هل تفتقد المرأة في ليبيا للأمان في أماكن العمل والمؤسسات الحكومية؟

أكدت عاملات في القطاع العام أن طبيعة العمل ومكانه هو الذي يحدد درجة الأمان للمرأة، مشددات على أن النساء في ليبيا تفتقدن الأمان الاجتماعي في ظل غياب القانون.

ابتسام اغفير

بنغازي ـ تساءلت عدد من النشاطات عبر مواقع التواصل الاجتماعي عن مدى الأمان الذي تشعر به المرأة في أماكن العمل والمؤسسات الحكومية في ليبيا؟

جاء تساؤل الناشطات الليبيات بعد قيام موظف في مطار بنينا الدولي بكتابة رقم هاتفه على جواز سفر إحدى النساء المسافرات، ويعد ما قام به الموظف إلى جانب كونه تحرش وتعدي على ملكية غيره، قد أتلف وثيقة السفر والتي تعد من الوثائق المهمة، والتي تتطلب بعد كتابة الرقم عليه أن يتم إلغائها، واستخراج وثيقة جديدة بدلاً عنها.

وقد كشفت هذه الحادثة عما تواجهه المرأة في المؤسسات العامة في الدولة، وأماكن عملها من تصرفات قد لا تتحدث عنها كثير من النساء، في هذه اللقاءات تحدثت وكالتنا مع بعض النساء عن هواجسهن وخوفهن مما يحدث لهن في هذه الأماكن.

تقول حميدة سعد البرعصي وهي تعمل معلمة "كوني معلمة فهذا يجعلني دائماً في دائرة عدم الشعور بالأمان، ففي فترة زمنية معينة في ليبيا، وبحكم عملي وإشرافي على الامتحانات وعندما يتم الضغط على الطلبة بعدم الغش، حين أخرج أجد من ينتظرني من أهلهم من أجل إخافتي، وذات يوم تهجم علينا بعض الأهالي في غرفة الكنترول".

وأشارت إلى أن "أماكن العمل أو طبيعة العمل الذي تقومين به، هو الذي يحدد درجة الأمان للمرأة، وبصفة عامة نحن كنساء في ليبيا نفتقد للأمان في ظل غياب القانون، إضافة إلى التحرش المستمر في أي مكان نذهب إليه حتى أنهم لم يعودوا يحترمون عمر المرأة فهو يقول لك يا أمي ويقوم بمعاكستك في ذات الوقت، كذلك أثناء قيادتي للسيارة، وفي أحيان كثيرة أقوم بالمواجهة".

وأكدت على أن "هناك موظفون في أماكن عامة لا يحترمون المرأة ويقومون بالتحرش بها، بأي طريقة حتى إنهم يكتبون أرقامهم الخاصة ويعطونها لنا أمام من يرافقنا"، لافتةً إلى أن "هذه المواقف تسبب لنا الكثير من المشاكل فيما بعد، وتؤثر بطريقة ما في اختيار الأماكن التي نزورها حتى لا نتعرض لمثل هذا الموقف مرة أخرى".

ولفتت إلى أن الثقة بالنفس وكيفية التصرف هي ما تخفف من حدة ما قد يحدث "نحن النساء إذا لم نعرف كيف نتصرف حيال ما يحدث لنا قد يتطور إلى مواقف أعنف"، وتتمنى حميدة البرعصي أن "تعيش المرأة في أمان وتشعر به أينما ذهبت فهناك بعض من الفئات أصبح لديها استهتار خلقي غير عادي".

من جانبها تقول سهير المقرحي موظفة بالشؤون الاجتماعية "أنا دائماً ما أتواجد في المؤسسات الاجتماعية والمصارف، لذلك أرى أن درجة الأمان التي لابد أن تشعر به المرأة ينبع من شخصيتها، لذلك أنا أشعر بالأمان أينما ذهبت، لأنه بقوتي لا يستطيع أحد أن يتعرض لي بأي شكل من الأشكال".

وأكدت على أن "المرأة في أحيان كثيرة عندما تريد القيام بعمل ما في مؤسسة حكومية يطلب منها مقابل من قبل الرجل، ولكن هنا لابد أن تقول المرأة للرجل "وقف المقابل وخليه عندك"، وأنني لم أعد أريد العمل".

ولفتت إلى أن "المضايقات كانت كثيرة عندما كانت المصارف مزدحمة ولا توجد سيولة كافية، هنا يبدأ استغلال المرأة ومضايقتها بشكل كبير، ولكن متى ما سكتت المرأة عما يحدث لن يتوقف الرجل عن مضايقتها والتحرش بها، لذلك لابد لها من الرد في ذات الوقت وعدم السكوت عما تتعرض له"، مشددة على أهمية قوة شخصية المرأة وكيفية تصرفها في الوقت الذي تتعرض لأحد الانتهاكات كالتحرش".

فيما تقول عزيزة البوسيفي وهي موظفة بوزارة الشؤون الاجتماعية "اتمنى أن ينظر كل رجل للمرأة على أنها أمه أخته ابنته ويبتعد عن الأفكار والنظرة السيئة لها، ويتم التعامل معها بكل احترام، وهذا لابد أن ينبع من داخله لأنه حتى لو وضعنا قوانين وتحدثنا عن المسؤولية المجتمعية، لن يردع الرجل إلا شيء ينبع من داخله، فالمرأة هي عبارة عن مشاعر، فقد تقول كلمة لها تجرحها وتؤذيها"، مؤكدةً على ضرورة شعور المرأة بالأمان في مكان عملها أو المؤسسات الحكومية التي تذهب إليها من أجل قضاء مصالحها.

وحول الأمان الاجتماعي وكيف يتحقق للمرأة تقول المتخصصة في علم الاجتماع فائزة محمد جابر "الأمن والأمان الاجتماعي يعني درجة الرضا أو الشعور بالطمأنينة داخل المجتمع وهذه الأشياء تتوفر عبر مجموعة من المرتكزات الأساسية، فعندما يكون هناك نظام وسلطة تشريعية وتنفيذية وقضائية ستشعر بالأمان سواء في الوقت الحالي أو قبل ذلك فهذا سيخلق نوع من الأمان".

وأوضحت أن "الأمان في المؤسسة التي تعمل بها النساء سواء أكانت قطاع عام أو خاص هناك بنود ومجموعة من الآليات للحفاظ على أمن الموظفة من أي مضايقات، وعندما نتحدث عن الظروف التي مرت بها ليبيا من حروب ونزاعات جعلتنا نفتقد نوعاً ما للأمان الاجتماعي داخل بعض المؤسسات أو في الشارع وفي بعض الأماكن العامة".

وقالت في ختام حديثها أنها "تشعر بالأمان أينما ذهبت وبالثقة في الناس الموجودة معها في أماكن العمل، وبما أنني أمارس حياتي بحرية، أشعر بالاطمئنان أينما ذهبت".