هند البشاري تسعى إلى تأهيل أطفال التوحد ودمجهم في المجتمع

شددت مدير مركز تواصل للتخاطب وتنمية قدرات الطفل هند البشاري على ضرورة السعي من أجل تأهيل الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التواصل أو اضطرابات طيف التوحد، والعمل على دمجهم في المجتمع.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ أكدت هند البشاري على أن انتشار المراكز الخاصة بمشاكل التواصل واضطرابات التوحد هي نتاج لحالة الوعي التي يمر بها المجتمع الليبي بوجود مثل هذه المشاكل والاضطرابات، والتي لابد من السعي بجدية من أجل تأهيل الأطفال ودمجهم في المجتمع.

أسست مدير مركز تواصل للتخاطب وتنمية قدرات الطفل هند البشاري المركز منذ ثلاث سنوات، وقالت إنه يقوم بعلاج الأطفال الذين يعانون من اضطرابات التواصل بشكل عام واضطرابات التوحد بشكل خاص من خلال جلسات فردية، مضيفةً "منذ انطلاقة المركز وحتى الآن قمنا بتأهيل 200 حالة، ووصلت نسبة الاستجابة لدينا إلى 70%، وكانت نسبة جيدة".

وعن انتشار المراكز المختصة بمشاكل التواصل وازدياد عددها فتقول "يرتبط ازدياد هذه المراكز في السنوات الأخيرة بسبب زيادة نسبة الوعي باضطرابات طيف التوحد، أو مشاكل التواصل بشكل عام، فاضطراب التوحد بدأ منذ 20 عاماً يشخص بشكل سليم، أما في الفترة السابقة كان يشخص على أنه تخلف عقلي، لذلك فأن زيادة وعي المجتمع هي التي جعلت الاضطراب يكون معروف".

وأكدت هند البشاري على أن "الوعي "زاد عن حده"، بحيث أصبح هناك تشكيك حتى في الأطفال الذين ليس لديهم اضطراب التوحد، ولكن يعانون من مشاكل أخرى في التواصل، أو أن الطفل مشاغب أو لديه فرط حركي، فيقوم أهله بجلبه للمركز من أجل العلاج".

وأوضحت أنه "يستقبل المركز الأطفال كجلسات فردية، أي لا نجمع بين طفل التوحد، والطفل الذي يعاني من مشاكل أخرى مثل فرط الحركة أو مشاكل التواصل، إلا في حال أن الطفلين يكونا متساويين في حالتهما المرضية عندها نصل إلى مرحلة الدمج أو التفاعل فتكون الجلسة ثنائية".

ولفتت إلى أهمية تأهيل المدربين أو الأخصائيين الذين يقومون بتدريب الأطفال بين الفترة والأخرى، نتيجة وجود دراسات وبحوث جديدة ونظام متطور أكثر عن اضطرابات التوحد أو اضطرابات التواصل بشكل عام، ولابد لكل مدرب أن يكون مواكب للتطور، وآخر الدراسات والأبحاث.

وأضافت هند البشاري عن نظام التأهيل والتدريب الذي تتبعه للأطفال "أقوم بتدريب الطفل بحسب حالته، لأن كل طفل يختلف عن الآخر، لذلك لم أطبق النظريات التي تحدثت عن تأهيل الأطفال، وإنما كان لي نظام خاص بي، ولكل طفل طبيعة تدخل معينة، وبناءً على ذلك قمت بتدريب الأخصائيين الذين يتواجدون معي على النظام الذي أتبعه مع كل طفل".

وأكدت على أهمية اكتساب لغات مختلفة من أجل الاطلاع على كل جديد في هذا المجال، فقد ساعدتها لغتها الإنجليزية في الاطلاع عن كثب على ما يتم نشره من بحوث ودراسات خاصة باضطراب التوحد، فقد كونت لديها أساس نظري جيد في هذا المجال، بالإضافة إلى اطلاعها على فيديوهات عن تأهيل الأطفال، ومعرفة الاختلافات بينهم.

وأشارت إلى أن الخبرة مهمة جداً فهي تكسب المدرب نظام خاص به، فالتعامل مع الأطفال على أرض الواقع يختلف عن الجانب النظري، والتفاعل مع الطفل في عدة جلسات يكون خبرة أكثر ومهارة أفضل وكفاءة تمكنه من التعامل مع أي سلوك قد يكون غير متوقع، لذلك فالخبرة هي التي تجعل المدرب أكثر نجاحاً.

وأضافت أن البيئة المحيطة والظروف التي مرت بها ليبيا سبب من أسباب السلوك الحاد لبعض الأطفال، ولكن اضطراب التوحد هو اضطراب نمائي أساسه عصبي أدى إلى خلل وظيفي، ويرافق الطفل منذ وجوده في رحم الأم، أما اضطرابات التواصل الأخرى قد يكون من البيئة المحيطة بالطفل أو ما مر به أو هناك جانب وراثي.

وقالت هند البشاري أن "هناك نسبة معروفة على مستوى العالم وهي 1:4 أي كل أربع إصابات من الفتيان هناك إصابة واحدة من الفتيات، ويتم التعامل معهم بذات المستوى، ولكل طفل خصوصية تختلف عن الآخر، لأن الأعراض هي التي تحتم آلية التعامل معه وطريقة تأهيله".

وأكدت على أن أطفال التوحد لديهم مشاكل حسية، ولديهم ترجمة للمدخلات الحسية بطرق مختلفة وغير مناسبة وملائمة لها، فمثلاً هناك أطفال لديهم مشاكل حسية في السمع فمنهم من لديهم نسبة استثارة كبيرة في حاسة السمع، ومنهم لديه تبلد جداً في هذه الحاسة، لذلك فطريقة تعاملي للطفل الذي لديه فرط تختلف عنه للذي يعاني من التبلد.

ولفتت الانتباه إلى أهمية تواجد طاقم متكامل أثناء تشخيص طفل التوحد، فتقول إنها تقوم بتحويل الطفل إلى طبيب نفسي مختص لمعرفة حالته، حتى يقوم بتأكيد التقييم الذي قامت به، فتبدأ بوضع البرنامج التأهيلي بشكل علمي ومؤكد، مضيفةً أنه لابد من وجود فريق متكامل لتقييم الطفل كمقيم نفسي، وطبيب نفسي، وطبيب خاص بمشاكل السمع، وآخر مختص بالاختبارات والمقاييس.

وعن سبب تواجد النساء بنسبة كبيرة في مراكز التواصل واضطرابات التوحد، فأوضحت هند البشاري أن نسبة النساء في دراسة تخصص علم النفس والتربية مرتفعة، فعندما تتخرجن تذهبن للعمل بتلك المراكز، وبذلك يكون التخصص هو النتاج الأول للنساء المتواجدات في المراكز، مشيرةً إلى أن عدد كبير من النساء أتجهن لهذا المجال نتيجة وجود طفل مصاب بالتوحد في العائلة، وبالتالي تحاولن أن تتعلمن حول حالة الطفل، فتتكون لديهن الخبرة في هذا المجال، وتسعين لفتح مركز خاص بهن.