حماية أنفسهن مسؤولية حملتها السودانيات على عاتقهن
لم تكن ظروف الحرب كافية لمنع تدريب واستنفار السودانيات للدفاع عن أنفسهن، فهن تمتلكن القدرة على حمل السلاح والمهارات الكافية لاستعادة حقوقهن المسلوبة ووضع حد للجرائم المرتكبة بحقهن.
ميرفت عبد القادر
السودان ـ انضمت النساء إلى معسكرات التدريب في مختلف الولايات، وجاءت هذه الحملة لحماية المدنيين بمن فيهم النساء لأنفسهم وممتلكاتهم خاصة بعد حوادث الاغتصابات والخطف المنتشرة وبيع النساء بأسواق غرب السودان وحجزهن كرهائن مقابل الحصول على الأموال وفق تقارير الأمم المتحدة.
بعد الدعوات التي أطلقها عبد الفتاح البرهان لانضمام السودانيين لحملات الاستنفار والتدريب على حمل واستخدام السلاح، رأت النساء أن حملهن للسلاح سيكون في إطار الدفاع عن أنفسهن فقط ضد العمليات التي انتهكت حقوقهن وليس لصالح أياً من طرفي الصراع.
فهناك أصوات كثيرة علت برأيها الذي يخالف هذه الخطوات معتبرةً أن هذه الدعوات امتداد لما يعرف (بالدفاع الشعبي) الذي كان في عهد الرئيس المخلوع عمر البشير الذي كان يجند الفتيات ويشركهن في القتال في حربه بجنوب السودان ودارفور، متهمين حزب المؤتمر الوطني والإسلاميين بوقوفهم وراء هذه المعسكرات وإنشائها تمهيداً لعودتهم للسلطة والحكم بعد نهاية الحرب.
ففي لقاء لوكالتنا مع الإعلامية السودانية رُشان أوشي أول إعلامية انضمت لصفوف التدريب قالت "انخرطت النسوة بالمعسكرات لتلقي التدريبات بهدف حماية أنفسهن خاصة مع وقوع حوادث الاغتصاب والاعتداء الجسدي على النساء بمناطق انتشار مليشيات الدعم السريع".
وأضافت "خاصة بعد أن نشرت مليشيات الدعم السريع مقاطع فيديو لجرائم اغتصاب جماعي لنساء بمناطق انتشارهم، ولد ذلك حالة من الرعب لدى الأسر، حيث اضطرت بعضها لإخراج نسائها من المناطق الملتهبة إلى الولايات الآمنة، وهناك فُتحت معسكرات التدريب على استخدام الأسلحة الخاصة بالدفاع عن النفس منها الكلاشنكوف".
وعن كيفية بدء الفكرة قالت قائد تدريب النساء بمعسكر بورتسودان علياء أبونا "رغم أن دعوة عبد الفتاح البرهان لم تكن موجهة للنساء في بادئ الأمر، لذلك تقدمت بمقترح لتدريب النساء على فنون القتال والدفاع عن النفس ولاقى المقترح الموافقة وبدأنا بالتسجيل للمعسكر الذي وجد قبولاً كبيراً لدى النساء وبعدها تم فتح أكثر من سبع معسكرات بالولايات الآمنة وحتى الآن تم تخريج 6 دفعات آخرها تخريج متدربات ولاية كسلا قبل عدة أيام".
ولفتت علياء أبونا إلى أنه في بداية الأمر كانت معظم المنضمات للتدريب هن نازحات من مناطق الحروب منهن كن شاهدات على عمليات اغتصاب تمت أمام أعينهن ومنهن كن ضحايا "بداية قدم لهن معسكراتنا العلاج والتأهيل النفسي قبل الانتقال إلى التدريب العسكري الذي اشتمل على فك وتركيب السلاح وكيفية إطلاق النار من الأسلحة الخفيفة وكذلك تدريبات على فنون الدفاع عن النفس والقتال حيث يستمر التدريب الأولي 45 يوماً بعدها تنتقل للتدريب على الأسلحة الثقيلة"، مضيفةً "انضمت آلاف النساء من المناطق الآمنة بعد ذلك للتدريب خوفاً من توسع رقعة الحرب ووصولها إليهن".
وحول الأهداف الحقيقية وراء تدريب النساء وهل سيزج بهن في الحرب إلى جانب الجيش السوداني أو سيتم إشراكهن في العملية السياسية بعد انتهاء الحرب، قالت آمنة أوهاج إحدى المتدربات بمعسكر بورتسودان "هدفنا فقط حماية أنفسنا من الجرائم التي قامت ضد النساء سواء على يد مليشيات الدعم السريع أو أي جهة أخرى، المرحلة ما بعد الحرب ستكون مرحلة حرجة وخطرة لا مكان فيها للمجاملات في العملية السياسية".
بدورها قالت الصحفية حياة حمد اليونسابي "في ظل الوضع الراهن للسودان تعتبر النساء مجرد وسيلة وأدوات للوصول إلى إنهاء الحرب واستمرار التسلط في الأنظمة السياسية الحالية، فحتى لو تم إشراكهن في الحياة السياسية تعتبر ترضية ليس إلا فنحن بعد هذه المرحلة الحرجة نحتاج حكومة كفاءات متخصصة ديمقراطية في أنظمتها".
وأضافت "أنا ضد تجنيد النساء للقتال مع الجيش السوداني والدفع بهن إلى المخاطر أياً كانت الضرورة والأسباب، فهناك عدة مخاطر تواجه النساء على خلفية حملهن السلاح، فالنساء ستواجهن تحديات خاصة مثل التمييز على أساس الجنس في القوات المسلحة، والمخاطر الجسدية والنفسية المرتبطة بالنزاعات المسلحة ويمكن أن تتعرض النساء لمخاطر إضافية مثل الاستغلال الجنسي والعنف في مناطق النزاعات".
وأضافت "في بعض الثقافات، هناك تحفظات مجتمعية على فكرة حمل النساء للسلاح، حيث يُنظر إلى أدوارهن التقليدية على أنها تتعلق بالرعاية والعناية وليس بالقتال".
أما أميرة عثمان رئيسة مبادرة لا لقهر النساء قالت "مبادرتنا دعت مرات عدة قبل الحرب لفصل قوات الدعم السريع عن الجيش السوداني على خلفية ما قامت به الأولى من أعمال عنف جنسي ضد النساء بدارفور وكان الجيش السوداني يرى في هذه القوات الحليف واليد اليمنى ولم تنصت لدعواتنا والآن بعد أن تحقق ما تنبأنا به تريد القوات المسلحة الزج بنا في هذه الحرب التي طالما كنا ضدها ورفعنا شعار "أرضاً سلاح" فعلى القوات المسلحة حماية النساء وليس الزج بهن في الحروب".
كما ترى الإعلامية شذى عبد العال إنه "في السودان هناك إشراقات في اتجاه التدريب على حمل السلاح رغم أن السودانيات لم تجبلن على مثل هذه الفنون القتالية، ولكن الوضع الآن في السودان يحتم عليهن التدريب لتطوير مهاراتهن في الدفاع عن أنفسهن".