللازمة والعمل على تلقي التطعيم الخاص بالأمراض وخاصة فئة الأطفال، داعياً المنظمات الطبية العاملة في المنطقة إلى العمل على تأمين المستلزمات اللازمة كعزل المرضى وتأمين العلاج اللازم لهم.