هواية أصبحت عملاً... بارستان علي كسرت حاجز النّمطيّة

مع التّطور الكبير في واقع المرأة بشمال وشرق سوريا، أصبحت ممارستها مهن كانت حكراً على الرجال وقيادتها للسيارة أمراً مألوفاً نوعاً ما

نسرين كلش 
قامشلو ـ ، وما زالت تعمل على كسر النّمطية، وتتجاهل النّظرات المجتمعية. 
العيب والحرام، والعادات والتّقاليد، والتّشريع الفردي القائم على المصلحة للقوانين والأحكام، قيود كبلت المرأة، ومنعتها من العمل في العديد من المجالات، لكنها تمكنت من خوض غمار التّجربة، وأثبتت أنها قادرة على الارتقاء بأي عمل تضع فيه لمستها. 
 
 
بارستان علي (23) عاماً سائقة سيارة في جمعيّة آمال الخيريّة، نزحت مع أسرتها من رأس العين/سري كانيه، إثر الهجوم التّركي عليها في عام 2019، ليستقروا في مدينة قامشلو بشمال وشرق سوريا، قالت إنها تهوى قيادة السّيارات منذ طفولتها، "شجعتني صديقاتي على الاستمرار، وعلمنني بشكل بسيط وكمبتدئة".
بعد استقرارها في مدينة قامشلو بدأت البحث عن عمل، "صادف أنّ فرص عمل السّائقات متوفرة بكثرة، ولهذا قررت الحصول على الشّهادة رسمياً". وهكذا توجهت بارستان علي إلى مدرسة القيادة، لتواجه ردود فعل مجتمع أعطى بعض المهن صفة الذكورة مقللاً من قدرة المرأة وكفاءتها على العمل "عند قيادتي للسيارة ينظر إليّ الآخرون بنظرات استهزاء"، وتضيف "لم أسمح لهذا أنّ يكون عائقاً في طريقي، ولم أقبل أن أضع نفسي تحت سطوة العادات والتّقاليد، فبرأيي المرأة والرّجل متساويان". 
تثق بارستان علي بقدرتها، "عندما أحرك المقود أشعر أنني مميزة"، مؤكدةً على أنّ هناك نساء كُثر يرغبنّ بتعلم القيادة، ولكنهنّ يخشينّ نظرة المجتمع، وتقول إن "عليهنّ النّهوض والعمل لتحقيق مرادهنّ". 
وكما في أي مجال تدخله حديثاً، توجد صعوبات، تقول عنها "لم يكن هناك مدارس لتعليم القيادة، وحملت خوفاً في قلبي من التّجربة، نظراً لكثرة حوادث السّير في المنطقة، نتيجة عدم تنظيم الطرقات". كما أخذ التّعليم وقتاً، لكنّ ومع التّجربة زادت الجرأة لديها، وبدأت تشعر بالقوة، لأن السائقات قليلات في المنطقة كما بينت.
ولعل تجربتها ساهمت في كسر النّمطية، "تحديت نفسي أولاً، لأظهر أنّ المرأة تستطيع مجاراة الرّجل في أي مجال، وتلقيت التّشجيع من أسرتي، لأنّ تجربة القيادة ليست جديدة في العائلة". وتحترم بارستان علي السّائقات، كونهنّ يعتمدنّ على أنفسهنّ، "نحن قادرات على تلبية احتياجاتنا وأسرتنا دون الاستعانة بأحد"، وترى أنه في حال كان الرّجل معياراً للقوة، فإن كفاءة المرأة تفوق كفاءته. 
ولتنجح المرأة بالقيادة عليها التّمتع بخصائص معينة، كـ "القوة، والثّقة بالنفس، والتّمكين، والتّركيز، والانتباه للسرعة حسب الطّريق، وعدم تخطي قوانين السّير وإشارات المرور". داعيةً السّائقين/ات، لتحمل مسؤولية الرّكاب. 
وحول عملها، فهي توصل موظفات جمعية آمال الخيرية وهي منظمة محلية غير حكومية تأسست حديثاً في مدينة قامشلو وتهتم برعاية النساء والأطفال من ذوي ضحايا الحرب في سوريا، إلى كل مكان حسب مقتضيات العمل، وتبين أن زميلاتها يشعرن بالرّاحة، لأنها امرأة يستطعن التّصرف بعفوية أمامها. مشيرةً إلى أنّ من تريد خوض تجربة القيادة عليها أنّ تضع كافة الاحتمالات والمخاطر أمامها، وشجعت الرّاغبات في التّعلم للبدء بالعمل على أنفسهنّ.