حياة النساء من مختلف المكونات سمة للتعايش المشترك في مدينة منبج

تنوع الثقافات والتعايش المشترك سيمة تميزت به مجتمعات شمال وشرق سوريا وعززتها الإدارة الذاتية.

سيلفا الإبراهيم  

منبج ـ تتميز مناطق شمال وشرق سوريا بالتنوع في الثقافات وخاصةً مدينة منبج التي يسكن العرب والكرد إضافة للتركمان والشركس، هذا التنوع تعرضت للتهديد مرات عديدة من قبل حكومة دمشق التي حاولت بشتى السبل صبغ المنطقة باللون العربي لتأتي ثورة 19 تموز التي عززت من هذا التنوع.

سيبال منلا (42) عاماً من المكون الكردي قضت طفولتها وشبابها في حي شعبي بمدينة منبج تميز هذا الحي بتنوع الشعوب، الأمر الذي انعكس إيجابياً على شخصيتها كما تقول في اكتساب ثقافات المكونات الأخرى.

تثني سيبال منلا على التنوع الموجود في مدينة منبج قائلةً إن المدينة "تتميز بتنوع مكوناتها، فمنذ ولادتي عاش فيها الكرد والعرب والتركمان والشركس وهذا ما عزز روح الأخوة بينهم، ومع مرور الوقت كثر عدد سكانها وبقيت هذه الروح تلازم مكونات المنطقة".

وتستذكر طفولتها قائلةً "جيراننا من الكرد والعرب والتركمان ونتيجة الاحتكاك بين هذه المكونات اكتسبنا ثقافتهم واكتسبوا ثقافتنا، تعلمنا لغات بعضنا بعضاً خلال العب مع أطفال جيراننا الأمر الذي شكل نسيجاً اجتماعياً قوي".

عن تقبل اختلاف الثقافات قالت إن الأمر لم يكن مخططاً له لأنهم عاشوا سوياً وأن النساء لهن دور مهم في نشر ثقافاتهن "الأمهات كن على تواصل قوي مع الجيران، وكانت العلاقة جيدة بين الجميع، والأطفال بدورهم يتعلمون من أمهاتهم فن التواصل مع الآخرين وتقبلهم".

منذ 12 عاماً تمر سوريا بأزمة مستمرة، أثرت على حياة السوريين بشكل كبير، وأثرت على النسيج المجتمعي، تبين سيبال منلا أن "الإدارة الذاتية في مناطق شمال وشرق سوريا أحيت الثقافات وعززتها، وحتى اللغات التي كانت تواجه خطر الاندثار أصبح لها معاهد تدرسها وأصبحت لغة أساسية في مناهجها كالسريانية والتركمانية كما أن الكرد تمكنوا من التحدث بلغتهم وتعلموا حروفها".

وترى أن الود لم ينقطع بين أهالي مدينة منبج الذين هاجروا ومن بقوا في المنطقة "تباعدت المسافات بيننا جراء الهجرة والنزوح لكننا لم نقطع علاقاتنا معاً عبر التواصل المستمر"، مؤكدةً أن مؤسسات الإدارة الذاتية والحركات النسوية التي تقتدي بفكر الأمة الديمقراطية تحتضن كافة المكونات في شمال وشرق سوريا بدأ من أصغر خلية في هيكليتها وصولاً إلى مجلس التشريعي والتنفيذي ومجلس العدالة الاجتماعية والمؤسسات النسوية، وتضم إدارة كل منطقة المكونات المتواجدة في منطقتهم في تمثيل هويتهم وإدارة منطقتهم.

ومن جانبها تحدثت آسيا الحسين وهي نازحة من مدينة رأس العين/سري كانيه المحتلة عن واقع مدينتها بعد أن سيطر عليها الاحتلال التركي ومرتزقته قائلةً "تعرف مدينة رأس العين بأنها تضم أقدم الحضارات تل حلف وحاضنة لكافة الشعوب والأديان من كرد عرب أرمن وأشور منذ تحريرها من داعش وجبهة النصرة على يد قوات سوريا الديمقراطية لكن حالها تغير بعد احتلال التركي منذ عام 2019".

وتطرقت إلى الفرق بين حكومة دمشق والإدارة الذاتية في التعامل مع التنوع الثقافي في سوريا قائلةً "حكومة دمشق حاولت تعريب المنطقة عبر سياستها التمييزية، ورفعت شعار اللغة الواحدة واللون الواحد والثقافة الواحدة، أما الإدارة الذاتية احتضنت هذه الثقافات وجعلت منها لوحة فسيفسائية، فكل مكون يمثل هويته بلغته وثقافته وخصوصيته لتعزيز مفهوم أخوة الشعوب بين المكونات".

وتعرضت مدينة رأس العين/سري كانيه للعديد من الهجمات منذ عام 2013 إلى انها استطاعت المحافظة على تنوعها ومكتسباتها ولكن بعد هجوم الجيش التركي ومرتزقته واحتلالها تم العمل من قبل الاحتلال على تتريك المنطقة من خلال فرض اللغة والعملة وغيرها.

ولم يترك الاحتلال أي حياة اجتماعية في المدينة كما قالت آسيا الحسين مبينةً أن المرأة قادرة على الحفاظ على ثقافتها، مستذكرة مقولة القائد عبد الله اوجلان (كل امرأة حرة هي وطن حر) قائلةً "على كل امرأة حرة أن تصل لامرأة مستعبدة وتحررها فهي الوحيدة التي بمقدورها إنعاش ثقافتها ولغتها وتحرير موطنها".