هل ستستثمر الإيرانيات تجاربهن على مدار سنوات لتحصيل حقوقهن؟

مرت نساء إيران بمراحل مختلفة من النضال، فربما يظن المتابع للأحداث الأخيرة أن مقتل جينا أميني هي أولى التضحيات التي قدمتها، لكن على العكس من ذلك فقد قادت الإيرانيات عدة ثورات للمطالبة بحقوقهن واستعادة ما سلب منهن.

رفيف اسليم

غزة ـ أكدت الباحثة دنيا الأمل إسماعيل أن النساء في إيران أثبتن أن لهن باع طويل في الدفاع عن حقوقهن، وأن ثورتهن ومطالبهن لم تأتي بشكل عبثي، وأنهن قادرات على إحداث تغيير في البلاد وإن كان ثمن الذي سيدفعنه خسارة أرواحهن.

أوضحت الكاتبة والباحثة دنيا الأمل إسماعيل، أن واقع النساء في إيران وشرق كردستان مر بمرحلتين مفصليتين، وهما مرحلة بناء الدولة التي أقامها الشاه الإيراني عام 1925، التي اعتمدت خلالها الدولة على منع فرض الحجاب واتباع نهج يحرر النساء من كافة القيود المفروضة، والمرحلة الثانية خلال عام 1979، التي عرفت بمرحلة الفقيه حيث تسلم الحكم ابن الحاكم السابق للبلاد، فكانت خلاف فترة أبيه ففرض الحجاب على النساء بقوة القانون وهو ما يسمى "بالشادور" وأصبحت من لا ترتديه تعاقب وتسجن، كما أنه أرجع الحكم للنظام الإسلامي.

وقالت "أن الجميع يظن أن ما تسمى بشرطة الأخلاق ظهرت حديثاً مع مقتل الفتاة العشرينية، لكن ذلك الجهاز من الشرطة قد أسس منذ قيام الثورة الإسلامية في إيران، لاعتقال المخالفات لقانون اللباس أو الذين يرتدونَ ملابس غير لائقة".

وترى دنيا الأمل إسماعيل، أن المرحلتين لم تنصفا المرأة وتمنحاها حقها في حرية الاختيار، فهي لها كامل الإرادة في تقرير مصير جسدها، دون وجود قانون يلزم أو ينفي ذلك، خاصة أنه قد ظهر عدة نماذج من النساء الباحثات والمبدعات والمثقفات اللواتي أثبتن قدرتهن على اتخاذ القرار، لافتةً إلى أن النساء في إيران اجتهدن في تطوير أنفسهن.

وأشارت إلى أنه بعد انتشار فكر وفلسفة القائد عبد الله أوجلان وتبنيه إيدلوجية حرية المرأة كونها مواطن لها حقوقها الكاملة وعليها واجبات وبسبب أفكاره التنويرية التي منحت النساء منظور فكري تحرري للبدء من خلاله، بدأت الإيرانيات تنظمن أنفسهن في جماعات، كالجمعيات النسوية التي تبنت فكرة المقاومة السلمية ودور المعرفة للنهوض بالنساء.

ولفتت إلى أنه على إثر ذلك بدأ يظهر لدى النساء في إيران وشرق كردستان الجرأة في طرح القضايا المختلفة، بل واختفى الخوف الذي كان يسيطر عليهن، لتصبح قائدة للعديد من الاحتجاجات كي يتم الضغط على السلطات لمنحهن حقوقهن في سبيل تحسين ظروفهن الحياتية عبر تعديل القوانين لتوثق تلك التغييرات بقوة القانون كما حدث من قبل.

وشرعت النساء بحسب دنيا الأمل إسماعيل، بتنظيم أنفسهن في مؤسسات للدفاع عن حقوق المرأة كما شرعن في الاهتمام بالبحوث التي تعنى بواقع المرأة في إيران وكيفية النهوض بها، وتعليم اللغة والاهتمام بالنشاط الاجتماعي الذي يهتم بمتابعة واقع الأسرة والمرأة وتقديم الدعم والمساندة لها تمهيداً للحصول على حياة كريمة تلبي احتياجاتها.

وتذكر دنيا الأمل إسماعيل أن تلك النشاطات الاجتماعية لم تعجب السلطات فشرعت بالتضييق عليهن واعتقالهن ومنعهن من أداء الأدوار الاجتماعية فتحولت تلك الأدوار إلى سياسية شرعن من خلالها لقيادة الاحتجاجات العامة والمظاهرات السلمية بالشوارع التي تطالب بحقوقهن الكاملة وإعطائهن أدوارهن في بناء البلاد وتطوير قدرات المجتمع.

وقد ظهرت عدة مؤشرات تدل على تطور الحركة النسوية الإيرانية كما أوضحت دنيا الأمل إسماعيل منها ظهور السينما التي تناولت قضايا مختلفة مسلطة الضوء على معاناة المرأة الإيرانية وتجربتها الخاصة، وقد حصدت بالفعل العديد من الجوائز العالمية في مهرجان كان الفرنسي مؤخراً.

وأكدت دنيا الأمل إسماعيل في ختام حديثها على أن المرأة الإيرانية قوية، وقد أثبتت أن لها باع طويل في الدفاع عن حقوقها، وتلك المطالبات لم تأتي بشكل عبثي بل جاءت على علم ودراية ومعرفة طويلة كونتها من خلال تطوير وتثقيف نفسها، لذلك أمر غير بعيد أن تحدث تحولات عدة في بلادها تمكنها من العيش بكرامة وسيادة وإن كان ثمن الذي سيدفعنه خسارة أرواحهن.