هدى نعيم: المرأة إن حددت الهدف تستطيع إنجازه

يعتبر وصول المرأة إلى مراكز صنع القرار في الدول العربية ليس بأمر سهل، بل يحتاج إلى العمل والمثابرة كي تثبت جدارتها مقابل الرجل الذي يستحوذ على تلك الأماكن

رفيف اسليم
غزة ـ .
فكرة أن الرجل هو الأحق والأكثر قدرة على اتخاذ القرارات، أخذت تتلاشى من خلال تواجد نساء فرضن أنفسهن وأثبتن أن المرأة تستطيع أن تتخذ القرارات وأن تعترض على ما لا يناسبها وهذا ما جسدته النائب هدى نعيم طوال السنوات السابقة.
أوضحت النائب هدى نعيم خلال لقاءٍ لها مع وكالتنا، أن وصولها للمجلس التشريعي لم يتم بين ليلة وضحاها بل استنزف منها الكثير من الوقت والجهد والعمل كي تثبت أنها الأجدر بينما كان يتم التعامل معها على إنها امرأة أي محدودة القدرات، مؤكدةً أن تجربتها داخل حزب إسلامي قد صعب الأمر نوعاً ما فليس من السهل أن تقنعي الرجال ضمن إطار الأحزاب الإسلامية أن النساء يستطعن اتخاذ القرارات بعقلية حيادية.
وأشارت هدى نعيم إلى أن دخولها للمجلس التشريعي كان من خلال انتخابات تمت داخل حكومة حماس في غزة، وقد رشحت من البداية بسبب سجل أعمالها السابق والخدمات التي قدمتها للنساء وللمجتمع لتفوز بأغلبية ساحقة في كلاً من الانتخابات الداخلية ومن ثم التشريعي، لافتةً أن على أي فتاة تحلم بأن تصبح في مكانها أن تبذل الكثير من الجهد وأن تكون بالقرب من الناس والمجتمع لتساعدهم وتأخذ بيدهم لأنهم هم من سيدعمونها فيما بعد.
وبالعودة للظروف التي هيأت هدى نعيم لتولي هذا المنصب تشير إلى أن سنوات عملها في الجامعة هي من هيأتها لتصبح نائب اليوم من خلال ترشيح نفسها لتكون عضو في مجلس الطالبات بالجامعة في سنتها الدراسية الأولى، وقد فازت بالفعل عبر مجلس مكون من 4 طالبات فقط، موضحةً أن عدد الطلبة في ذلك الوقت بالجامعة لم يتعدى الخمسين وقد باشرت تولي مسؤوليتها على أكمل وجه من خلال متابعة أمور الطالبات وحل جميع مشكلاتهم.
ولكنها اضطرت أن توقف دراستها بسب ضائقة مالية تمر بها عائلتها فقررت العمل لتوفير المال وإكمال جامعتها فيما بعد لتجد تلك الوظيفة في الجامعة وتعين أمينة المكتبة وهي لم تكمل السنة الدراسة الثانية بحدود عام 1996، موضحة أن خلال عملها في المكتبة كانت الطالبات تذهبنَّ إليها وتطلبنَّ منها المساعدة كما في السابق، لكن كان من الصعب أن تساعدهم دون صلاحيات من الجامعة فعرضت الأمر على الإدارة لتتولى من جديد مهمة مشرفة العمل الطلابي بالجامعة.
ونوهت هدى نعيم إلى أن قطاع غزة في ذلك الوقت كان يتوافد إليه طالبات من العراق ومن دول الخليج لإكمال دراستهم الجامعية، فكانت تساعد الطالبات المغتربات على إيجاد السكن المناسب كما وتعمل على توفير المساعدات النقدية لتغطية نفقات دراسة بعض الطالبات الأخريات إضافة لإشرافها على العديد من الأنشطة اللامنهجية في الجامعة مثل المسرح والرحلات، مضيفةً أن من ضمن عملها أيضاً التواصل مع الجامعة لتوفير قاعات مناسبة للدراسة.
بعد مرور ثلاثة سنوات أكملت هدى نعيم دراسة البكالوريوس تخصص خدمة اجتماعية وقد وظفت ما كانت تدرسه خلال تقديم خدماتها للطالبات مع توفير بريد للشكاوي الخارجية في حال شعرت أحد الفتيات بالحرج من التوجه إليها، مشيرةً أنها أول من أوجدت فكرة وحدة الإرشاد النفسي والاجتماعي الأكاديمي والتي تعمل بها الجامعة الإسلامية في قطاع غزة حتى اليوم، وأنها بعد عدة سنوات أصبحت مسؤولة ملف العمل الطلابي وتتابع كافة تطوراته أهمها انتخابات مجالس الطلاب.
وبالرجوع لعملها في المجلس التشريعي تقول هدى نعيم أنه منذ اليوم الأول لتوليها العمل كان هناك حالة ترقب ومتابعة شديدة من قبل النواب لها، لذلك دوماً ما كانت تشعر أنها داخل تحدي كبير متمثل في تغير عقول النواب حول ماهية المرأة وما الذي تستطيع إنجازه خاصة أنها المرأة الوحيدة بينهم، مشيرةً أن بعد نجاحها بإزالة تلك الأفكار سعت لعمل خلية نسوية داخل البرلمان مكونة من عدة نساء ذات الانتماء السياسي المختلف لكنها لم تنجح.
ولعل ذلك لم يجدي نفعاً بحسب هدى نعيم بسبب رفض الشخصيات النسوية التخلي عن أحزابهن والانصهار في تجمع نسوي يخدم النساء لذلك ذهبت جهودها سدى، كما بقيت المصادقة على تعديلات بعض القوانين التي تخدم مصلحة النساء لاغية بسبب حل المجلس التشريعي من قبل رئيس دولة فلسطين محمود عباس، لافتةً أنها من خلال مركزها سعت للدفاع عن المرأة والمطالبة بحقوقها في التعليم والصحة والعمل لأن المرأة هي المجتمع بأكمله ولا يمكن فصلها عنه.
وأكدت هدى نعيم أنها تولي ملف ذوي الإعاقة اهتمام خاص كونها الفئة الأكثر احتياجاً للتمكين كي يستطيعوا أن يطالبوا بحقوقهم، كما تولي قضية العنف ضد النساء اهتمام أكبر لأنها قضية مجتمعية من الدرجة الأولى متعلقة بنشأة الأطفال الذكور وطريقة تربيتهم، ملفتة أن تغليظ العقوبة في حوادث العنف لن يفي بالغرض خاصة في قضايا قتل النساء إن لم يكن الأساس التربوي سليم للطفل.
وأوضحت هدى نعيم أن أكثر المشاكل التي تعاني منها النساء السبب الأساسي لها هو عدم معرفة الرجل كيف يتعامل مع المرأة وعدم معرفته لاحتياجاتها أو اعترافه بحقوقها، "نوصي بالعمل على تعديل مناهج التعليم وتطويرها في العالم العربي لتوفير بيئة سليمة تستوعب النساء ولا تنكر حقوقهن الطبيعة بالحياة".
وتحاول هدى نعيم أن تبقي أرقام التواصل الخاصة بها مع كافة المواطنين خاصة النساء لسماع مشكلاتهم وتوجيههم لأقرب مركز مختص يستطيع حل المشكلة من جذوها فيما تتلقى عشرات الاتصالات يومياً عدا عن الرسائل التي ترسل لها عبر موقع التواصل الاجتماعي، مختتمة أنها اليوم أنهت دراسة الماجستير مطالبة جميع النساء ألا يتنازلن عن حقوقهن أو أحلامهن لأن الأحلام تؤجل ولا تلغى بالرغم من كل الصعوبات فالمرأة إن حددت الهدف تستطيع إنجازه.